كوادر الجيل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فارس الاحلام

اذهب الى الأسفل

فارس الاحلام Empty فارس الاحلام

مُساهمة من طرف الروائية الصغيرة الإثنين سبتمبر 05, 2016 10:44 am

بين الحلم واليقظة
عالم اسود لا محدود يملئه الفراغ
يقبض على قلوبنا المرعوبة من الضياع
يشد عليها الى انتهاء تلك المرحلة
فندخل عالم الاحلام
ينتهي ذلك الفراغ الاسود المهيب
لكن يبقى ذلك االشعور بالضياع
كأن ما يربطك بالحياة خيط رفيع
فتخشى ان تتحرك بحرية كي لا ينقطع
ولا يجيد الحراك به الا من تمرس فيه


تركبت حولها جسميات خيالية لتكشف عينيها عن جبال بعيدة نسبيا يغشاها ضباب طفيف، ارض ترابية واسعة وجرداء، وبعض الصخور والشجر موزعة من هنا وهناك... والثوب الباهت الذي غطاها من راسها لاخمص قدميها زاد من خناق المكان الحار
خطت خطوة لتكتشف مكانها الغريب، وما ان وطئت قدمها الارض حتى دوى طنين مزعج انتشر ذبذبته بكامل المنطقة محركا الغبار حولها واغصان الشجر، اغلقت اذنيها بانزعاج حتى انخفض الصوت تدريجيا وعادت الاوضاع الى ما كانت عليه بيد ان شيئا واحدا تغيير وهو ظهور اشخاص تحمل مظاهرهم سمات الاجرام
تجمعو حولها حاملين خناجر حتى نطق احدهم قصيرا وسمينا:"اخيرا شخصا يمر هذه المنطقة القاحلة... لا بد انه يحمل بعض الذهب والجواهر.... او على الاقل طعام او ماء" وافرج عن ضحكة بلهاء كشفت اسنانه الصفراء تتوسطهم واحدة ملبسة بالذهب، لم يكد يقشعر بدنها من منظره حتى نطق رجل طويل وعريض من خلفها: "وانا سآخذها لاطعم بها كلابي الجائعة" امسك القصير عبائتها ليخلعه فتظهر بفستان فاخر مطرز تطريزات راقية، ذراعاها مليئة بالاساور وشعرها الحريري الاسود تناثرت على كتفيها الناصعتين، وغطت بعض خصله وجهها ليخفي عيناها العسليتين الكحيلة، كما سقط من راسها التاج، اقترب القصير ليأخذه عن الارض فيتأمله مبتجها ويقول:"من لدينا هنا؟ الاميرة بلحمها وشحمها!..." امسكها الطويل عريض من ذراعها ليسحبها اليه وينظر الى نضارة وجهها فيقول:"هذا الوجه يحمل الينا بشارة عظيمة، كم تظن بامكاننا ان نطلب فدية لاجلها؟..." خافت منه وحاولت الصراخ مستنجدة لكن صوتها ابى ان يساعدها، تصرخ وتصرخ لكن ما من صوت يعتلي...ابعد يد ذلك العريض صوت غليظ تمنت لو لم تنظر لصاحبه، اهو من البشر ام من الحيوانات؟ ام انه مخلوق فضائي نتن، والافظع من منظره او صوته هو ما احتوى كلامه: "اتركوها لي، فانا احب طعم الاميرات" حينها ارتعدت اوصالها وظنت انها النهاية، المخلوق النتن يقترب وقدماها تعسيانها عن الهروب، اخذت تركض وتركض لكن خطواتها كانت ثقيلة جدا، حتى غدت كأنها في مشهد مؤثر لفيلم يعرض ببطئ لكن العالم حولها لم تتأثر بالتبطيئة
فجأة فرغ المكان منهم ولم يبقى منهم لديها الا الصدمة من تصرفهم، وعبارة رددوها وهم يفرون "اتى فارس الاحلام" حولت نظرها للجهة المعاكسة لهم لترى غبارا يتصاعد يقترب نحوها، شعور بالطمئنية اختلج قلبها لعلمها انه المنقذ،
توقف عندها شاب اسمر يعتلي حصان ناصع البياض، نزل الشاب اليها لتتضح ملامحه، عيناه العسليتين الحادتين، شعره المبعثر ويصل حد رقبته، يرتدي قميصا ابيضا ربما ليليق بجواده، وسروالا من الجينز الممزق عند الركبتين...
انحنى بلباقة على غرار ملابسه المشبشلة، فلم تتصور يوما ان يكون فارس الاحلام على هذه الهيئة، لكن تصرفه كان في محل ظنونها التي بنتها سابقا عنه...
القى التحية ثم نظر اليها بابتسامة سحرتها عن كلامه ليطرق بقضبته على راسها قائلا: "ركزي معي يا فتاة" استيقظت حينها لتحمر خديها وتقول بخجل:"انا بالفعل اركز معك... بل واكثر من اللازم"
رد ساخرا:" فاذا ركزي على كلامي وليس علي انا..."
بحماس قالت: حسنا... ما الذي كنت تقوله؟
تنهد بانزعاج ليقول: كنت اسالك عن اولئك الحمقى... اين اختفوا؟... على راس كل واحد منهم جائزة كبيرة وبالاخص ذلك المخلوق النتن، لست ادري كيف يستطيع ان ينظر الى منظره في المراة ويبقى حيا
اجابته ببراءة: لقد رأيته انت وبقيت حيا
- هذا لانني لست هو
- اهو جبان لتلك الدرجة
- في كل لحظة تبرهنين لي انك اكثر غباء، ما كنت اقصده انني لو كنت مكانه وانا بذلك الشكل لكنت انتحرت
ركب سهوة حصانه قائلا:"يبدو انك لا تعلمين شيئا... لذلك لن تنفعيني... وداعا
بصدمة قالت: هل ستذهب وتتركني هنا وحدي؟
نظر اليها مستغربا وقال لها:" هل ستأتين معي وانت بالكاد تعرفينني؟
- الست فارس الاحلام
- ابتسم ابتسامته الواثقة ليقول "شهرتي تسبقني اينما حللت" اعاد النظر اليها ليقول:" على كل حال انا متوجه عند قطاع الطرق اولئك، هل اشتقت اليهم لتذهبي معي؟
احتارت ماذا تفعل حتى قالت اخيرا: "على الاقل خذني الى مكان امن، الليل قريب ولا اعرف مكانا هنا
. - نظر اليها بغباء ليقول: اليس هذا حلمك!... يفترض بك ان تعرفي به اكثر مني...
امر حصانه بالمضي وانطلق تاركا اياها فارغة فاهها
عندما رأته بدأ يبتعد نظرت حولها لتجد دراجة نارية جمل بطح، اسرعت اليها وهي تمزق فستانها لتخلعه فتبدو ملابسها الاصلية عبارة عن سترة جلد سودا وسروال حينز ممزق ايضا عند الرقبتين، لم تتعنى بالنظر الى ملابسها الغريبة فكانت تشغلها فكرة ملاحقة فارس الاحلام، لكن تلك الفكرة لم تثنيها عن تسائلها عن ماهية قصة تمزيق سراويل الجينز عند الركبتين...
ركبت الدراجة، وضعت الطاسة على راسها وانطلقت باقصى سرعة، ما هي ثوان حتى وصلت اليه وشحطت امامه ليقف الحصان يصهل ذعرا...نظرت اليه من خلف زجاجة الطاسة بتحد بعد ان هدأ حصانه فينظر اليها بدوره بانعجاب، صفق لها ليقول:" فتاة قوية مثلك لن يؤنبني ضميري لو تركتها وسط الصحراء، كنت قد نويت ان اعود اليك لاخذك الى مكان امن بعد التخلص من قطاع الطرق، لكن يبدو انني سارتاح من هذه المهمة
لوح بيده مستخفا: هيا ابتعدي الان من طريقي
- بتحد وعناد اردفت: دلني اولا الى مكان اذهب اليه
- مرر اصابعه بين خصلات شعره السوداء ليقول باستسلام مكابر: حسنا... هناك مكان واحد يمكنك الذهاب اليه
تفكر قليلا ليقول: على بعد خمس كيلومترات من هنا تجاه الشمال تجدين دار لذوي الحاجات الخاصة
اذهبي الى هناك سيهتمون بك جيدا"
اطلق ضحكته الساخرة لينطلق بحصانه تاركا اياها فارغة فاههة مرة اخرى
استيقظت من شرودها واسرعت اليه لتشحط بالدراجة امامه مرة اخرى فيذعر الحصان مجددا، هدأه ثم تنهد بيأس ليقول:
-انا اتحداك... ساحصل على راس ذلك النتن قبلك... وبعدها ستلبي جميع طلباتي
سبقته بالكلام اعلاه لتهرب منه ضحكة لا ارادية فيقول: انت!... لقد كدت تموتين رعبا عند رؤيته...
- حسنا لقد كان ذلك قبل رؤيتك... اما الان افضل رؤيته على رؤياك
- ساخرا: لقد اخبرتك... لا مكان لك الا في دور ذوي الحاجات الخاصة...
هزت بكتفها لا مبالية لتقول: اضحك الان قدر ما تشاء، فمن يضحك اخيرا يضحك كثيرا...
اشغلت دراجتها النارية وانطلقت دون ان تنتظر جوابه، اغمضت عينيها لتدخل نفق معتم، وما ان فتحتهما حتى وجدت نفسها في غرفتها كما كانت قبل ان تغفو
ابتسمت مستغرية من حلمها العجيب، وفارس الاحلام ذلك كان ام متسول...
الروائية الصغيرة
الروائية الصغيرة
Admin

عدد المساهمات : 14
تاريخ التسجيل : 18/03/2016

https://kawadr.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فارس الاحلام Empty رد: فارس الاحلام

مُساهمة من طرف الروائية الصغيرة الإثنين سبتمبر 05, 2016 10:45 am

الفصل الثاني



بين الواقع والحلم
صلة غريبة تجمعهما في عالم الوجدان
طاقة من عالمنا الحقيقي تتدخل في الاحلام
تجعلنا نعيش الحلم كأنه حقيقة ملموسة
كأننا هناك فعلا احياء
ولا ينقطع ذلك الشعور في الحلم الى ان ينعدم من الواقع



وسط شوارع ضيقة انعكس عليها لون البؤس من سحب السماء، بين مبان مكتظة في حي فقير، سارت وهي تراقب منظر البيوت ذات السمات الكئيبة
ستائرها حل لونها من عتقها وبعضها ممزق لطول عمرها
تمشي حافية الاقدام على ارض شبه جليدية من كثرة البرد فتتجمد اوصالها، تمشي بين الناس اللامبالية مادة يدها تتوسل لقمة تسد بها جوعها الذي كاد ان يمزق احشائها، فلا يبادلها الناس الا نظرات ساخرة او متقززة من ملابسها الممزقة وبشرتها المتسخة وتضل تبتعد عنها بتعجرف
برق شطر السماء نصفين ليرتج صوت مزمجر زلل المنطقة من ثوته، اخذت الناس تتوارى في بيوتها اثر المطر الغزير الذي بدأ بالهطول، تنظر حولها لا احد يعينها ولا ملجأ تلتجئ اليه
عانقت نفسها عسى ان يقيها ذلك من البرد واسرعت الخطى دون ان تدري الى ان تقودها قدماها
حتى وجدت زقاق مظلم بعض الشيء لكن مسقوف، دخلته حتى تحتمي من المطر وتتهرب من الرياح العاصفة، وما ان جلست على الارض مستندة على الجدار لتستعيد انفاسها المحروقة حتى سمعت صوت بعض متسكعي الشوارع يقتربن ويضحكون بلا سبب حتى لمحها احدهم
توقف ناظرا اليها وهي تراقب عن بعد ذعرة
ابتسامة خبيثة شقت شفتاه ليقول لاصدقائه انه سيتبعهم بسرعة ثم توجه اليها،
نهضت عن الارض مرعوبة وهي تنظر حولها عسى ان تجد مفرا لكن المكان مغلق
تراجعت مبتعدة عنه حتى التصقت بالجدار ولم تعد تستطيع الحراك، وما زاد الطين بلة ظهور اصدقائه من خلفه لينضموا اليه، دفعه احدهم طويل من خلفه ليقول له:اناني كالعادة، لاتخبرنا بالفرائس التي تجدها،
امسكها الطويل من ذراعها ليسحبها اليه، بدى لها المشهد مألوفا لكن الرعب لم يسمح لها بالتفكير بالامر، حاولت الصراخ والصراخ عسى ان يسمعها بعض المارة لكن دون جدوى، فصوتها لم يسعفها امسكها من ذقنها ليرى وجهها الشاحب من قلة الغذاء فيقول:
منظرك ليس بذلك الحسن لكنك ستفين بالغرض...ضحك ضحكة عالية مستفزة لكنها لم تكتمل بسبب صوت اتاه من خلفه:
ان كان منظرها لم يعجبك فابتعد... فانا احب طعم المتسولات...
انخرس ذلك الطويل ليبتعد تاركا المجال للاخر لترى انه لم يكن الا ذلك المخلوق النتن
رؤيته فقط جعل الرعب يدب قلبها
ارادت الهرب كيفما كان لكن قدماها لم تعاوناها، تسمرت في مكانها دون ارادة منها وهي تراه يشمر عن زنديه مقتربا منها يتجهز لفريسته، فجأة توجهت انظار الجميع لمخرج الزقاق وقال القصير منزعجا: تبا... انه فارس الاحلام مجددا
قال النتن: دعنا نهرب الان سيكون بيننا لقاء اخر
تسلقو جدر المباني كالسحالي واختفوا من امامها ليدخل اليها شرطي بدراجته النارية، توقف ونظر اليها مستغربا ثم تجاهل ما يدور بخلده ليبتسم ابتسامته التي سحرتها عن كلامه فيضربها بعصاه على راسها ليقول: "ركزي معي يا فتاة"
ليس الخجل ما انتابها هذه المرة بل الدهشة، كل شيء يحدث الان حدث سابقا، لكن بطريقة مختلفة، فهي لا تتذكر هذه الشوارع ولا هيأة الشرطي او هذه المناظر...
لكن الاحداث كلها مرت عليها وهي متأكدة من ذلك،
اعاد الشرطي ليضربها على راسها بخفة بعصاه ليعود ويقول: "ما قصتك يا فتاة... ركزي معي..." اقتربت منه لتخلع قبعته وتقول:" الست انت فارس الاحلام نفس ذاك الاناني؟"
شهق لسماع كلامها فيقول بصدمة:"انقذ حياتك وتصفينني بالاناني"
اجل اناني، لقد تركتني تلك المرة وحيدة وسط صحراء جرداء ويبدو انك ستتركني هذه المرة هنا وحيدة اصارع البرد والجوع
ضحك الفارس ضحكة عالية ليقول:
لكن تلك المرة كنت تملكين دراجة نارية لتتبعيني بينما هذه المرة دراجتك معي"
القى تحيته ساخرا وانطلق بدراجتها تاركا اياها فارغة فاهها، نظرت حولها لتجد المباني المقتظة حولها تمنعها من ايجاده، ندبت حظها وخرجت من ذلك الزقاق البائس لتبحث مجددا عمن يعطيها لقمة تسد ذلك الجوع
وجدت من بعيد فتا وضح من ملامحه الشغب، يمشي مع والدته حاملا ساندويشته، قضم منها قضمة ليظهر الاشمئزاز على وجهه، بصق اللقمة ثم القى ساندويشته وبدأ يصرخ على امه "لماذا صنعتي سانديش من الجبنة، قلت اني اريد النوتيلا" بدأ بالصراخ والبكاء بطريقة هستيرية والام تحاول تهدأته حتى اخيرا حملته واكملت طريقها هكذا وهو مازال معترضا
اسرعت هي الى الساندويشة، اخذتها واكلتها لكن الجوع لم يختفي، بل لم ينقص ايضا، وما زاد الطين بلة وقوف الشرطي امامها موجها اليها سلاحه توقفي مكانك، انت متهمة بسرقة طعام الغير" فرغت فاهها مجددا وهي تشير الى نفسها ثم قالت بصدمة "انا سرقت طعام الاخرين؟...لكن ذلك الفتى..." اشار الشرطي الى الفتى قائلا:" تقصدين هذا الفتى" نظرت الى حيث يشير لترى ذلك الفتى يمد لها لسانه شامتا اعادت فرغ فاهها بصدمة اكبر ليقول الشرطي: " هلا توقفتي عن اصطناع تلك النظرات السخيفة" رمشت عدة مرات محاولة الخروج من صدمتها لتفهم ما يحدث حولها لكنها وجدت الشرطي يضع الاصفاد في يديها لم تكد تعترض حتى ابتسم لها تلك الابتسامة الساحرة فتنسيها عما كانت تريد الاعتراض عليه كما اذهلتها عن كلامه ليعود ويطرق بقبضته على راسها عدة طرقات قائلا:"انت يا فتاة كفي عن تلك الحركات السخيفة وركزي معي، ما اردت قوله اني اتاسف لفعل ما افعله ولكن واجبي ان انشر الامان في مدينتي..." وعاد الى ابتسامته الساحرة بينما هتف جميع الفضوليين الذين تجمهروا حولهما: "يعيش فارس الاحلام... يعيش فارس الاحلام"
ادخلها سيارة الشرطة من الخلف وجلس في الامام حتى اوصلها للمحكمة
وسرعان ما حكم عليها بالاعدام لانها لم تملك ما تعطيه للفتى كتعويض عن ساندويشته،
اخذوها لزنزانة مظلمة حتى فجر الغد موعد الاعدام، لشدة الظلمة بالكاد كانت ترى فارس الاحلام الذي يحرسها كي لا تهرب فقط تسمع خطواته ذهابا وايابا تسابق صوت قرقرة معدتها من يعتلي اكثر، حتى لاح لها صوت اخر... صوت بدا مرعبا بعض الشيء حتى وقف امامها مباشرة هيئة قبيحة استطاعت ان تكتشف انه ذلك النتن في تلك الظلمة لشدة اقترابه منها، وقبل ان تصرخ اغلق فمها وعضها في ذراعها حتى احست انه كاد ينهش لحمها، والفارس مختف اما انه قضى عليها النتن اما انه تعمد اختفائه ليتخلص منها...
مر اوقات عصيبة من الالم حتى انتهى فجأة فتسمع صوت طفولي اكتشفت انه ذلك المشاغب الصغير يضع قناعا لمسخ ويقول:"ايتها العجوز القذرة، لقد رميت الساندويشة عن عمد كي تاخذيها فتضطرين ان تحضري لي بدلا منها النوتيلا... لم اكن اعلم انك بخيلة لتلك الدرجة"مد لسانه وذهب بعد ان اكتفى من انتقامه" زفرت لتخرج ما كبتته من رعب لتضع يدها موضع العضة "تبا لذلك الفتى، انه متوحش اكثر من ذلك النتن" تمددت لترتاح قليلا حتى سمعت صوت خطوات تقترب ثم صوت فارس الاحلام:"انه وقت العشاء" لم تكد تسمع كلامه حتى اسرعت اليه لتأخد الطبق من يده... لم يكن منظر الطعام شهيا ولكنه بالتاكيد سيفي بالغرض، اكلته كله والجوع لم يتزحزح، طلبت طبقا لكن الفارس نصحها بعدم بالتراجع علما منه ان ذلك لن يقدم ولن يؤخر، لكنها اصرت فاحضروا لها طبق اخر واخر واخر الى ان مل الفارس "هلا اكتفيتي عن طلب الطعام... لو اكلتي من الان لغد انت لن تشبعي" ركبها الياس حينما تأكدت ان كلامه صحيح لتذهب الى زاوية الزنزانة وتجلس بهدوء وما مر وقت قصير حتى بدأت شهقاتها تتعالى وسط الظلام، زفر الفارس ياسا وقال لها:"اصبري يا فتاة حتى الفجر وحينها ترتاحين"
اتاه صوتها باكيا "لا اريد الموت جائعة"
- هل افهم من كلامك انك استسلمت بهذه السرعة؟
- لا حيلة لي غير ذلك
- لست انت من التقيت بها تلك المرة، تلك الشابة كانت مستعدة لاحضار راس ذلك النتن لتحقيق ما تريد
- تلك المرة لم يلازمني جوع ابدي
- تبا يا فتاة، ولما تنامين وانت جائعة، الم تعلمك امك ان تاكلي شيئا قبل النوم ولو شيئا يسيرا
- وما دخل النوم؟
- لا شيء... انسي...
صمتت وبعد لحظات عادت للبكاء، تنهد بضجر ليقترب من زنزانتها فيقول لها: تريدين ان تاكلي وتشبعي؟"
نظرت اليه وهي تترقب عرضه لتتغير فجأة تضاريس المنطقة فتظهر على سطح بناء شاهق وتكتشف انها على حافته، قبل ان تنزل سمعته يهمس "كلي وعودي للنوم بسرعة فنحن بانتظار تنفيذ الحكم" وما انتهى كلامه حتى دفعها لتفلت قدمها عن حافة البناء وتجد نفسها في الهواء تهوي
استيقظت فزعة لما جرى لتجد نفسها في غرفتها والنافذة مفتوحة وعلى سريرها بعد المياه يبدو انه تساقط المطر اثناء نومها وذلك اثر على حلمها، اغلقت النافذة لتمنع دخول الرياح الباردة ولفت البطانية على نفسها واثر اجتماع الدفء بالنعاس وجدت نفسها استلقت في السرير لتنام مجددا لولا صوت معدتها الذي يصدر ضجيجا عاليا، نهضت عن السرير وتوجهت للمطبخ، بحثت عن شيئا لتأكله لكن الامر سيان، حتى في الواقع لا تشبع، اكلت ما في الثلاجة وما في خزانة المؤون ولا شي يتغير
توعدت لذلك الغبي فارس الاحلام لان الامر لم يجدي، تمنت لو كان امامها في هذه اللحظة لتضربه ضربا مبرحا انتقاما، ولم يكن الامر بتلك الصعوبة فها هي تجده في زاوية المطبخ عاكفا ذراعيه ينظر اليها ببرود قائلا:" هل يمكنني ان افهم ما الذي فعلته؟"
نظرت اليه بصدمة: انت... متى دخلت بيتي؟..." نظر حوله يترقب المكان قائلا:" اذا هذا هو بيتك... لا يبدو كبيت اميرة ولا كبيت متسولة... اذا انت لا هذا ولا ذاك"
- بالطبع لا... فانا من عامة الشعب
نظر الى ملابسها ليضحك قائلا: وترتدين ايضا بيجامة وردية... هاهاها كانت ملابس المتسولة تليق بك اكثر
لم تستغرب كلامه فمن منظره واضخ انه يحب ذلك النوع من الملابس، فقد عاد لقميصه الابيض المشبشل وسرواله الجينز الممزق عند الركبتين وشعره المبعثر
تقدم اليها ليقول لها: "كفي عن تناول الطعام هنا وعودي الى الواقع كلي ونامي مجددا
- انا مستيقظة بالفعل
- حقا؟... ولما لا تشبعين؟ هيا استيقظي...
- فتحت عينيها على وسعهما ثم زفرت بملل "لا اظن ان ذلك سيجدي"
اذا هيا لنصعد الى سطح منزلك لارميك مجددا
- هل انت مجنون؟... انا لن اجرب هذا الموقف مجددا...
- بل ستفعلين... هذه الطريقة الوحيدة لاعادتك للواقع...
- لا بد من وجود طريقة اخرى
- قلت لك انها الطريقة الوحيدة
امسكها من معصمها واسرع يصعد السلالم يجرها خلفه الى ان سحبت يدها
- ابتعد عني ايها المجنون، انا لن اسمح لك ان ترميني من سطح البناء
- بل عليك ذلك، عليك ان تتخلصي من هذا الجوع باي طريقة فانا لم اعد احتمله
- لم تعد تحتمله!... وهل اجوع بمعدتك؟...
وضع يداها في رأسه من الصداع الذي بدأ ينتابه بسببها محاولا ان يهدأ ثم قال:
- اسمعي... انت عندما استيقظتي حين رميتك من سطح ذلك البناء استيقظت من النوم وخرجتي من عالمي
وعندما عدتي للنوم دخلت عالم الاحلام لكن خارج عالمي، هذا حلمك وليس حلمي، لست ادري كيف اخرجتني من عالمي لكن كل ما تشعرين به ساشعر به انا ايضا
لم تكن متاكدة مما سمعته منه لكن كان لها سبلها للتأكد، اخذت دبوسا كان معلقا بملابسها وغرزته في يدها ليعتلي صرخة سريعة من كلايهما
بدأ هو يصرخ غاضبا بينما هي تضحك، اخذت توخز يدها وتهرب منه تصعد السلالم ضاحكة بينما هو يتبعها لياخذ منها الدبوس حتى وصلا لسطح البناء، ركضت ضاحكة حتى وصلت للزاوية وحاصرها، قالت بين ضحكاتها: حسنا... انزع تلك النظرات المرعبة من وجهك... فقد اكتفيت من هذه اللعبة" ارتسمت على محياه ابتسامة شريرة ليقول:" في الواقع... لم اعد اهتم بلعبتك السخيفة... فقد بلغت مناي" نظرت خلفها لترى المدينة من الاعالي، نظرت للاسفل لترى الارض البعيدة فينقبض قلبها، اسرع اليها ليرميها فجلست على الارض، حاول ان يحملها لكنها تشبثت به، حاول ان ينزع اصابعها المتشبثة به جاهدا حتى اخيرا اضحيا بعيدين نسبيا... اخذا يسترجعان نفسهما حتى تهيء فارس للهجوم، نظرت حولها بعجل لتجد عصا حديد ملقا على الارض، اخذته بسرعة وضربت بها راسها فوقعا الاثنين على الارض يصرخان من الالم،
لم يكد ينتهي الالم حتى اسرع اليها قبل ان تخطر لها فكرة مجنونة جديدة وقبل ان يصل اليها وجدها تحمل في يدها خنجرا ووجهته الى قلبها قائلة:"ان اقتربت ساطعن نفسي بذلك سنموت كلانا" فرط ضحك وقال:" اذا افعليها، هذا ما اريده بالضبط، قد يؤلمني الامر لكنني لن اموت بل انت ستعودين الى عالمك وانا الى عالمي وينتهي الامر..."
فكرت قليلا بالامر ليردف: "هيا افعليها..." وجهت الخنجر الى يدها ليقف فزعا فتبتسم بانتصار، لكنه مل من الامر فاسرع اليها لياخد الخنجر منها ويرميه بعيدا ثم حملها ورماها من سطح البناء لينفض يديه معلنا انتهاء مهمته بينما هي تبحث عن وسيلة للنجاة حتى اخيرا اخرجت جناحان من الريش الابيض في ظهرها ووطارت للاعلى حتى وقفت خلفه تنظر اليه بغضب ونزلت ببطء على الارض، التفت اليها ليرى حجم جناحاها التي تفرضهما في الاعالي فيطلق تنهيدة يأس ليقول :"تبا...نسيت ان هذا حلمك وليس حلمي..."
اسرعت اليه تدفعه بغضب لما فعله بها حتى وصلا الى الحافة في الجهة الاخرى للسطح، دفعته بقوة كبيرة من اعلى البناء ليسقط وهي ما تزال لم تستوعب ما حدث، حين وعت تلبكت ماذا تصنع،فلم يكن هذا ما قصدت ان تفعله، اول فكرة خطرت لها: "اخرحي يا اجنحته وحلقي في الاعالي" وكذلك حدث فعلا، ظهرت له اجنحة وعاد بها للاعلى، وقبل ان يصل للسطح سمع صراخ: "انه وحش... اقتلوه... " نظر للاسفل ليرى الناس مجتمعة تشير اليه ثم نظر لجناحيه فيتحسر من افكار تلك المجنونة، اسرع للسطح ليرى تلك الغبية تتهيئ لتعاتبه لانه اخافها امسكها من معصمها ليهربا بعيدا الا ان الناس وصلت والقو عليهما شباك فعلق به بينما ظلت هي متصنمة مكانها لا تدري ما تصنع، الخوف والتوتر الجما عقلها عن التفكير وفارس الاحلام محجوز لا يملك ان يهرب او يدافع اقتربت الناس منه بالرماح والفؤوس والمناجل، فطعنه احدهم في رجله ليصرخ الفارس بينما الغبية غطت فمها من الفزع توجت الانظار اليها حيث لم تصرخ الما فعلموا انها صاحبة الحلم، حين رأتهم يتوجهون اليها ازداد رعبها، صرخ لها فارس الاحلام ان لا تخاف لان ذلك سيزيد الامر سوءا، كما طلب اليها ان تقفز من السطح مرارا وتكرارا لكنها لم تحرك ساكنا، امسكها احدهم من ذراعها ليسحبها الى حيث اجتمع الناس، وجهوا اسلحتهم صوبها وتهيؤوا لقتلها...

لا خوفها يسمح لها بالتفكير بطريقة سليمة لتنهي هذه المهزلة
ولا فارس الاحلام قادر على ان يتحرر من شباك الناس لانه عالق في خوفها
ناداها بان تقلع عن خوفها لان ذلك قد يقتلها حتى في الواقع
لكنها لم تحرك ساكنا
فقط تنظر الى ذراعها حيث امسكها الرجل مصدومة
فما سيكون مصير كلاهما...
الروائية الصغيرة
الروائية الصغيرة
Admin

عدد المساهمات : 14
تاريخ التسجيل : 18/03/2016

https://kawadr.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فارس الاحلام Empty رد: فارس الاحلام

مُساهمة من طرف الروائية الصغيرة الإثنين سبتمبر 05, 2016 10:47 am

الفصل الثاني "ب"

ذراعها ليسحبها الى حيث اجتمع الناس، وجهوا اسلحتهم صوبها متهيئين لقتلها وفارس الاحلام يناديها لتقاوم خوفها بينما هي ما تزال تنظر الى حيث امسكها من ذراعها كأن هذا المشهد مر من قبل...
ومر مرتين وليس مرة واحدة
فكرت:" ايمكن ان يكون هذا الرجل نفسه هو ذاك الطويل العريض الذي هاجمني مرتين قبلا؟... عادة يأتي بعده ذلك النتن... ايمكن انه سيأتي الان؟...
لم تكد تزدري ريقها خوفا حتى رأت الناس تتطاير من جهة الشمال حتى طار من تواجد امامها لتنقشع العصابة الثلاثية مكونة من النتن والقصير ذو ضحكة البلاهة والطويل العريض، نظروا اليها ثم الى فارس الاحلام وفرطوا ضحك من منظره مكبلا، توجهوا اليه ليقف النتن امامه ويتحداه بنظراته كأنه يقول له "احصل على راسي الان ان استطعت ذلك" امر صديقايه ان ينزعوا عنه الشباك ليرتسم الصدمة على وجوه الجميع، حاول العريض الاعتراض الا ان النتن منعه موجها الامر اليه ثانية، رضخ الاثنين وما تزال الغبية مصدومة حتى نزعو الشباك عن الفارس لينهض منفضا ملابسه، ربت النتن على كتفه قائلا:"سيكون هذا بمثابة رد الدين الذي بيننا منذ زمن"
ابعد الفارس يد النتن عن كتفه ليقول:"لم اكن انقذك وقتها بل كنت امنع ذلك الاحمق من الحصول على راسك قبلي..."
ابتسم نصف ابتسامة ليقول:" نحوم السماء اقرب لكما من ذلك... التقيك في عالمنا..."
- بل هو عالمي...
- عالمنا رغما عنك...
- بالحديث عن العوالم... لا يمكننا الان العودة لعالمنا لاننا عالقين عالم تلك الغبية... وبالمناسبة... هي ايضا تريد الحصول على راسك...
نظر اليها النتن باستهزاء:"تلك الغبية!... وعل تجيد حمل سلاحا كيف تواجهني اولا...؟"
- هه... انت لم تر شيئا... عندما يفقع لديها شرش الجنون تصبح فتاة اخرى
- نظر اليها متفكرا ليقول: قد يكون لنا لقاء اخر... سنرى ان استطعت الحصول على راسي قبل ان التهمك...
اشر لصديقيه كي ينضما اليه للمغادرة لكنهم وقفوا محتارين، توجهوا الى فارس الاحلام ليقول النتن، اين طريق العودة، اشار الفارس الى الغبية لينظروا اليها فيفرقع القصير اصابعه استعدادا للقتل، ما ان رأته يقترب حتى طارت بجناحاها وابتعدت لبضعة مبان، اخذ الفارس الخنجر من الارض وتوجه اليهما قائلا:" ابتعدا فليست فريسة سهلة، اطلق جناحيه لينظر اليه الاخرون مستغربين:" واو... ماهذا..."ابتسم ابتسامته الساحرة ليقول:" هدية من الغبية" طار ليتركهم خلفه مستغربين وحلق خلفها، حينما اصبح بمحاذاتها حاول ان يكلمها، ان يهدئ روعتها بطمئنتها انه لن يحصل امرا سيئا لو عادت، بل سيكون هو حاميها، بطريقة ما اقنعها وعادا الى سطح البناء، ما ان وطئت قدماه الارض حتى رفع يديه مشيرا للثلاثة ان يبتعدوا فالفتاة تحت حمايته، استغرب الثلاثة من كلامه فغمزهم ثم جلس على الارض ليقول:" ان عالمك يحكمه الفوضى، ان اكمل غلى هذا المنوال سيقضي عليك، ينقصه من ينظمه..." نظرت اليه معترضة لتقول:"من اين اتتك تلك الفكرة؟ عالمي كعالمك، القوي ياكل فيه الضعيف..."
- هذا غير صحيح... الم احمك مرتان من هولاء الثلاثة؟... بينما لم تستطيعي انت ان تحميني من اولئك القوم..."
- انت فارس الاحلام، كان عليك ان تحميني انت وليس العكس...
- انا احمي من حولي في عالمي وليس في عوالمهم، ان اردت ان احميك في المرة المقبلة من اولئك القوم عليك ان تهبيني عالمك
- علي ان ماذا... كيف اهبك عالمي؟...
- بكل بساطة... تتعهدين لي بخيالك بينما اتعهد لك بالحماية
نهض الثلاثة معترضون:" لا يمكنك ان تتعاهد مع سكان الواقع... لا يمكنك ان تعرض حياتك للخطر لحماية احدهم من سراب يخافه
- اسف لكني اجد نفسي مضطرا، حين دعتني لعالمها مرة فاحتمال دعوتها لي مرة اخرى امر وارد، واحتمال ربحي في حال التعهد اكبر من احتمال خسارتي، لقد رايت بام عينك، كاد اولئك القوم ان يقتلونا سوية
- اظن ان ما ازعجك هو انقاذي لك، لا يمكنك ان تتقبل ان ينقذك عدوك
- ليس هذا لكن...
- هل يمكننا ان نعود لعالمنا الان
- مهلا
نظر الى الغبية ليقول لها: اذا؟... هل تتعهدين لي بسلطتك في عالمك مقابل حمايتي لك؟...
- الغبية: انا لم افهم شيئا مما تقوله... لكن استطيع حماية نفسي بنفسي
- اجل لقد رأيت ذلك منذ قليل
- كانت مجرد صدفة
- حقا!...
- حقا...
- اذا دافعي عن نفسك الان...
استيقظت تشهق وهي تمد يدها الى قلبها تتحسسه لترى ان لا خنجر فيه ولا جرح ... اطلقت تنهيدة مثقلة مخرجة تلك النقزة التي اكلتها لتقول:"فارس الاحلام. ذلك المخادع... لقد وعدني انه سيحميني من اولئك االثلاثة وقام بمهاجمتي بنفسه..." وجهت نظ اتها للمطبخ ثم نهضت تتأمل زواياه لتتأكد من عدم تواجده، حينما اطمئنت ابتسمت وتوجهت للثلاجة، اخذت الخبز ثم نظرت للنوتيلا وتذكرت ذلك الفتى المشاغب صاحب العضة القوية ففضلت ان تبتعد عن النوتيلا قبل ان يعضها مجددا، صنعت لنفسها سانويشة من المرتديلا وذهبت تاكلها مبسوطة

~~~~~~

وصلا الى عالم الفارس اربعتهم لينظر اليه النتن ويقول له:"ظننتك ممن يحفظ وعده، الم تكن قد وعدتها ان تحميها؟
ابتسم ابتسامته الساحرة ليقول: بل وعدتها ان احميها من ثلاثتكم ولم اذكر شيئا عني، الان اختفوا من امامي قبل ان اقبض عليكم
ابتسم النتن نصف ابتسامة ليقول: نلتقي بجريمة جديدة" تلاشى ثلاثتهم ليعود كل منهم لعالمه وكذلك فعل الفارس توجه الى قومه ليعلن لهم ان السجينة هربت ولكنه سيحضرها مرة اخرى مهما كانت الصعوبات
صاح الجميع مشجعين:" يعيش فارس الاحلام... يعيش فارس الاحلام..." بابتسامته الساحرة رحب بتحيتهم لتبرق ثغره كما تبرق النجوم في السماء، كأمل يستهدي بها المستضعفين
الروائية الصغيرة
الروائية الصغيرة
Admin

عدد المساهمات : 14
تاريخ التسجيل : 18/03/2016

https://kawadr.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فارس الاحلام Empty رد: فارس الاحلام

مُساهمة من طرف الروائية الصغيرة الإثنين سبتمبر 05, 2016 10:47 am

في حياتنا الاعتيادية
ندخل بمشاريع عديدة
واي مشروع نبدئه لا بد ان يكون له نهاية
حتى وان بقي المشروع غير مكتمل
فنهايته مشروع غير مكتمل
على عكس الاحلام التي قد نبدأ بها ونستيقظ قبل ان تنتهي
هذه عادة لا تكون لها نهاية
ولكن تصدف احيانا ونادرا ما يحدث
اننا نستيقظ قبل انتهاء الحلم
وعندما ننام مرة اخرى ولو بعد شهر
قد نكمل ذلك الحلم


استيقظت على اصوات قطرات من صنبور مهمل تنغمس في دلو فائض مائه، فتحت عينيها بتثاقل لتغشى عيناها الظلمة، حاولت ان تستكشف ما حولها بيديها لكنها لاحظت انهما مكبلتان، نهضت بفزع لتدرك ان هذا المكان عبارة عن زنزانة مألوفة، وكيف لا تتعرف على ذلك الظلام الذي انغمس بصوت خطوات ذلك المزعج، اقتربت من قضبان الزنزانة بالقدر الذي سمحت لها السلاسل المعلقة بالجدار حتى توقفت وسط الزنزانة، نادت الفارس عدة مرات حتى اقبل اليها بانزعاج:
-مابك تصرخين؟ لا تقولي انك نمت هذه المرة دون ان تاكلي كالمرة السابقة؟
استرجعت شريط ما حصل تلك المرة لتشعر ببعض الطمئانينة حيث معدتها لم تكن خاوية هذه المرة، لكن رغم ذلك فهي متجهة الى حبل المشنقة، حاولت الاعتراض على حكم القاضي الا ان الفارس لم يكن اكثر من مجرد سجان هذه المرة لذلك شكواها له لن يجدي نفعا... بعد ان اعياها التعب من الشكوى رفعت يداها لتقول:
-وهل يمكنني ان افهم ما قصة هذه الاصفاد؟
هز كتفيه لا مباليا ليقول:
- لقد هربتي تلك المرة... تامين كي لا تعيديها
فرغت فاههة بصدمة لتقول:
- انا هربت؟!... لقد اخذتني بنفسك الى سطح ذلك البناء ورميتني
وضع سبابته امام فمه مؤشرا لها كي تخفض صوتها وهو يتفحص المكان ويتأكد من خلوه من البشر، اقترب من الزنزانة ليهمس لها:
- ايتها الغبية، افعل ذلك لاجلك وهكذا تردينها لي، كدت تفضحينني... المفترض انني الحارس عليك هنا ولست منقذك، لذلك ابقي ذلك السر في بئر
- بتحد وكبرياء ردت: وماذا لو فضحتك امام الملأ
- هز كتفيه ليقول: لن يصدقوك... هم يعلمون اني الفارس الذي يحميهم، ولن اخونهم لاجل غبية من الواقع
- لكنك فعلت
- حسنا فعلت... هل تريدين ان تكون اخر مرة؟... ام تريدين ان اساعدك مرة اخرى؟...
- وهل سيكون هناك مرة اخرى بعد تنفيذ حكم الاعدام؟...
فرغ الكلام من عقل الفارس اذ لم تترك له ملجا يلوذ اليه بعد ان اغلقت عليه جميع النوافذ وحاسرته بنهاية حكمها للاعدام، فاما ان تعدم ويكون عرضه لها بمساعدتها مجرد كذبة، اما ان يكون خائنا لقومه ليساعدها مجددا، اطلق تنيدة يأس ليجلس قرب الزنزانة ويحل الصمت في الارجاء حتى قالت:
- اسكتي
قالها بحزم قبل ان تطلق جملتها، ارادت الاعتراض لكنه اعاد عليها امر السكوت، عقدت ذراعيها بغضب ليحل الصمت قليلا حتى قال ببرود:
- بما انك لا تعلمين شيئا عننا نحن سكان الاحلام فاتمنى ان لا تتدخلي، افعلي فقط ما يملى عليك واتركي الامور تسير بروية
سكت بعد قوله ذاك بينما هي جلست تفكر بكلامه، ما الشيء الذي قد لا تعرفه عن سكان الاحلام غير انهم شعب غريبو الاطوار؟... على كل حال ما ذنبها هي كي يحكم عليها بالاعدام لاجل ساندويشة؟... نظرت حولها تتفقد المكان عسى ان تجد ثغرة لتهرب منه لكن لا جدوى... المكان محكم الاغلاق، اطلقت تنهيدة يائسة ليتبعها الفارس بعد برهة بمثلها، تبعته مباشرة بمثلها ليعاود هو الكرة حتى قالت اخيرا: "اليس لديك شي مسل لنفعله؟..."
- اعاد اطلاق تتنهيدة ملل ليقول:"شي مثل ماذا... بماذا يمكننا ان نتسلى في زنزانة حالكة السواد كهذه
- باستياء اجابت: لما اشعر انك تجعلني سبب حبسك هنا بينما العكس هو الصحيح
- كيف يكون العكس الصحيح وانت من اكل سندويشة ذلك الفتى؟
- لم اسرقها فقد رماها... لم يكن يريدها... والدته تجاهلتها وذهبت... لقد فعلها ذلك الفتى عمدا...
- ان لك ان تفكري هكذا عن الفتى؟...
- لست انا من افكر هكذا عنه، بل انه هو من اخبرني
- صاح بصدمة: هو اخبرك بذلك؟...
- قالت ساخرة: اجل هو من فعل...
- الفارس بصوت بالكاد مسموع: ذلك الفتى... سالقنه درسا...
سمع من بين الظلام ضحكة مشاغبة تبتعد ركضا، استغرب الفارس في البداية من تواجد ذلك الطفل في هذا المكان لكنه تذكر امرا مهما بعد هنيهة "الحديث السري ابذي دار بينه وبين الغبية..." بالتاكيد كان يستمع اليهما
اسرع اليه ليمسكه ويضعه داخل الزنزانة قرب الغبية لينظر اليه بنظرات متوعدة، لم تستطع هيبة الفارس ان تمنع ابتسامة المشاغبة لدى الطفل من الهروب رغم محاولته اخفائها، نظر الفارس اليه بغضب ليقول:"اذا تحدث... ما الذي سمعته من حديثنا؟..."
ارجع الطفل يديه لخلف ظهره مصطنعا براءة شقية ليقول بدلال خبيث "ماذا تعطيني بالمقابل لو اخفيت السر؟..." فرغ فارس الاحلام فاهه بصدمة ليسطع ضوء فلاشي سريع وسط الظلام ثم تظهر صورة مضيئة لوجهه الابله على شاشة هاتف نقال فيسمع صوت الغبية "ساحتفظ بهذا كتذكار" اخذ الهاتف منها بعصبية وطحبشه بالارض ثم وضع راسه بين كفيه محاولا استيعاب ما يصب عليه من مشاكل متوالية حتى هتف الفتى:"ليس الامر بتلك الصعوبة، كل ما احتاجه ساندويسة كبيرة من النوتيلا..." وراح يمثل بذراعيه حجم الساندويش الكبير لينظر اليه الفارس كأنه سيقتله لكن الفتى لم يتعنى لنظراته واردف:" وعلى الساندويشة ان تكون محشوة بالكثير من النوتيلا اللذيذة و...
- اسكت ايها الفتى وعد الى امك والا طلبت اليها ان تنقص من حصتك من النوتيلا في الشهر
قطب الولد ليذهب خائبا بينما اظهرت الغبية ابتسامة خبيثة لتقترب من الفارس وتقول له:"اذا... اصبح لدي شاهد على تهريبي، لقد سمعك الطفل تعترف بنفسك
- وجه اليها نظرات استهزائية ليقول:"هذا الطفل لن يقف بصفك ابدا لانك حرمته ذلك اليوم من ساندويش النويلا التي وعد بها حين اكلت ساندويشته... فلا تحلمي بمساعدته لك...
اتاه صوت الطفل معترضا: وانت ايضا منعتني من النوتيلا...
اجاب الفارس ببرود: لذلك ما زلت محبوسا هنا... تراجع عن ساندويشة النوتيلا لاخرجك من السجن فقد اخذت حصتك...
- لم تكن كافية...
- نوزع الحصص بعدل... لا يمكنك ان تاخذ اكثر من غيرك...
- لكني مازلت بحاجة للمزيد
- كلنا هكذا... وتلك الغبية لا تقبل التعاون معنا... انها تقطع عمليتنا في نصفها في كل مرة
- وما ذنبي انا...
- وما ذنبي انا ايضا
- بل ما ذنبي انا
قالتها الغبية وهي تنهض باعتراض:
تتقاتلون من نصف ساعة على ساندويش نوتيلا وتتهمونني وكل ما فعلته انني اكلت ساندويش جبنة رماها ذاك الفتى
- انت...
وضع الفارس يده على فم الصغير قبل ان ينطق بما لا يجب ليخرجه من الزنزانة ويطرده من السجن
اعاد نظره الى الزنزانة ليجدها فارغة، بحث حوله بعجل لكنه لم يجد شيئا، دخل الزنزانة ليتأكد من عدم وجودها فظهر الطفل من العدم واقفل عليه، امسك يد الغبية واسرع للخارج مالأ المكان بضحكاته الشقية، نظر اليه الفارس بجفاف ليقول:"اذا انت تتحداني ايها الشقي..." استند على جدار الزنزانة واضعا يديه في جيوب سرواله
فيكشف عن ابتسامة جانبية ماكرة وقال:"لنرى ما تستطيع ان تفعله..."
اسرع الطفل ماسكا يد الغبية يسيرون في الظلمة حتى اخيرا تبيين لهما بقعة ضوء قريبة، اسرعا ليصلا اليها وما ان اقتربا منها حتى بدائا يشعران بالحماوة وما ان خرجا من الباب حتى لاح لهما حمم بركانية تتدفق وتقترب منهما بسرعة والحجارة تتقاذف منها في السماء، حملته الغبية واسرعت للخلف لتعود ادراجها لكن الارض انشقت وبدأ يتساعد منها دخان احمر، الارض كلها اصبحت اجزاء تفرقها الحمم وحوسرا في احدى الاجزاء، وقفت قلقة تنظر حولها عسى ان تجد حلا حتى بدأ يصعد كائنات حمراء قصيرة من الحمم كأنها اجزاء من الحمم حية تشكلت منها، بدؤا يقتربون منهما حتى اضحوا تحتها يقفزون محاولين ان يصلوا الى الفتى، صارت ترفعه للاعلى قدر الامكان والفتى يصرخ فزعا، بدؤا يتسلقون ساقايها حتى اخيرا وصلوا الى ذراعيها ثم اليه، وما ان مس احدهم قدمه حتى صرخ كلاهما الما، سقطا معا على الارض فتجمعوا عليه ليزداد صراخا ما هي فترة طويلة حتى بدأ يخفض صوت الفتى رغم ان الالم كان ما يزال موجودا، فجأة رأت امامها قدمان، رفعت رأسها لترى الفارس ينظر اليهما ببرود، ما ان لاحظته الوحوش حتى ابتعدت منصاعة تاركين الطفل خارق القوى، نظرت اليه الغبية مرعوبة تفكر بما حصل منذ برهة ليجتازها الفارس متجها الى الفتى، انحنى امامه ليهزه فينظر اليه الفتى بوهن، قال الفارس: "ان اردت ان اعيد كل شيء كما كان فارجعها الى زنزانتها، اغمض الفتى عيناه كأنه يخبره انه متعب ولا يستطيع، لكن الحيلة لم تمر على الفارس، مباشرة علم انه يحاول المكابرة، لم يعد الامر مجرد رغبة في ساندوسش الشوكولا بل اصبح الامر مكابرة وعناد، طقش باصبعيه ليقترب منه الوحوش مجددا، نظر الفتى اليها مقطبا وهو يحاول منع خوفه حتى اصبحت قريبة جدا منه فغير مظهر المنطقة لتصبح كما كانت الزنزانة، ابتسم الفارس بلطف ليربت على رأسه قائلا:"فتا جيد... هكذا اريدك دائما..." ابعد الفتى يد الفارس عن راسه بعصبية لينهض بتثاقل وينصرف محبطا تتبعه نظرات الفارس الحاقدة، ما ان اختفى من امامهما حتى دفعته متهجمة:
- ما الذي فعلته به!... كدت ان تقتله... انه مجرد طفل صغير...
نظر اليها الفارس باحتقار ليدير لها ظهره ويمشي فيخترق قضبان الزنزانة وينصرف تاركا اياها تصرخ...

دخل فارس الاحلام مقر القيادة ليطمئن على الاوضاع، لكن ما ان دخل حتى امسكته احداهن بيده واسرعت به للخارج، توقفت عند زاوية لتقول له بتوتر "هناك موضوع اريد ان اكلمك به" نظرا الى تصرفاتها سرعان ما فهم ما يحدث ليقول: "بل هناك موضوعا تريدين اخفاءه عني" توجه الى المقر مسرعا والفتاة تتبعه محاولة ايقافه حتى فتح الغرفة فوقف اربعة من الرجال امام شاشة الحاسوب ليمنعوه من الرؤية، اسرع اليهم ليبعدهم فيرى هجوما عنيفا يشن في احدى العوالم خارج عالمه، ربت احدهم على ظهره طالبا اليه ان يتناسى الامر، شد على قبضته مغمضا عيناه بشدة محاولا منع نفسه الا انه لم يستطع، استدار ليخرج لكن الفتاة اغلقت الباب اقفلته واستندت عليه لتمتعه من الخروج، اقترب اليها طالبا منها ان تتنحى لكنها رفضت، قالت بحزم: "لا يمكنك الذهاب، في كل مرة تذهب تعود شبه ميت، لا يمكنك ان تفعل هذا بنا دائما
- هذه حياتي... تخصني انا وحدي وافعل بها ما اشاء
- كيف يمكنك قول ذلك، حياتنا مرهونة بحياتك فلا تكن انانيا
عندما عجز عن الجواب تجاهل الحديث واسرع اليها ليأخذ المفتاح من يدها لكنها ابتلعته ثم قالت:"لن تمر الا على جثتي..."
حاول ابتلاع غصته قبل ان يقتلها ثم نظر الى شاشة الحاسوب ليرى الحياة تختفى من احدى الكائنات بينما تذهب طاقته الى بقية الكائنات حوله، حينها لم يعد يحتمل الامر اكثر، اخرج من العدم بوابة في الجدار المقابل ليخرج منه ويختفي من امامهم، نظروا لبعضهم بحزن ليقترب احدهم اليها ويربت على كتفها:"لقد فعلت ما بوسعت... لم يعد امامنا الا ان نثق به"
هزت رأسها توافقه بحزن ثم انطلقوا لى الشاشة يراقبون تحركاته...
وصل الى العالم الاخر ليرى بعض الناس مجتمعة في زاوية احدى الشوارع، احس بالطاقة المتدفقة من ناحيتهم فعلم انه مكان الهجوم كما شكر ربه لانها من المرات القلة التي يصل قبل ان تموت الضحية، اسرع اليهم ليقف امامهم مهددا:"ابتعدوا عنه قبل ان اقتلكم جميعا..." نظر الجميع اليه واقفا بثقة، ابتعدوا عن ضحيتهم لينظروا اليه فينظر اليهم مستغربا، هذه الوجوه مرت عليه، ليست اول مرة التي يراهم فيها... لكن اين؟...
اقترب قائدهم ليقول: "انت ذلك الوحش مجددا؟... لماذا. عدت بعد ان نجوت بحياتك؟.."
"وحش!.." ليس هذا اللقب المشهور به عادة... لكن اللقب يبدو مألوفا، لما يا ترى؟..." مرت نسمة هواء حرك الغبار في المسافة التي تفصل بينهم تعلن التحدي الذي نشأ بينهم، كما حركت خصلات شعره المبعثرة وقميصه المشبشل وكذلك احنجته...
جحظ عيناه بصدمة "لي اجنحة؟!... مهلا الاجنحة كانت في عالم... تبا انا في عالم تلك الغبية"
اسرع الجميع اليه ليهجموا عليه برماحهم وفؤوسهم فطار مسرعة قبل ان يقع في شباكهم كتلك المرة، ابتعد عنهم ليصل بسرعة الى الضحية، حملها وطار بها الى ان ابتعد عنهم فهبت على احدى السطوح البعيدة، وضع الضحية على الارض وهو يلهث، مسح عرق جبينه ليقول:"لاول مرة تنجح مهمة خارج عالمي بهذه السرعة، والفضل يعود الى تلك الغبية، من كان ليتصور انها ستفيدني يوما بدعوتي الى عالمها، تبا لها، لم تشاء ان تتعهد الي بخيالها..." اراد ان يتواصل مع عالمه ليعيدوه بعد ان اضحت الضحية بامان لكنه اطلق صرخة مفاجئة ليسقط على ظهره واضعا يده على كتفه متألما، احس بشيء مائع على يده نظره اليها ليجدها مليئة بالدماء، نهضت الضحية عن الارض لتتحول الى وحشا بدا عملاقا من زاوية الفارس في الساقط على الارض، حاول ان يبتعد للخلف بينما الوحش يقترب منه فاعاد غرز مخلبه في خاصرته، اطلق صرخة مدوية ليغدو محتارا من اين يتالم، من كتفه ام من خاصرته، حاول ان يتناسى الالم قدر الامكان ليحافظ على رباطة جأشه لعلمه ان الخوف هو عدوه الاول، لكن الفارق بينهما كبير، فهذا الوحش ينتمي الى هذا العالم بينما هي مجرد ضيف في عالم تلك الغبية، لكن... مازال يمتلك الاجنحة، هذا قد يساعده... اطلق العنان لجناحيه ليطير لكن الوحش كان اسرع منه، امسك احدى جناحيه واعاده الى مكانه، رماه ارضا وثبته بقدمه العملاقة وصار ينزع احدى الاجنحة بيديه، ولم يملك الفارس الا الصراخ والصراخ...

في المقر تمركز الجميع حول الشاشة يراقبون تبلوور حالة فارسهم دون ان يستطيعوا ان يفعلوا له شيء، فجأة دخل عليهم حارس من السجن ذعرا:
السجينة بحالة مريبة لا ادري ما الذي حدث لها فجأة، كانت جالسة في زاوية الزنزانة ترتجف، فجأة وضعت يداها على رأسها وبدأت تصرخ، اقتربت منها لاستفهم الامر فسمعتها تقول ان اجنحتها تؤلمها، مع ان لا اجنحة لها..."
قال احدهم: اتركنا من السجينة، لا بد انها تمثل كي نخرجها من السجن وتهرب مجددا، لدينا ما هو اهم حاليا لنفكر به...
عاد الجميع الى الشاشة ليراقبوا ما يحدث بينما احتار الحارس البديل، هل يتركها فعلا ام يرى ما يمكنه فعله معها؟..
عاد ادراجه حائرا حتى وصل اليها ليراها تزداد صراخا في كل مرة، اقترب من القضبان ليرمقها بشفقة، السلاح في يده، يملك ان يريحها متى ما شاء، ولكن هل يمكنه ان يثق بها؟...
عقد العزم ومد يده الى السلاح قائلا:" لقد اعادها مرة، يمكنه ان يحضرها مرة اخرى..."
صوب السلاح ناحيتها واطلق النار مباشرة على رأسها
مرت بعوالم سريعة وهي تعود لعالمها الواقعي كي تستيقظ، لكن قبل خروجها من اخر عالم لاحظت شيئا غريبا، هناك على السطح احمق يتألم ويتأوه، فجأة وجدت نفسها على ذلك السطح لترى الوحش قد اقتلع جانحا وها هو يقترب ليكمل على الاخر، الفارس ملقى على الارض غارق بدمه، فجأة اتتها قوة لا تدري من اين، لكنها اخرجت رمحا ذهبيا من العدم واسرعت للوحش فطعنته من الظهر، التفت الوحش اليها وامسكها ليلقيها على الارض قرب الفلرس وثبتها على الارض بيد وبيده الاخرى بدأ ينتف ريش احدى الاجنحة واحدا واحدا قائلا بشغف:" يحبني... لا يحبني... يحبني... لا يحبني..." حاولت التماسك رغم ان الامر كان مؤلم حتى سمعت صوتا ضعيف من الفارس يقول "ايتها الغبية، هذا عالمك وانت صاحبة الخيال المطلق هنا، اخفي اجتحتك..." رمشت عدة مرات مذهولة لتقول:" تبا لك، امازلت حيا!... لو علمت ذلك لما اتيت للانتقام لك"
- وهل كنت ستتركين هذا الوحش ليقتلني؟
- لدي الكثير من المواقف التي تحرضني على الانتقام منك
- اذا لما اردت الانتقام لي
رمشت عدة مرات وانعقد لسانها حتى صرخت من الالم فقالت"لنؤجل حديثنا قليلا"
اخفت اجنحتها كي لا ينتفها الوحش بالكامل، حينها نهض لوحش غاضبا "ايتها الغبية... لما توقفتي عند ال"لا يحبني" توقفت قليلا تفكر بالامر ثم اخرجت احدى جناحيها وقربتها للوحش لينتف ريشة مجددا فتخفي الجناح قائلة:"انه يحبك... هل تنت راضية الان؟..."
ابتسمت ابتسامة حالمة لتطوف في عالمها الوردي الاحمق...
توجهت الغبية الى الفارس وجلست بالقرب منه قائلة " هل يمكنني ان اعرف ما الذي تفعله في عالمي دون دعوة"
- سعل دما ثم قال:" اتركينا من امر مجيئي الى عالمك الان واخبريني... لما تريدين الانتقام لي ان كنت تريدين الانتقام مني..."
- رمشت عدة ترميشات لتقطب مصطنعة الغضب ثم قالت:"قلت لك دعنا نؤجل هذا الحديث"
- الى ان ننتهي من الوحش؟
- نحن لم ننتهي منه الى الان، ما زال حرا في احدى الاماكن ولا نعلم متى يعود
- اه... هكذا اذا
ابعدت وجهها عنه بغضب طفيف ليضحك عليها فيقول:" اذا؟... اتبقين هنا ان تريدين العودة لعالمك؟
- نهضت فزعة: هل تود قتلي مجددا؟...اترد لي انقاذك هكذا؟...
تفكر بالامر قليلا ثم قال: بعد كل شيء انت بالفعل انقذتني هذه المرة
مد يده اليها ليقول: اذا فلنتصالح...
نظرت الى يده بشك ثم مدت يدها بحذر فاسرع ليمسك يدها لتسقط ارضا، نهض ونفض ملابسه وقال:"اعذريني كنت بحاجة لبعض الطاقة فقد استنفذها لي الوحش لكن لا تقلقي، لن يضرك الامر شيئا، ستستيقظين وتتوجهين للمطبخ وتعودين كما كنتي ما ان تأكلي قليلا...
نهض عن الارض ليحمل رمحها الذهبي ويقول:"ما كنت لافعل هذا لولا خوفي عليك من ابقائك في عالمك الخطر وانت فارغة الطاقة، استيقظي وكلي وعودي الى النوم، اياك ان تنامي دون غذاء والا فلن نستفيد شيئا
وضع الرمح موضع قلبها وطعنها لتستيقظ فزعة، وضعت يدها موضع قلبها لتقول:"تبا لذلك الفارس، لست ادري كم مرة قتلني الى الان..."
تمددت على السرير لترى ضوء المطبخ يدخل من باب غرفتها وقالت"لست افهم... لما طلب الي ان اكل..."
لا اراديا وجدت نفسها تذهب للمطبخ لتفتح البراد وتختار شيئا لتأكله
***

وصل فارس الاحلام الى عالمه لينظر الجميع اليه مصدومين، ملابسه مغطاة بالدماء لكنه عاد بكامل نشاطه، ما الذي حدث بالضبط؟"
طمئنهم ان كل شيء يسير على ما يرام وابتسم ابتسامته الساحرة ليصيح الجميع "يعيش فارس الاحلام... يعيش فارس الاحلام..."
اقبل الى الغرفة حارس الزنزانة مطأطئا راسه عند رؤية الفارس فيقول معتذرا:" اسف... فقد اطلقت سراح السجينة ولكن..."
ربت الفارس على كتفه ليقول له:"احسنت صنعا... ما كنت لأعود اليوم لولا ما فعلت"
نظر اليه متسائلا ليقول:"اذا هل ستحضرها مجددا"
استدار الى المسؤول عن المقر ليقول له: "كدت انسى... سجل ان مهمتنا مع تلك السجينة تمت"
توجه المسؤول الى الحاسوب ليسجل المعلومة شاكرة ربه، فقد بدؤا بمهمتها 3 مرات وتم انهائها اخيرا دون ان تكتمل لتدون في السجل "مهمة منتهية غير مكتملة"
الروائية الصغيرة
الروائية الصغيرة
Admin

عدد المساهمات : 14
تاريخ التسجيل : 18/03/2016

https://kawadr.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فارس الاحلام Empty رد: فارس الاحلام

مُساهمة من طرف الروائية الصغيرة الإثنين سبتمبر 05, 2016 10:48 am

الفصل الرابع


سارت على الشط تحمل صندلها في يدها بينما الامواج تغسل قدميها في كل حين، تدلى شعرها الاسود على ظهرها ليراقص بعض خصله فستانها الصيفي البرتقالي كلما هبت نسمة معبقة برائحة المحيط، اقبلت اليها شابة سمراء البشرة ذات شعر رملي وعينيها ذات لون مموج اشبه بقعر البحار، اقبلت اليها مبتسمة تحمل في كل يد بوظة ناولتها واحد واحتفظت بالتانية بينما ابتسمت لها الاخرى شاكرة، جلست كل واحدة منهما على كرسي بلاستيكي ابيض تحت مظلة تقيهما من اشعة الشمس الحارقة، وتداولتا الاحاديث حتى قالت صديقتها شيئا لفتها...
"يا ليت يأت فارس الاحلام ليشاركنا الاجازة..."
نظرت اليها الغبية مصدومة لتقول:
"من تقصدين بفارس الاحلام اي الشاب الذي تحلمين الزواح به في المستقبل، اليس كذلك؟... لا اظنك تقصدين من اظنه..."
نظرت اليها صديقتها مستغربة لتقول:"في الواقع لست ادري من تظنين ولكن اتمنى لو اعرفه في الواقع لاتزوج به، اغمضت عيناها بحماس بينما تقول:" ابتسامته الساحرة لا يمكن مقاومتها..."
اسندت الغبية ظهرها الى ظهر الكرسي بانزعاج لتقول:"اجل وبعدها يطرق على راسك ليوقظك..."
طرق احدهم على رأسها من الخلف ثم قال:"انت الوحيدة التي اطرق على رأسها لانك تذهبين الى عالم اخر" اردف بانزعاج:" لدرجة انني صرت اخشى الابتسامة امامك كي تبقى عقلك في مكانه في حال فاجئتنا اي مخاطر"
نهضت باعتراض: هذا غير صحيح... انا لا افقد عقلي عند رؤية ابتس...
قطعت جملتها لتسرح بابتسامته الساحرة عندما اقبل لصديقتها وانحنى امامها وقبل ظاهر كفها ثم قال: "سررت برؤيتك مجددا يا انسة..."
ابتسمت صديقتها بخفة لتقول: شعور متبادل
نظر الى الغبية ليجدها مازالت شاردة مبتسمة في عالم اخر، تنهد بملل وتوجه اليها، امسك ظهر الكرسي ودفعه للامام لتقع الغبية على الارض:" قامت من الارض بعصبية فقال ببرود:"كفي عن تلك التصرفات الغبية وقومي بالضيافة كما يجب..."
- الضيافة!...
- الم تدعيني الى هنا؟... اعطني كرسيا على الاقل
- انا لم ادعك الى هنا... ولما عساي افعل ذلك؟...
- لست ادري... اسألي نفسك... ربما لنفس السبب الذي جعلك تنتقمين لي...
قفزت حينها صديقتها لتقول: انتقمت لك؟ كيف ذلك؟... ظننت انك انت من تنتقم من الاشرار للفتيات اللطيفات
- اجاب الفارس ببرود: اجل... هذا ما يحدث عادة عندما تكون الفتيات لطيفات وغير غبيات... ولكن يبقى هناك حالات خاصة تنقلب فيها الموازين
ضحكت صديقتها بخفة بينما اقتربت منه الغبية غاضبة ولصقت البوظة بوجهه قائلة:"هاك ضيافتك... يمكنك الذهاب الان..."
اخرج لسانه ولفه على وجهه 360 درجة ليمسح البوظة ويأكلها ثم قال:"تعلمين جيدا ما عليك لكي اذهب" ابتسم شامتا وقرب الكرسي من صديقتها ليجلس عليه بينما هي تجمدت في مكانها حين وصلتها الفكرة، اي انها عالقة معه في هذا العالم ولا يمكنها التخلص منه الا بالموت...
احضرت كرسي لها ووضعته على الجانب الاخر لصديقتها محاولة الابتعاد عنه قدر الامكان، صارت تستمع الى احاديثهما السخيفة حتى قال الفارس، ما رأيك ان نذهب بجولة على ظهر فرسي والقى ابتسامته الساحرة، رمشت صديقتها بخجل بينما اسرعت الغبية لتبعد نظرها كي لا تقع اسيرة ابتسامته كالعادة، نهض الفارس ليسحبها من يدها قائلا:"هيا سنستمتع سوية" نهضت بحماس لتقف بجانبه فينظر هو الى الغبية ويقول:" هيا ما الذي تنتظرينه" نظرت اليه بانزعاج لتقول:"اذهبا وحدكما، لا اريد ان اذهب معك لاي مكان..." نظرات استهزائية من قبله تبعها قوله الساخر:"ومن قال انك ستاتين معنا لتفسدي علينا الفرحة؟... انا فقط اطلب منك ان تحضري حصاني"
التفتت اليه بغضب لتقول:"لست خادمة عندك، اذهب واحضره بنفسك..."
- لم يصفك احد بالخادمة، لكنك كما تعلمين، انت المستضيفة هنا، بالتالي انت الوحيدة القادرة على احضاره
اسندت ظهرها على ظهر الكرسي بضيق وعقدت ذراعيها لتقول:" ليست مشكلتي... اذهبا مشيا على الاقدام..."
نظر الفارس الى صديقتها بمسكنة ليقول: للاسف لن نقضي اوقاتا ممتعة فها صديقتك لا تريد ان تحضر فرسي
اسرعت صديقتها اليها لتمسك يديها متوسلة:
- ارجوك احضري فرسه، تعلمين كم اتمنى ان اركب فرسه الابيض واذهب معه الى عالم الاحلام ووو
- تبا انت معه فعلا في عالم الاحلام فما حاجتك الى الفرس
- ارجوك ارجوك ارجوك...
تنهدت الغبية بانزعاج لتعدل جلستها وتضع اصبعين في فمها وتصفر
حصانا اسود قدم ركضا ووقف امام الغبية، نهضت لتملس عليه وتداعبه وهمست في اذنه وعادت مبتسمة الى مقعدها قائلة:"تفضل..."
نظر الفارس الى الحصان ثم اليها ليقول: " من اين اتيت بهذا؟... هذا ليس فرسي ففرسي ابيض ليس اسودا..."
اتراني مصابة يعمى الالوان؟... اعلم ان هذا ليس فرسك فهذا حصاني، لكن لا تتوقع مني احضار فرسك فهو يكرهني من وقت افزعته بدراجتي النارية..."
تأفف بانزعاج ليقول "امرنا لله" حمل صديقتها ووضعها على الحصان ثم ركب هو وانطلقا
ارتخت على مقعدها لتزفر بارتياح: "اخيرا ذهب ذلك المزعج... ما زلت لا اصدق ما فعله البارحة بذلك الطفل المسكين... " اغمضت عينيها لترتاح قليلا، لم تمر ثوان حتى سمعت صوت طفولي" لديك سيقان جميلة..." فتحت عينيها لترى الطفل امامها يقف خجلا، ابتسمت تلقائيا لتفتح له ذراعاها فأسرع اليها وعانقها، حملته لتجلسه في حضنها وقبلته في خده وقالت "مرحبا ايها الصغير... متى اتيت الى هنا؟..." مسح خده موضع القبلة:" انت دعوتني الى هنا..."
- انا؟
ضحك الفتى ساخرا ليقول:"واضح انك لست من عالم الاحلام فلا تعرفين شيئا عن سيرورة الامور هنا..."
رفعت حاجباها مذهولة ثم قرصت خده:
- اتريد ان تقول انك تفهم في هذا العالم اكثر مني ايها الصغير
ابعد يدها عن خده بانزعاج ليقول بغضب طفولي"انا لست صغيرا... انا اكبر منك" فرطت ضحك لتقول:" عذرا ايها الكبير ظننتك صغيرا... بالمناسبة كم عمرك..." نظر اليها الفتى متفكرا ثم قال:"بما اننا في عالمك هل ستعطيني ساندويشة نوتيلا؟..."
فرغت فاهها مذهولة لتقول:"تبا... انت صغير ولكنك تجيد تغيير الموضوع... يا لك من محتال..." عبس الفتى ليقول: "قلت لك انني لست صغيرا..."
ابتسمت له لتقول:" حسنا حسنا... ساحضر لك افضل ساندويشة نوتيلا من عالمي..."
ذهبت الى المتجر القريب لتحضر له ساندويشة ثم عادت لتراه يبحث في حقيبتها وقد اخرج منها كل الاغراض وفرشها بالارض، حمل احدى ملابسها الداخلية ورفعها للاعلى قائلا:"ما هذا!..." اسرعت اليه واخذته منه لتقول:" الم تعلمك امك الا تلمس شيئا لا يخصك؟..." اخذت الحقيبة لتبدأ بلملمة الاغراض لتعيدهم اليها وهو يتفرج عليها بملل حتى اظهر إبتسامته الشقية وذهب ليبحث في الارجاء عن شيء ما...
انتهت من ضوضبة اغراضها لتجلس على الكرسي بتعب، بحثت عن الطفل بناظراتها مستغربة اختفائه حتى وجدته يسرع اليها من بعيد، وقف امامها يلهث ثم استعاد نشاطه فجأة ليقول بحماس، لقد احضرت لك شيئا جميلا، اغمضي عينيك ومد يديك، ابتسمت مستغربة وفعلت كما طلب، شعرت بشي قاس بسط على يديها ذات اطراف حادة، فتحت عينيها لترى ما ذلك الشيء الغريب لتلقيه ارضا بفزع وترفع قدميها على الكرسي وتجلس في زاوية منه مرعوبة، حمله الطفل اليها ليقول:"انظري اليه، اليس جميلا؟..." امعنت النظر اليه جيدا لتمد يدها على قلبها تسترجع انفاسها الذي اخذهم الفزع:"تبا لك... لقد اخذت نصف عمري... ظننته عنكبوتا..." قال ببراءة
- اذا انت لا تخشين السلاطعين؟...
- لا فقد ظننته عنكبوتا
- اذا خذيه
وضعه في حجرها لتبعده عنها بفزع، نظر اليها مستغربا ليقول:"ظننتك قلت انك لا تخافينها" تنهدت بيأس لتقول:" لا اخشاه بنفس القدر لكنه يشبهه على كل حال"
حمله الفتى واعاده اليها ليقول:"لكن السلطعون مسالم ليس كالعنكبوت..."
نهضت الغبية لتبتعد فامسكها الطفل من ثوبها واعادها الى كرسييها ليضعه في حجرها من جديد، ارادت النهوض لكنه امسكها باحكام، تبا له... رغم انه مجرد طفل الا انه يمتلك قوة لا يستهان بها... حاولت ابعاد السلطعون بتنفيض ثوبها دون ان تلمسه لكن دون جدوى، وساء الامر حين مشى السلطعون من ثوبها الى فخدها وغرز فيها اقدامه، قفزت ذعرة فاعادها الطفل ببرائته المعتادة قائلا:" لا تتحركي فأنت تخيفينه... " ارادت ان تمد يديها فامسكهما الفتى، حين عجزت عن الحراك وصارت تشعر بغرز اقدام السلطعون على لحمها، حتى صوتها خانها في الصراخ، حينها لم تملك الا ان تذرف الدموع والمراقبة عن بعد...
بعد برهة ظهر الفارس وقد عاد مع صديقتها من جولتهما يضحكان، ما ان رأى الطفل قرب الغبية حتى امر الحصان بالاسراع ليقفز منه ما ان وصل لقربها وابعد الطفل عنها، نهضت بسرعة من مجلسها تنفض عنها السلطعون حتى سقط على الارض، ابتعدت عنه خطوات وهي تراقبه حتى اسرعت اليها صديقتها لتعانقها محولة طمئنتها، نظر اليها مستغربا ليقول":كل هذه الفوضى لاجل سلطعون...؟
حمل الفتى السلطغون ليرفعه للاعلى قائلا: الغبية تخاف العناكب، ولأن السلطعون يشبهها تخاف منه ايضا..."
اسرع اليه الفارس ليمسك الفتى من ياقة قميصه ليقول:"هل يمكنني ان افهم ما اتى بك الى هنا..."
ضحك بشقاوة ليؤشر على الغبية قائلا:"هي دعتني..."
نظر الفارس اليها ليقول:"تلك الفتاة مصيبة، لا يمكنها ان تتحكم بخيالها كما يجب..." امسك الطفل من اذنه ليقول له مهددا: "اذهب اليها واعتذر لما فعلته، لا يمكنك ان تنفذ ازعاجاتك خارج عالمك فهذا خطر عليك..."
- هز كتفيه رافضا بانزعاج:"لكن الامر بعالمي ممل جدا..."
- هذا لا يهم... عليك ان تحافظ على حياتك فهي الاهم... الان هي اذهب واعتذر
دفعه الفارس اليها ليذهب يشحط قدميه بانزعاج حتى وقف امامها وقال:"انا اسف، كل ما اردته هو ان العب معك قليلا..."
هدأت الغبية قليلا لتنزل الى مستواه وتربت على رأسه قائلة:" لا بأس ولكن لا تعد اليها مجددا... قد ان تقتلني رعبا..." مسحت دموعها وعانقته فاحمرت وجنتيه ليبدو عليه الانزعاج فيبعدها عنه ويذهب ركضا تجاه الفارس، ترقب الفارس ما حدث بانزعاج ليتجه الى اقرب كرسي ويجلس عليه صامتا، امسكت الصديقة يد الغبية وجرتها الى كرسيهها ليجلسوا ثلاثتهم بينما توجه الطفل الى البحر ليسبح، نظر الفارس الى الغبية ليراها تراقب الفراغ، نكز صديقتها بمرفقه ليستفسر:"ما قصة الغبية مع العناكب؟... لما تخشاهم لتلك الدرجة؟..."
اطلقت تنهيدة انزعاج لتقترب منه وتهمس له:"انه ليس مجرد خوف بل هو رهاب العناكب" نظر اليها الفارس مستغربا فاردفت:"انه شيء ما حدث معها عندما كانت صغيرة، تعلم كم يتأثر الاطفال في هذا العمر..."
اظهر الفارس تفهما ليسأل:"وما الذي حدث معها؟..."
- ليس شيئا بتلك الاهمية، حتى اني اشك ان السبب كان العنكبوت... كانت تلعب في احدى البراري وشعرت بعضة في كاحلها، وعندما نظرت حولها وجدت عنكبوتا يقف بالقرب منها فاتهمته، لكن العضة كانت كبيرة بالنسبة لعنكبوت كما كانت مسمة، اظنها كانت افعى، ودخلت بسببها اسبوعا الى المستشفى وكانت تؤلمها كثيرا، ومن حينها هي لا تستطيع رؤية عنكبوت"
- هكذا اذا...
- اجل
- من السيء ان الطفل علم بخوفها من العناكب... ان كان في عالمها وفعل بها ما فعل، لو انه في عالمه من كان يدري ما سيحدث
- رمشت الصديقة عدة رمشات لتقول:"اعذره فهو مجرد طفل، كلنا نعلم الاولاد وشغبهم، لكنهم يبقون مجرد اطفال
- اه اجل بالطبع مجرد طفل... اتمنى لو كان كبيرا لاقتله دون ان يدافع عن برائته احد...
على انفعال الفارس استيقظت الغبية من شرودها لتنظر اليهما تستفهم ما جرى، ابتسمت الصديقة ببراءة محاولة اخفاء ما تحدثوا عنه الا ان الفارس ثار غاضبا، ان رأيتك تقتربين من ذلك الفتى مجددا ساقتلك...
صدمت من ردة فعله لتقول: ما الذي جرى فجأة، ما الذي فعله الفتى لك؟ هل كل هذا الحقد فقط لانه هربني ذلك اليوم من السجن؟...
- ما دخل ذلك اليوم؟... الم تري ما فعله بك منذ قليل؟
- ما الذي فعله؟.. اراد فقط ان يريني السلطعون... ما ادراه هو انني اخاف منهم...
- لقد قالها مفخارا عند وصولي (اردف ساخرا) الغبية تخاف من العناكب ولان السطلعون يشبهها تهاف منه ايضا
- هو قال ذلك؟...
- لم تسمعيه لانك كنتي منشغلة بخوفك من السلطعون، ثم لما اخبرته انك تخافين العناكب، الان اصبح لديه شيء يستفزك به
- وما همك انت؟ كأنه سيستفزك انت
غطى وجهه بكفه محاولا ضبط اعصابه ليقول:
-تبا... انت غبية لدرجة الحمق... اسطفلي، افعلها لحمايتك لكنك غبية كفاية كي لا تفهمي ذلك
لوحت صديقتها بيدها تحاول ان تبورد قليلا ثم قالت: - لقد اصبح الجو خانقا، ساذهب لاشتري شيء بارد
احلسها الفارس ليقول:" لا تعذبي نفسك... يبدو انه كلع الصباح وهذه الغبية تنام تحت النافذة فلفحتها الشمس
نظرت اليه صديقتها مستغربة:
- طلع الصباح؟... اننا في وقت الظهيرة
- انسي... افعلي ما تشائين
- حسنا...
ذهبت صديقتها لتشتري وعادت تحمل ثلاث تنكات بيبسي اعطت لكل واحد واحدة، رفض الفارس ان يأخذها لانه علم ان ذلك بلا فائدة، لكن الغبية اخبرته انه حله الوحيد لانها لا تفكر بالعودة للواقع على طريقته، اخذها بغيظ ليفتحها ويشربها، سمعوا صراخا من بعيد ليروا الطفل يصرخ قد سحبه البحر، نهضوا واسرعوا اليه، توقفت امام المياه حذرة فطلب الفترس من صديقتها ان تتوقف، وما هي ثوان حتى هاج البحر، واقبلت موجة كبيرة وارتفعت الى ما يزيد عن ستة امتار، نظر الكل اليها برعب وتسمروا في اماكنهم بينما سخبهما فارس الاحلام بسرعة ليركب الحصان ويصعدهما ويهرب سريعا معهما، ما ان ابتعدت عن البحر حتى هدأت ثم تذكرت الفتى، طلبت ن الفترس ان يعيدها لكن للبخر لانقاذه لكنه اخبرها انه لا فرصة له للنجاة، قفزت عن الحصان لتطلق جناحاها وتسرع الى البحر، وما ان توهج مشاعرها حتى اهتاج البحر معها، اصبحت تبحث في المياه بينما تتفادى الامواج الطاحنة، انزل الفارس صديقتها في بر الامان واسرع الى الغبية ليجدها ملقية على الرمال يائسة لم يعد بمقدورها الطيران بعد ان ابتل ريشها والبحر مازال، امسكها الفارس من ذراعيها وهزها ليوقظها مخاطبا اياها:" اهدئي ايتها الغبية اهدئي، الامر كله متعلق بمشاعرك وخيالك، حاولي ان تهدئي لكي يهدأ البحر"
- نظرت للبحر لتقول: كيف لي ان اهدء والفتى هناك ما يزال يصرخ ويستنجد ولا استطيع ان افعل شيئا
نظر للفتى ليراه ما زال يطوف في المياه الهائجة على عكس بقية من تواجد حوله اصبحوا مجرد جثث، ازدرى الفارس ريقه ليشمر عن ساعديه ويقول:"ساذهب انا لانقاذه لكن انت حاولي ان تهدئي والا قتلتنا سوية... حاولي ان تهدئي ليهدأ البحر..." اسرع للبحر وهي تحاول ان تراقب الاوضاع وصار الفترس يسبح باتجاه الفتى، وعندما رأت ان كل ش دي يسير على ما يرام هدأت لتهدأ معها الامواج...
《《 سبح الفارس حتى وصل الى الفتى، امسكه من ذراعه وضمه اليه ليأخذه الى الشاطئ لكن فجأة انقلبت الموازين، امسك الطفل الفارس وصار ينزله لتحت المياه محاولا اغراقه، بصعوبة تخلص يديه ووجه اليه لكمة ليغمى عليه فيمسه ويأخذه الى البر 》》
اسرعت اليه الغبية لتتفقده، ارادت ان تنعشه لكنه اخبرها انه ليس بحاجة لذلك فهو بخير، انما فقد وعيه جراء لكمة وجهها اليه، نظرت اليه بغضب لتعاتبه على معاملته القاسية للفتى على الدوام، لكنه تجاهل كلامها ليجلس على الرمال حتى استيقظ الفتى، وجد الطفل نفسه بين ذراعي الغبية وما ان لاحظت استيقاظه حتى ضمته اليها لتقول له:"لقد اخفتنا، لا تعيد ذلك الامر مجددا.." اغمض عينيه ليسند رأسه على كتفها ويبادلها العناق، الطفل استيقظ وهو بين يديها بامان لكنها ما تزال تشعر ان هناك شيئا خاطئا يحدث، نظرت لفارس الاحلام جالس في الكرسي غاضب ولمدكز بخير ومعافى، اذا اين الخطأ، نظرت للحصان الاسود للتذكر ان صديقتها ليست معهم، افلتت الفتى واسرعت الى الفارس لتساله عن صديقتها، ما ان تذكرها قام فزعا، اوصاها ان تحمي الفتى بدلا من الخوف لان ذلك سيزيد من الخطر وقبل ان ينطلق بالجواد لاحظ تجمع الناس حولهم، وبينهم احدهم يمسك صديقتها موجها اليها خنجرا، وصاح زعيمهم اذا انهم انتم الوحوش مجددا!...
سلمونا تلك الوحش نسلمكم صديقتكم"
خطت الغبية خطوة ليمسكها الفتى من يدها قائلا:"انت لن تنصاعي لهم... اليس كذلك
ظهر البؤس على ملامحها لتنزل اليه وتقول له:"انا اسفة لكنهم يحتجزون صديقتي"
اقترب اليها الفارس ليقول:" مازال امامك ان تستيقظي وهكذا يعود كل منا الى عالمه بامان
دفعه الفتى قائلا:"دائما تستخدم اسلوب التهرب، لست مضطرة الى ان تمري بتلك التجربة المقية كي تتخلصي من المشاكل، كوني مقدامة... هذا كله عالمك وهو تحت سيطرتك، لا تظهري الرحمة، جزري بهم، لا تتركي منهم احياء. لا احد منهم يستحق ان يعيش، بيد انهم يعيشون بعالمك هم يؤذونك باستمرار، لو كنت مكانك وخيالي ما زال بيدي لانزلت على كل من يحاول ان يتجبر علي رعدا من السماء وقضيت عليه
نظر اليه الفارس بامتغاض ليقول:"هل هذه لطشة؟..."
ازاح الفتى عينيه عن الفارس بغيظ ليقترب الفارس من الغبية ليقول لها:" امامك خياران، اما ان تموتي ويعود كل منا الى عالمه، اما ان تسلميني خيالك كي احمي عالمك وانظمه كما يجب للابد، وهكذا لن تضطري ان تم تموتي في كل مرة...
قبل ان تبدي رفضها للموضوع قفز الفتى معترضا وهو ينصحها بصراخ ان لا تنخدع بحسن كلامه فهو قد جرب ان يكون تحو رحمته وهو يذوق الذل يوميا بسببه، حمله الفارس من قميصه بغضب لتخرج الغبية رمحها الذهبي وتوجهه الى الفارس تهدده ان يترك الفتى، نظر اليها الفارس مستغربا من تصرفها اذ تأثرت بسرعة من كلام الفتى وزادت على ذلك عندما رفعت رمحها للاعلى لتتجمع الغيوم فوقها مشكلة زوبعة، اشارت برمهحا على الناس المتجمعة لتصيب كل واحد منهم صاعقة فيفحموا ويصبحوا سودا من راسهم لاخمص قدميهم الا العنين والاسنان، سقطوا على الارض خارقي القوة لتضع تاجا على رأسها معلنة انها الملكة المطلقة في عالمها، واي شيء يحدث خارج رغبتها سيعاقب صاحبه، هرب التجمع من الناس تاركين صديقتها وحدها، ما ان رأت انها اصبحت حرة طليقة حتى اسرعت الى حضن فارس الاحلام تبكي وتشكو وه. يحةول تهدأتها
نظر الفتى الى الغبية ليقول لها، احسنت صنعا، كوني دائما هكذا قوية، لا تتركي احدا يخيفك، كوني انو مصدر الخوف في عالمك، رغم اني لو كنت مكانك لكنت قتلتهم بدلا من معاقبتهمانحنت امامه لتصبح بمستواه وتضع اصبعها على انفه قائلة: لا يمكننا ان نقتل الناس عندما يخطئون، طبع البشر سموحين لانهم يقدرون على المسامحة، هل تحب ان اقتلك فقط لانك افزعتني بالسلطعون؟... علينا ان نحاول فهم ظروف الغير، انو مازلت صغيرا وهناك الكثير لتتعلمه لتصبح يوما ما رجلا عظيما...
احمر خدود الفتى ليقول بخجل: " وهل تتزوجينني حينها"
ضحكت الغبية من كلامه لتقول:" تتزوجني انا؟..."
- اجل فانت اجمل وافضل واحسن فتاة راتها عيني... على الاقل لا تتضايقين من شقاوتي، او ان تضايقتي لا تعاتبينني كما يفعل البقية
اقترب الفارس منه ليدفعه قائلا:"ولما تظنها ستتزوج فتا مزعجا مثلك يصغرها بسنوات
- قال الفتى باعتراض: انا احدثها هي فلا تتدخل انت
- احاول ان اسهل عليها الامر، لربما خافت ان تجرح مشاعرك.. فهي غبية على كل حال
- مهما بلغ غبائها لا تتدخل، فانا اسالها هي لا انت
- وما حاجتك الى زوجة غبية، صدقني عندما تكبر لن تعجبك، الان عقليكما متشابه فانت صغير وهي غبية، لكن عندما تكبر سينمو عقلها وتبقى هي غبية...
- اسرع اليه ليضربه على وجهه قائلا: لا تهين زوجتي المستقبلية
ضحكت الغبية لتحمله وتقبله على خده قائلة: وهل سأجد زوجا افضل منك
ابتسم الفتى بفخر بينما قال الفارس مستهزئا: هل قبلتي للتو عرضه للزواج؟
هزت بكتفيها قائلة: ابحث عن شاب مسؤول منذ زمن، ان كان هكذا وهو طفل فكيف سيصبح عندما يكبر
- انت غبية بالفعل، هلا اعدتنا الى عالمنا الاننظرت اليه بدهشة لتوجه رمحها اليه وتقول:" اياك ان تحاول"
سحبها الفتى من يدها قائلا:" اذا تعالي العبي معي الى ان تستيقظي، هناك الكثير من السلاطعين الذين ينتظروننا لنلعب معهم" سحبها خلفه وهي تصرخ طالبة النجدة بينما لم يعترض الفارس لانها من وضعت نفسها في هذا
الروائية الصغيرة
الروائية الصغيرة
Admin

عدد المساهمات : 14
تاريخ التسجيل : 18/03/2016

https://kawadr.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فارس الاحلام Empty رد: فارس الاحلام

مُساهمة من طرف الروائية الصغيرة الإثنين سبتمبر 05, 2016 10:49 am

الفصل الخامس


نظر الى نفسه في المرأة، برآته تطغى على عمره، رغم ان طفولته شقية الا انه ليس لمن يراه ان يشك عن كونه مجرد طفل، جلس في كرسي موتر الاعصاب، افكار هائجة تعصف به، تأخذه مآخذ بعيدة لا يريد ان يصل اليها، لكنها تهجم على رأسه دون رحمة وتراوده دون انقطاع...
يبدو انه الحب...
الحب الذي تهرب منه منذ زمن ها هو وقته قد حان...
صورها لا تفارق مخيلته التي يبدو انه اضحى مهووسا بها
رنين ضحكتها...
نظراتها المعاتبة...
حضنها الدافئ...
خوفها المرهف...
كل شيء منها يهاجم عقله في ان معا منذ ايام...
منذ ايام وهو يحاول ان يقاوم ذلك الشعور
ولكن اليوم تأكد ان ذلك مستحيل
تأكد انه الحب قد اطلق ندائه والفرار منه مستحيل...

نهض لينظر الى نفسه في المرآة فيرجع خصلات شعره للخلف وعقد العزم، اظهر في وجهه برائة الطفولة التي لا تسمح لامه ان ترفض له طلبا وتوجه اليها
- امي... انا ذاهب الى فارس الاحلام
ابتسمت له امه موافقة واكمل طريقه، القى التحية على اخوه ذو العشرة سنوات وانصرف

وصل الى المقر ليسأل عن الفارس فاخبروه انه في مهمة، جلس في احدى المقاعد فمهماته لا تطول عادة...
عاد الفارس ومعه سجين، نظر الى الفتى الجالس على الكرسي ليراه شاردة في شيء لا يعلم ما هو، استغرب اذ انه ليس من عادته ان يجلس بهدوء، دائما ما يشاغب في كل مكان، تجاهله بينما الكل يلقي التحية على الفارس، فيأخذه الى المحكمة سرعان ما حكم عليه بالاعدام، خرج الفارس مع السجين ليأخذه الى الزنزانة لكن الفتى قاطعه وسط الطريق:
- مهلا ايها الفارس... متى ستحضر الغبية مجددا؟...
- استغرب الفارس سؤاله:"ومن قال لك اننا سنحضرها
- لكننا لم نعدمها بعد
فنجر الفارس عيناه من غباء الفتى اذ انه يكاد يفضحه امام السجين، طلب من أحد الحرس ان يرافق السجين الى الزنزانة ويحرسه ريثما يتكلم هو مع الفتى، إنصرف الحارس مع السجين لينفرد الفارس بالفتى فيفتح الموضوع بروية:
- هل يمكنني ان اعلم ما الذي ذكرك بالغبية الان؟...
- اراكم احضرتم سجينا جديدا قبل ان ننهي المهمة مع الغبية
- لقد تم انهاء مهمتها قبل اكتمالها
فنجر الفتى عيناه من الصدمة ليقول: ولماذا!...
- هذا شأني... هل لديك مانع؟
- وما الذي دفعك لذلك؟...
- هذا يخصني...
اثار كلام الفارس الغضب في الطفل فقفز عليه ليسقطه ارضا فينهال عليه ضربا حتى اتى بعض الحرس وابعدوه عنه، مسح الفارس بعد الدماء التي نزلت من انفه ليقول:
- يبدو انك تمارس الفيزيك كي تكون بهذه القوة
- اتركنا من اللحديث عن قوتني... هلا اخبرتني الان ما حدث مع الغبية؟... لما الغيت مهمتها؟...
- ابتسم فارس الاحلام ساخرا ليقول'
- اه لقد تذكرت... الغبية زوجتك المستقبلية... هل يعقل انك تغار وتخشى ان اتقرب منها
اسرع الطفل الى الفارس ليضربه لكمة على وجهه الا ان الفارس امسك يده ولوى ذراعه للخلف ليمنعه من الحركة، همس في اذنه: "حبك السامي سيفشل... بما انك لن ترى الغبية بعد الان... "
دفعه للامام ليفلت ذراعه فيمشي عدة خطوات سريعة كي لا يقع، وقف بثقة لينظر الى الفارس باحتقار وحقد ثم انصرف...
عاد الى عالمه، دخل غرفته، بين حاجته لرؤية الغبية وقهره من انهزامه امام الفارس، صارت الافكار تدور بعقله وتأخذه مآخذ خطيرة، وضع يديه على رأسه ليصرخ بغضب: كفى... يكفيني هذا القدر... لا يمكنني الاحتمال اكثر من هذا..." اسرعت امه واخاه اليه ليطردهما من الغرفة فيغلق الباب بعنف، جلس على الارض مستندا على الباب مفكرا: يجب ان اراها...باي طريقة لكن يجب ان اراها..." رفع رأسها وابتسامة قد علت محياه لفكرة لمعت في رأسه، نهض بسرعة واتجه للخارج قائلا: "امي انا ذاهب لرؤية فارس الاحلام..." استغربت والدته، هذه ثان مرة يذهب اليوم لمقابلة الفارس رغم انه لا مهمة له اليوم، الا ان الفارس ليس بالشخص الذي يخاف على الطفل ان ذهب لزيارته لذلك لم تمانع، 《《 توجه مباشرة الى المقر ليسأل عن مكانه، فاخبروه انه ذهب في مهمة من جديد، طلب الاذن ليكلم المسؤولة في المقر فسمحوا له بالدخول، عندما دخل نظر حوله ليرى العديد من الحواسيب ولا بد ان الحاسوب الكبير هو حاسوب المسؤولة حيث يجري فيه كل العماليات، على كل حال هو ليس مهتما بالعماليات الحالية، انما هو مهتم بالعماليات المنتهية، سأل المسؤولة عن مهمة جديدة يمكنه ان يفعلها فجلست على الحاسب لتبحث عن المهمات الشاغرة، توجه مباشرة الى المسؤول عن العمليات المنتهية ليقول:
- لقد سمعت ان مهمة الغبية قد انتهت
قال المسؤول:
- هذا صحيح
- لكنكم لم تعدموها
- هذا قرار اتخذه الفارس فليس لنا ان نطعن به
شد الفتى على قبضته حيث كاد الغضب ان يفتك به لكنه حاول ان يساير الرجل في الكلام:
- ولما قرر انهاء المهمة؟
- لست ادري...
- اانت متاكد انها هي التي حكم عليها بالانتهاء؟
- اجل بالطبع
- هل يمكنني ان ارى السجل لاتأكد من هويتها؟
تنهد المسؤول من الحاح ذلك الفتى وفتح ملفها ليريه اياها، ابتسم تلقائيا لرؤية صورتها، ودخل جوفه الطمئنينة وارتوى قلبه العطشان لرؤيتها بعد طول غياب، نظر الى رقم طاقتها وحفظه ليشكر المسؤول وينسحب، نادته المسؤولة لتخبره عن المهمات الموجودة لكنها استغربت ذهابه دون ان يرد لها اي اعتبار...
دخل غرفته》》 ليملئ في حقيبة اهم حاجاته ثم يخرج من عالمه متوجها الى عالم فارغ ليبني به عالمه الجديد، ويبدأ حياة جديدة مع عروسته المرجوة
بنى بخياله عالم صغير ولكن جميل، نسجه باحلامه الوردية، وبعد اكتمال كل شيء لم يبق الا دعوة عروسه لتسكن معه ويعيشان بسعادة الى الابد
ظل يرسل اليها الدعوات لساعات الى ان ظهرت امامه، قفز امامها بشقاوته المعتادة ليعانقها فتبادله العناق، جرها الى وسط الغرفة ليقول لها:" ما رأيك بمنزلي الجديد؟..."
جالت بنظراتها في الغرفة لتبدي انعجابها بذوقه الراقي رغم صغر سنه، قال بحماس:"لقد بنيت عالمي الخاص لتشاركيني اياه... سنتزوج ونعيش هنا بسعادة وهناء..." ابتسمت له رغم ان الامر بدى غريبا بعض الشيء بالنسبة لها اذ التمست من كلامه بعض الجدية، لاحظ بعض التردد في ملامحها ليقول لها:" لقد وعدتني ان تتزوجيني عندما اكبر... اليس كذلك؟
ابتسمت له لتقول لكنك مازلت صغيرا، فكر حاليا بما يفكر به الاطفال من عمرك..."
غير حجمه فجأة ليصبح شابا كبيرا يعلوها طولا وجسمه ممتلئ عضلات فيقول بصوت اخشوشن عما سبق:" لقد اخبرتك انني لست طفلا صغيرا... اخبرتك مسبقا انني اكبر منك..."
لم تدري اي تعبير تصنع في وجهها اذ ان ما حدث الان كان اخر ما تتوقع، أهي مزحة من مزاحه المعتادة ام انه فعلا كبير... ما الذي يحدث بالضبط"
اخرج الفتى الذي تحول الى شاب علبة مخملية زرقاء من جيبه ليركع امامها ويفتحها ليظهر خاتم خطوبة ذات ماسة رقيقة ثم قال:" ارجوك ان تفرحي قلبي االمتيم بان تقبلي الزواج مني"
هنا لم تعد تعلم ما تصنع، في اي مأزق وضعت نفسها، ليس الزواج لعبة كي تتزوج شاب بالكاد تعرفه او بالاحرى هذه اول مرة تعرفه كما لا يمكنها ان تخذل الفتى ان صح انه هو فعلا فقد وعدته بالزواج منه، ادارت له ظهرها محاولة التنكر لما جرى الان فنظر اليها بانكسار، نهض ليمسكها من كتفها فابتعدت عنه فزعة، نظرت اليه بريب لتقول له:" من انت؟... واين ذلك الفتى؟..."
زفر الشاب بملل ليقول:"لقد اخبرتك انني انا ذلك الفتى، ولكن هذا حجمي الحقيقي..."
- ان كان كلامك صحيح فلما تاخذ شكل الطفل عادة؟...
هذه استراتيجيتي لاستمر في الحياة في هذا العالم القاس
- استراتيجيتك؟... اي استراتيجية هذه؟
انه شيء يخصنا نحن سكان الاحلام، لا يمكننا البوح باسرارنا لسكان الواقع، لا يمكنني ان اخبرك اكثر من هذا الحد، لكن صدقيني حبي لك حقيقي وخالص، منذ ايام لم تمر لحظة دون ان افكر فيها الا بك...
اطلقت ضحكة سريعة لتنفس بها عن مكنونات عجزت عن فهم ماهيتها بالضبط، فكل شيء بدا لها مبهما وهذا الشاب الذي ظهر لها فجأة مدعيا انه نفسه ذلك الفتى يصر عليها ان تقبل الزواج منه، نظرت اليه، شبهه للفتى كبير لحد لا يصدق والخاتم بيده والبيت الصغير الذي بناه، الامر واضحا لكن عقلها يرفض تقبل تلك الفكرة ثم ما قصة اسرار سكان الاحلام، لقد كلمها الفارس عن ذلك سابقا
امسكها الشاب من يدها لينظر اليها بتوسل قائلا:" هيا لا تكوني خجولة، سنعيش هنا اجمل ايامنا... سنكون بعيدين عن الفارس النذل ولن نتجرع المذلة منه بعد الان...
على ذكر الفارس، هل يعقل انه يعلم عن عمره الحقيقي؟ هل لذلك كان يعامله بقساوة دون ان يبالي؟... وهل هذه كانت سبب مشاكلهم الدائمة؟...
قطع سيل افكارها الشاب: "هيا هات يدك لالبسك الخاتم" امسك بنصرها ليدخل به الخاتم الا انها سحبت يدها سريعا وابتعدت عنه" نظر اليها مستغربا ليقول:"ما الذي دهاك؟... لقد اخبرتني يومها انك تقبلين بي وانك لن تحظي برجلا افضل مني..."
غطت وجهها بكفها وهي تسترجع شريط احداث ذلك اليوم " يا الهي... لقد قلت ذلك حقا... لكنه كان مجرد طفل... ظننت انه سينسى امري مع مرور الوقت ليحب فتاة من عمره..."
اقترب منها الشاب ليمد يده برقة الى ذقنها ويرفع رأسها ليقول لها:" ما الذي يجري معك؟...هل غيرت رائك؟... ام انك كنت تخدعينني حينها؟..."
- اخدعك؟...
قالتها باستهجان :" لا لم اكن اخدعك لكن حينها كنت... مجرد طفل و..."
قال ببرود:" ان اردتني طفلا يمكنني ان اعود طفلا..."
- نظرت اليه تفكر بما قاله لتفر منها ضحكة استهبال وتقول:" لا ليس انني اريدك طفلا ولكن..."
اشارت بيديها محاولة الشرح ما عجز لسانها ان يشرح لكن لم توصل تلك الاشارات الا انها تحاول التهرب بطريقة ما
ضيق الشاب عينيه بعيظ وسك على اسنانه ليقول:" اذا كنت تخدعينني؟..."
- ليس الامر هكذا...
- بل هو كذلك... لقد وعدتني وجعلتني اعيش في امال زائفة... تخليت عن عالمي مع عائلتي لكي اعيش معك بأمان لكنك... لكنك افسدت كل شيء...
- عليك ان تفهم شيئا... نحن لا يمكننا ان نعيش سوية مهما حدث...
- حقا؟... لماذا؟...
- لا تنسى اننا من عالمين مختلفين...
- وان...
- لا يمكننا ان نندمج ابدا
- اذا انت ترفضين فكرة ارتباطك بي كليا؟...
الامر بدا واضحا من تصرفاتها، لم يحتج الامر تأكيدها للرفض شفهيا ورغم ذلك اراد ان يسمعها منها ليمحو اخر امل بناه في هذه العدة ايام... هي تعلم انها ترفض الفكرة ولكن شيء ما عقد لسانها، لم يسمح لها ان تقول ذلك الى ان رآها ساكتة متصنمة هكذا فصرخ بعصبية:"تكلمي!..." ارتجفت فرائسها لسماع صيحته وما كان منها الا ان هزت براسها مؤكدة كلامه
حينها رمى في الماضي ما تبقى له من هدوء وصبر، ضيق عيناه متوعدا لها، اغمض عيناه ليخرج كامل الشر الكامن فيه لتنخفض انوار الغرفة فتصبح مظلمة، انقلب النهار ليلا ليبدي من نافذة الغرفة شجرة عارية الاغصان سوداء كستها الوطاويط ذات العيون الحمراء، وخلف الشجرة العارية القمر بدا كأنه ينذر بليلة مرعبة حلت كلعنة عليها، فتح الشاب عيناه لتبدو اللمعة الوحيدة في ذلك الخيال الاسود وسط تلك الظلمة، اقترب منها ليهمس لها: "لا يتلاعب احدا بمشاعري دون ان اذيقه امر العذاب..." دفعها لتسقط للخلف فيلتقطها شيء مرن، التفتت لترى ما هو فتلحظ انها شبكة، ارادت ان تستند عليها لكي تنهض مجددا لكن ذراعيها كانتا ملتصقتين بها بمادة ذبقة، دون تفكير سرعان ما علمت انها بيت لعنكبوت، حاولت ان تبتعد بتوتر عن الشبكة لكن كلما تحركت اكثر علقت اكثر، نظرت اليه مرعوبة، رجته لكي يساعدها على الخروج لكنه وجه اليها نظراته الحاقدة ليقول بلؤم :" لم انل من تعذيب احد قبلا مثلما سانال الان من متعة، فلما تظنين انني قد اساعدك؟... اسف يا عزيزتي لكن للانتقام لذة لا يضاهيها شيء اخر..." فتح الباب وخرج ليتركها تصرخ راجية ليساعدها، اغلف على قلبه واغلق الباب خلفه...
وحيدة تستنجد في ظلمة الغرفة وليس هناك من يستجيب، تصرخ وتصرخ حتى سمعت حرطقة في احدى زواية الغرفة، هدأت فجأة لتشغل جميع حواسها كي تعلم مصدر الصوت، سمعت الصوت يزحف عبر الشبكة، لم تجرؤ على النظر اليه، فقد اغمضت عيناها بشدة مبعدة وجهها للجهة الاخرة وتئن ونة صامتة، تحاول الهروب من ذلك الواقع لكن دون جدوى، وصل العنكبوت الى يدها، هزتها بهستيرية ليسقط على الارض، حاولت ان تبعد قدميها عنه بالقدر الذي سمحت له الشبكة الملتصقة بها حتى احست بعنكبوت اخر يتسلق يدها الاخرى، هزت يدها مجددا ليتبع الاول؟ في حينها تسلق الاول احدى قدميها، حاولت ان تهز قدمها لكن عنكبوتا اخر صعد يدها، حاولت ابعاده فتسلق العنكبوت الاخر في الارض ساقها وكذلك اتت ثلاث عناكب جديدة عن يمينها، نظرت للشبكة، اصبحت كلها ممتلئة بالعناكب، لم تعد تقوى على التفكير بابعادهم لكثرة عددهم، فحاولت الحراك لتفتلت من الشبكة لكن الامر لم يزداد الا سوءا فحتى رأسها علق في الشبكة هذه المرة، حركت عيناها يمينا ويسارا لترى العناعب قد غطت كامل ذراعيها بينما ما كان لساقيها الا ان تشعر بهم دون رؤيتهم، مع كل نفس تأخذه كانتوتزداد رعبا فيزداد تنفسها سرعة حتى فقدت ادراكها وبدأت الصراخ بهستيريا...
***
دخل الفارس الى المقر ليطمئن على الاوضاع بعدما عاد من مهمته، رأى الامور طبيعية جدا، الكل جالس مكانه، يعمل بملل، ناولته المسؤولة كوب من القهوة ودعته للجلوس، اعتذر ان الاعمال كثيرة لذلك يجب ان ينصرف، ما ان خرج حتى اطلق الكل تنهيدة ارتياح، بارك الجميع المسؤولة لاستطاعتها انقاذ الفارس من الخروج من عالمه بخداعه بخيالها وتغيير بيانات الشاشة الى بيانات طبيعية دون هجوم او مخاطر...

***

استمر صراخ الغبية دقائق حتى غطت العناكب كامل جسدها وصعدت على وجهها ما اجبر على اخفاء جصوتها خوفها من دخولهم الى فمها، حينها دخل الشاب ليرى الامور تسير على خير ما يرام، استند على الجدار يراقبهة عن قرب بينما هي ظلت متجمدة من الخوف ساعتين الى ان خارت قواها وكادت ان تفقد وعيها، عندما احس الشاب بانخفاض الطاقة الذي يكسبها منها اقترب لتبتعد العناكب وتعود الى مكانها فيرى الغبية شبه ميتة، نظر الى اللسعات في كامل جسدها ثم نظر لعينيها الذبلتين وتتحدث بصوت بالكاد مسموع لكنه تكهن انها تطلب منه ان ينقذها، مرر يده في شعرها ثم ملس على وجهها ليقول لها:" اسف لكني لم اتشفى منك كفاية بعد... ارتاحي قليلا ستحتاجين لكمية هائلة من الراحة بعد قليل" ابتسم ابسامته الشقية ليردف "فما يأتي سيكون اعظم..."
خرج ليتركها تحاول طلب العون لولا التعب الذي اعياها، وبين خوفها من قدوم اي عنكب وتعبها لم تستطع الارتخاء...
***
عاد فارس الاحلام الى مقر القيادة وكان من حسن حظهم ان الغبية كانت في هذه اللحظة في وقت استراحة، فلم يبد اي استنزاف للطاقة على الشاشة، دخل الفارس قائلا:" اين القوة التي عرضموها علي منذ قليل، دعني اخذها علني استريح قليلا ثم استأنف عملي بنشاط" جلس بينهم يشرب القهوة ويحدثهم عن مغامراته هذا اليوم، وعن ملاحقته للنتن وعصابته...
***
عاد الشاب ليدخل الغرفة ثم اقترب من الغبية، نظر اليها ليراها لم تتغير حالتها، قال لها: لقد اعطيتك نصف ساعة من الراحة، اظنها كافية لاستعادة نشاطك، اقترب منها ليهمس في اذنها:" استعدي فوقت المرح قد آن " لم يكد يقول جملته حتى ادمعت عينيها تترجاه ليترك فكرة الانتقام، وانها ستتزوجه ان اراد، لكن تلك الجملة الان لم يعد لها اي قيمة، فمن الجميل ان تنطق بها بملئ ارادتها، يده التي كانت مستقرة على خدها فجأة اخذت طابع وبر خشن، اقشعرت من ملمسها الا ان ذلك لم يكن شي مقارنة بالصوت الغريب الذي صدر قرب اذنها، حاولت الابتعاد لكنها كانت مثبتة، فجأة ازداد حجمه ليصبح ما كانت تخشاه حقيقة امامها، الشاب تحول الى عنكبوت عملاق كشر عن انيابه وعضها في كتفها مخترقا عظامها، اطلقت صرخة عالية ارتجت في غرفته الصغيرة دون ان تبلغ احد سواهما
***
وضع كوب القهوة ليستأذنهم كي يستأنف عمله، لكنه تذكر امرا مهما، عاد اليهم ليسألهم عن الطفل الشقي، اخبروه انه اتى صباحا كي يحجز مهمة له لكنه ذهب دون ان يأخذها، استغرب تصرفه لكنه تجاهل واتجه الى المسؤولة طالبا اليها ان تدون المهمة الجديدة باسمه فهو سيحبها كثيرا، قالت حاضر وانتظرت خروجه، نظر اليها متفحصا:" ما الذي تنتظرينه، لا عمل لديك فاذا دوينيها...
توترت ولم تعد تعرف ما تقوله فقال المسؤول بعجل: "ان رأسها الان يؤلمها وقد تخطئ الكتابة بهذه الحالة، دعها لترتاح الان وانا اذكرها فيما بعد" نظر اليها الفارس بشفقة ليبعثر شعرها قائلا:"يا للمسكينة، من كثرة العمل اصبح رأسك يؤلمك، اذهبي وارتاحي وانا سأتكفل بالامر...
- نهضت مسرعة لتقول له: لا داعي... لا داعي... سأدونها بنفسي فيما بعد...
نظر الفارس اليهم بريبة ليعلن موافقته وينصرف، جلس الجميع مرعوبا لتقول:"كدنا ان ننكشف...
- المسؤول: الم ينتهي ذلك الاحمق من هجومه بعد؟
- المسؤولة: على علمي انه انتهى، لكن بدأ فجأة هجومه من جديد... وما استغربه كمية الطاقة التي تطلقها الضحية رغم ان طاقتها ضعفت للحدود السفلى منذ قليل...
- اذا هذه المرة لن تطول كثيرا... لا فرصة لديها للنجاة حتى وان ذهب اليها الفارس
- في هذه الحالة سيكون علي ان ابقي الامر سرا قدر الامكان لان ليس في كل مرة تسلم الجرة، ولن يعود الفارس سالما الى الابد
دخل الفارس الغرفة ليقف قائلا:" هكذا اذا... ما زلتم تحاولون الاخفاء عني، ساترك المهمة لبعد عودتي فلا وقت لي لاضيعه
- اوقفه المسؤول ليقول: انت مهمتك هنا في عالمنا، نحن نحتاج اليك، لا يمكنك ان تتركنا وتذهب، ماذا سيحل بعالمك في حال انك مت؟...
- ساعود سالما
- ليس الامر كما انت تريد
- هل مت يوما في مهمة خارج عالمي؟... وانظر لعالم المهاجم، واضح انه عالم جديد، ما يعني لا خبرة لديه
- المسؤولة: في الواقع هو يمتلك خبرة اكثر مما تتصور، فقد ترك الضحية ترتاح من فزعها كي لا تموت قبل ان يمتص كامل طاقتها
- الفارس: جديد ذو خبرة!... كيف يعقل ذلك؟!...
اقترب من الشاشة ليرى رقم طاقة المهاجم ليفتح عينيه على وسعهما من الصدمة فيسأل بعجل:"اين الطفل الشقي؟...
- المسؤولة: يفترض انه في عالمه
- تقصدين عالمه الجديد؟...
- هل هذا المهاجم هو نفسه ذلك الفتى؟...
هز الفارس رأسه ايجابا لتلح عليه المسؤولة ان لا يذهب فالكل يعلم توحش الفتى رغم صغره، بعض النظر انه عندما يكون في عالمه والسيطرة بالكامل له بالتأكيد لن يستطيع الفارس مجاراته، طلبت منه ان يترك امره الى ان يعود فيعاقبه كما يجب، وفي كل الحالات الضحية اصبحت شبه ميتة...
شد الفارس على قبضته بقلة حيلة ليفتح عينيه على وسعهما مذهولا فيسأل:"ما الذي اتى الفتى ليفعله هنا بالضبط؟..."
- المسؤولة: لقد اخبرتك... اتى ليبحث عن مهمة
- الفارس: الم يتكلم الى احد سواك
نظر الكل الى بعضهم ليقول المسؤول:" بل اتى ليسأل عن الغبية"
- وماذا فعلت انت؟
- اخبرته ان مهمتها انتهت
- و؟...
- حينا لست اذكر بالضبط...لكنه سأل الكثير من الاسئلة
- هل اخبرته عن رقم طاقتها او اريته سجلها
حك المسؤول راسه متفكرا ليقول: حسنا لقد اراد ان يتأكد من هوية التي اوقفنا مهمتها دون ان تكتمل فاريته اياها
صار يذهب ويجيء بعصبية حتى قال لهم:" اسف لن استطيع الانتظار مكتف الايدي

ذهب ليتركهم بحزنهم ويصل الى عالم الشاب، رآها مغمية على الشبكة بينما عنكبوتا عملاقا بالقرب منها، امسك يدها قائلا:"لم يبقى من طاقتك الكبيرة الا في اناملك الرفيعة" ادخل سبابتها في فمه ليغرز نابه ببطئ وهو يترقب انفعاللات وجهها المتتألمة وتئن بضعف، على رؤية المنظر جن الفارس ليخرج سلاحه وينهال على العنكبوت بطلقاته النارية، اصابته وحدة منهم في كتفه ليسقطا سوية على الارض متألمين فيعود الشاب الى شكله كشاب لينظر اليه الفارس قائلا:"اذا قررت ان تظهر بشكلك الحقيقي اخيرا...
ابتسم الشاب ابتسامة جانبية ليقول:"اذا كنت تعرف بالامر؟...
- لست ذلك الاحمق الذي تنطلي عليه خدعك السخيفة
- لا يهم الماضي بعد الان، فقد تحررت منك، الان انت خارج عالمك
- ليست هذه اول مرة تتحداني خارج عالمي وتهزم، فقد حاولت إغراقي في البحر يوم ذهبت لانقاذك في عالم الغبية، وكانت نهايتك ان اصرعك بلكمة واحدة
- الوضع تغيير الان، فنحن لسنا متعادلا، انت الان في عالمي... انت تحت رحمتي... كن على ثقة انني لن ارحمك ابدا...
ليس ان الفارس لم يصدق كلام الشاب حتى بدى بارد الاعصاب لاخر درجة، فهو يصدق ما قاله دون ان يسمعه حتى لانه يعرفه جيدا، ولكن قاعدته الاولى التخلي عن الخوف، لانه يفقد عقل الكائنات وتجعلها تفقد طاقتها بسرعة كما تفقد هيبتها دون جدوى،
نهض كلاهما عن الارض ليقول الشاب:"لكني سامنحك فرصة لاريك انني لست بذلك الضعف، ساهزمك بيداي المجردتين"
اشر الفارس بيديه للشاب انه يحتاج وقتا مستقطعا، نظر اليه الشاب مستغربا ليراه يقترب من الغبية فينظر الى وجهها الشاحب ببؤس، مرر يده ليبعد خصلها السوداء عن وجهها ثم يشبك اصابع كفه بأصابعها ليظهر نور طفيف فتششهق شقهة عميقة ثم تطلقها ببطئ، ازداد استغراب الشاب ليسأل الفارس عن كيفية فعله ما فعله، ابتسم ليستفزه ثم يقول له:"سر المهنة"
- حاول الشاب كبت غيظه ليكمل بلامبالاة: لما تهتم لامرها على كل حال؟... انها ليست من عالم للاحلام...
- ربما لنفس السبب الذي جعلك تهتم
لم يتقبل الشاب تلميح الفارس باهتمامه بمن احتوى قلبه حينها لم يقوى على كبت المزيد من الغيظ فهجم على الفارس والفارس بدوره يتجنب الضربات ويهاجم، تعادل الاثنين لفترة حتى تحركت الغبية فالفتتوا اليها الفارس ما شتت انتباهه فاكلها لكمة محترمة اسقطته ارضا، اسرع اليه الشاب ليكمل عليه لكمات قبل ان يستعيد توازنه الى ان دفعه الفارس برجله ليطير ويخبط بالجدار فتظهر عليه بعض التشققات خلفه ثم يسقط ارضا، لم يستطع الفارس النهوض بسهولة لان الالم نفسه هو احس به لكنه حاول ان يتغاض عنه وقام بصعوبة ليذهب اليه فيركل خاصرته، اطلق الشاب صيحة بينما تحامل الفارس الالم ليتبع ركلته بركلة اخرى ثم اخرى حتى امسك الشاب قدمه وشلوحه من النافذة، تمسك الفارس باحدى اغصان الشجرة فقفز اليه الشاب ليدوس على اصابع يديه فتنفلت يداه ويسقط من الشجرة على الارض فيتطحبش، ابتسم له بخبث ليقول:"هل هذا القدر كاف لابرهن لك انني اغلبك بقوتي المجردة؟..." نهض الفارس يتمايل مستعينا بجذع الشجرة، حتى استقام فقال:" لا، ليس كافيا طالما انا قادر على الصمود واقفا"
حمل الشاب عصا من الارض ليهم بالهجوم قائلا:"اذا ما علي الا ان اكسر رجليك"
سقط الفارس قبل ان يصل اليه الشاب فتوقف الشاب قائلا:
- هل تمزح معي؟
رفع الفارس يده مشيرا ان امهلني لاقف مجددا، حاول النهوض مرة اخرى فسقط، حاول النهوض من جديد وعاد وسقط، مل الشاب من هذه المهزلة لتبدأ عمليه للترهيب الحقيقية، العملية المفضلة لديه، ابتسم بخبث ليقول:"


اتظن انك تعرف عني اسراري ولا اعرف عنك شيئا؟... لنرى..."
اشار للغبية بالقدوم فأتت تطير من النافذة وهي ما زالت نائمة، اجلسها تحت جذع شجرة ليغير المناخ حوله فيتحول الى مناخ عاصف حول الشاب سحلي على الارض الى تنين احمر ليقول:"ذكرني الان... بما يذكرك هذا المنظر؟..."
ما ان رأى الفارس هذا المنظر حتى تجمد لا يستطيع الحراك، الخوف تمكن منه لاول مرة منذ ردح من الزمن، توجه التنين للغبية فعلم انه سينفث عليها النار فاسرع لحمايتها بظهره، ضحك الشاب قائلا:"كم من المضحك ان ارى فارس الاحلام الذي تهابه اشرس الوحوش، من الممتع رؤيته يبلل سرواله
نظر فارس الاحلام الى سرواله ليضربه الشاب صحصوح ويقول له:"هاه خدعتك... ايها الاحمق، كنت اقصد بتبلل سروالك اي انك تموت رعبا..."
نظر اليه الفارس باستخفاف ثم عاد الى جديته حين جمع التنين كرة نارية في فاهه فعاد الفارس ليقف امام الغبية، جلس الشاب ينظر الى الفارس مغمض عينيه متهيء لاستقبال النار بجسده، فتح الفارس عينا واحدة ليرى التنين جامدا ينتظر اشارة الشاب ليطلث بينما يتفرج عليه بالكاد يستطيع كتم ضكته، استغل الفارس توقف التنين ليحمل الغبية واسرع بها، اختبئ خلف جذع شجرة فظهر له الشاب امامه حاملا الغبية فقال للفارس:"من الذي تحاول حمايته؟" نظر الفارس لما بين يديه ليرها مجرد دمية" رماها من يده ليخرج سلاحه ويوجهه الى الشاب طالبا منه ان يعيد له الغبية فيضحك الشاب قائلا:" اليس لديك قلب؟... كيف ترمي الفتاة هكذا؟..." نظر للدمية في الارض ليراها تحولت الى فتاة اخرى، جمد حين رآها تنهض وتحك رأسها بألم لتنظر اليه معاتبة:"هل ستسمر الى الابد برميي هكذا للارض؟...
انحنى امامها مذهول ينظر الى عينيها العشبيتين، شعرها البلاتيني الطويل المموج، ابتسامتها البريئة، خديها الموردتين، انها ما زالت كما كانت، دون تفكير ضمها اليه متمتما كلاما غير مسموع فتدمع عيناه...
فتحت الغبية عيناها ببطئ لتتفاجئ بالشاب يحملها، دفعته بيداها لتسقط على الارض تراجعت للخلف زاحفة وهي تراقبه بذعر بينما هو ينظر اليها بجفاف ويراقب الحالة التي صلت اليها عند رؤيته، عند رؤيته جامدا لا يتحرك نهضت مسرعة لتهرب منه، تبحث حولها محاولة ايجاد مكان تختبئ فيه لكنها فوجئت بالفارس معانقا دمية يغمض عينيه ويتمتم بصوت غير مسموع وكلما طال العناق كلما التحم زاد التحامه بالدمية، توقفت تنظر اليه ثم الى الشاب لترى ان الشاب لم يحرك ساكنا، يقف فقط ينظر اليهما بسخط، ركضت باتجاه الفارس محاولة ان تبعده عن الدمية لكنه كان قد دخل نصفه، خاولت ان توقظه بعتابها لكنه لم يكنويستمع اليعا، ظل يردد الكبام نفسه، نظرت اليه مرعوبة لا تدري ما تصنع حتى مشى نحوهما الشاب بخطى بطيئة، ما ان وقف بالقرب منها حتى ابتعدت مرتعبة، اغمض عينيه بضيق ليقول لها: لم ات لأذيك... بل لمساعدتك
ظلت تراقبه بحذر حتى قال:
- اتريدين انقاذه حقا؟
تغيرت ملامح وجهها من الفزع الى التأمل فاردف يقول:
- هناك طريقة وحيدة لتفعلي ذلك
ظلت صامتة تنظر اليه تنتظر ان يقول ما لديه، مد يده لموضع قلبه ليستخرج منه سيفا اسودا، اعطاها اياه وقال:
هذا السيف مصنوع من الكراهية التي احملها في قلبي تجاه ذلك البغيض، اطعنيني به وحين اموت يعود الفارس الى طبيعته...
انصدمت من كلامه وتراجعت خطوات، نظرت للسيف ثم اليه وهي تهز رأسها تنكر ما سمعته منه، اقترب منها ليضع السيف بيدها ويفتح ذراعيه قائلا:
- هيا... لك ان تنتقني لما فعلته بك منذ قليل... افعليها واريحيني من هذه الحياة البائسة...
اغمض عيناه منتظرا طعنتها لكنه سمع صوت السيف يرتطم بالارض، فتح عيناه ليراها جالسة على الارض تغطي وجهها بكفيها، والسيف ملقا بجانبها، نظر اليها ثم الى السيف، تناوله من الارض ليقول:
- لا بأس... ان لم تستطيعي سأفعلها بنفسي
رفعت رأسها لتنظر اليه بصدمة بينما هو وجه السيف لقلبه وصار ينظر اليها مودعا وتنظر اليه بخوف حتى امسكت يداه لتوقفه، قالت برجاء وعيناها تفيضان بالدموع: "لما لا تعود ذلك الطفل الصغير المشاغب وتنسى ما حدث وتعيد المياه الى مجاريها...
قال بامتغاض:" المياه لم تكن يوما في مجاريها، لطالما كانت في مجاريه هو...
- لما تكره الفارس الى ذلك الحد؟...
- انه انسان بغيض... يستخدمنا لمصالحه فقط لاننا ضعفاء
- لكنني لم ارى منه الا الخير... لطالما دافع عن المستضعفين ولم ارع يوما يستغلهم
- هو يحميهم بالبداية ليغريهم الى وكره، لكن بعدها يأت العذاب الحقيقي
بدى على وجهها عدم الفهم ليقول لها: انها قصة طويلة انت لن تفهميها بسهولة لانك لست من عالم الاحلام لذلك دعينا منها...
- لا... اريد ان اعرف ما السر المخفي في عالم الاحلام... لما الكل يتكلم عنه ولا احد يخبرني به...
- الكل يتكلم عنه!
- لقد حدثني الفارس يوما عن اسرارا لا اعرفها عن سكان الاحلام
- ماذا قال لك عنها؟...
- انني لا اعرف شيئا عنهم فلا اتدخل...
- فقط هذا؟!...
- اذا قل لي انت المزيد...
وضع السيف على الارض ليأخذ نفسا استعدادا للكلام فيقول:
لن يضرني الامر، فانا بكل الحالات راحل... القصة وما فيها اننا نحن سكان الاحلام كائنات ضعيفة... طاقتنا تفرغ بسرعة، لذلك نقوم بالتغذية على طاقة سكان الواقع، وهم مجرد ان يستيقظوا يذهبون للمطبخ ويملئون بطونهم بالاطعمة اللذيذة ثم تعود اليهم طاقتهم... لذلك...
- كيف تتغذون من طاقة سكان الواقع؟...
عبر المشاعرةالجياشة... وفي اغلب الاحيان يكون عبر الخوف لانه الطريقة الاسهل لاستخراج المشاعر، المشاعر تحتاج الى الكثير من الطاقة وعندما يستخدمها سكان الواقع تخرج منهم طاقتهم فنمتصها نحن حينها...
بداةعليها التفكر في الامر لتصنع وجها كمن فهم الحكاية ثم تقول:
- كلكم هكذا؟!
- اجل... لما تظنين النتن يتبعك لياكلك؟ ولما تظنين انني اتهمتك باكل سندويشتي، وحين عضضتك اول مرة بالسجن، وحين ارعبتك بالسلطعون وحين اردت اغراقك بالبحر لكنك كنت اقوى مما تصورت... وهولاء العالم في عالمك حين ارادو مهاجمتك...
سكت قليبا ليقول بعدها بأسى: اما المرة الاخيرة التي هاجمتك فيها لم تكن نقصا بالطاقة بل كانت انتقاما...
ساد الصمت حينا عند ذكر الفكرة الاخيرة حتى نطقت بعد برهة:"لكني لا اذكر ان الفارس ارعبني بيوم من الايام
- الفارس كان كذلك قبل ان ينشئ مملكته، كان مجرد كائن ضائع يتغذى من طاقة المستضعفين، الى ان قرر ان ينشئ مملكته واصبح لديه من يعمل تحت امرته فيعطونه جزء مما ياخذون من الطاقة التي بالكاد تكفيهم، فهو لا يسمح لهم ان نمتص من سكان الواقع الكثير كي لا نؤذيهم، وهكذا عشنا خارقي القوة منذ الصغر تحت رحمته
- لكنه يؤمن لكم الحماية بالمقابل
- ومن بحاجة الى حمايته؟... لقد هزمته منذ قليل بكل بساطة فلما احتاج حمايته، انت بنفسك رفضتي حمايته...
صمتت قليلا لتقول بعدها باندفاع: هذا لان... لانه عالمي ولا اريد التخلي عنه
- وكذلك انا لا اريد التخلي عنه
- اذا لما تخليت عنه منذ البداية؟؟
- لم اكن انا... لقد تعهدت امي له بخيالنا يوم اتى لمساعدتنا من وحش مهاجم مجنون... حين هزمه عرض عليها ان تهبه خيالنا مقابل الحماية وسهولة الحصول على الطاقة... حينها اصبح بطلي، رأيت فيه الخلاص لعالمنا القاسي، لكن بعد ان ضمينا عالمنا لعالمه اكتشفت ان الامر مختلف عما كنت اظنه... اذ لا يسمح لنا ان نأخذ من فرائسنا الا القليل ورغم ذلك علينا ان نتشاركه معه ومع المسؤولين الكبار
- بعد كل شيء هو يؤمن لكم الفريسة دون ان تتعرضوا للخطر
- انا احب ان اجوب المخاطر
- لقد تركت عالمك، يمكنك ان تعيش هنا حرا وتجوب المخاطر التي تريد
- وماذا عن عائلتي؟... لا اظنه سيسمح لي برؤيتها، سأعتبر خائن ومصدر خطر على عالمهم... بالاخص ان الجميع هناك يهابني...
- ولما يهابك من هم بعالمك
- حدث ولا حرج... عندما كنت اشعر بنقص بالطاقة كنت اهاجمهم، وما كنت لاسجن لانني مجرد طفل، رغم اني اكتشفت مؤخرا ان فارس الاحلام كان يعلم بأمر عمري الحقيقي... لكنه لسبب ما لم يفضحني...
- اذا هو انسان جيد؟...
- ذلك الانسان ضبع بقناع حمل... لا تقلقي، ما ان اموت حتى يعود كل منكما الى عالمه وانسي حينها كلامي، وانسيني انا ايضا، عيشي حياة الذل ما حييت لكني ساترك هذه الحياة المقيطة"
قبض على السيف مستعدا لنهايته لكنها اخذت السيف منه لترمه على الارض فينكسر ليتحول الى غبار اسود صعد الى السماء واختفى ثم قالت: ليس من الضروري ان يموت احدا... ستعيش انت بعالمك حرا، وانا بعالمي حرة، والفارس بعالمه حرا... سنكون جيران ونحاول ان نتوافق
- لست على استعداد ان اتوافق مع الفارس
- حسنا لا تتوافق معه... فقط ارمي كل ما يزعجك في الماضي وانساه وحاول ان تبدأ من جديد
- تفكر بالامر قليلا ليقول بجبروت: سأكون في عالمي واحكم حكم الغاب وستكونين ضيفتي الدائمة
- ابتسمت الغبية لتقول له:"بشرط ان لا تحضر معك اصدقائك من العناكب
- قرصها في خدها ليقول لها: سأحضر معي من اشاء، وحينها يمكنك الموت رعبا
عبست بضيق لينظر اليها مصطنعا البراءة ثم قال:"اتخلى عن فكرة حياة الغاب بشرط واحد... تعلمين ان الفارس عدوي اللدود...
نظرت اليه باهتمام ليردف: وتعلمين ايضا انك حبي الابدي...
ظهر الضيق على وجهها ما ان سمعت هذا الموضوع اما هو فلم يصب بالخيبة، لأنه كان قد توقع ردة فعلها... اردف قائلا بتهديد وحزم:" لا تحاولي ولا تفكري حتى ان تقعي بخبه يوما او ان توافقي على الارتباط به... لانني سأقلب عالم الاحلام كله الى كوابيس..."
ارتعدت خوفا من تهديده لكنها بعد ان فكرت بالامر رأت ان الامر عادي جدا، فلما قد توافق هي اصلا على الزواج من فتى من عالم الاحلام وهي لا تنتمي اليه
ابتسمت ابتسامة رقيقة وقالت له:"لك ذلك... اعدك"
بادلها ابتسامة ساخرة ليقول:" اتمنى ان لا يكون وعدك هذا كوعدك السابق..."
- ان فعلت ساقتل نفسي بيدي لكن اترك عالم الاحلام بحاله...
- قد اتركه بحاله فقط لو قتلت الفارس بيدك
اخفضت رأسها بحزن لتقول:"لنتأمل ان لا يحدث ذلك، فانا لا انوي الارتباط الا بفتى من الواقع
- رغم ان لكلامك وقع اليم لانني لست من الواقع، الا انه يسرني سماعه لان الفارس ايضا من عالم الاحلام... - اذا... هل اعيدكما الى عالمكما؟
- هل ستنقذه اولا ام لا؟
- نظر اليه ولم يبقى للاندماج الكامل الا القليل فقال لامباليا
- دعيه يتعذب قليلا... لا اظن ستسنح لي هذه الفرصة مرة اخرى
- ابتسمت بشقاوة لتقول: حسنا، لانضم اليك في هذه الحالة فانا ايضا اتوق للانتقام منه منذ فترة
احضر علبة فوشار ليناولها اياها وجلسا يتفرجان ويضحكان
---------؛----------
وصل الشاب الى عالم احلام الفارس ليضع الفارس عن ظهره ويتسلمه المسؤولين في المقر، نظر الجميع للشاب مستغربين من مظهره الجديد ليقطع تحاليلهم واستنتاجاتهم بقوله:
- كان بامكاني قتله اليوم لكني عفوت عنه لاسباب تخصني، حين يستيقظ اخبروه اني سأنشئ عالمي واعيش فيه وافترس من اريد وكما اشاء... وان تدخل فلن اعرف الرحمة في المرة القادمة...
اختفى من امامهم لينشغل الجميع بالفارس، تبرعوا له ببعض من طاقاتهم ليستيقظ فينظر اليهم مستغربا يستفسر عما حدث...
تبادل الجميع النظرات واتفقوا ان يؤجلوا الحديث عما جرى بعد ان يأخذ قسطا من الراحة
الروائية الصغيرة
الروائية الصغيرة
Admin

عدد المساهمات : 14
تاريخ التسجيل : 18/03/2016

https://kawadr.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فارس الاحلام Empty رد: فارس الاحلام

مُساهمة من طرف الروائية الصغيرة الإثنين سبتمبر 05, 2016 10:50 am

الخمس بطريقة اخرى

نظر الى نفسه في المرأة، برآته تطغى على عمره، رغم ان طفولته شقية الا انه ليس لمن يراه ان يشك عن كونه مجرد طفل، جلس في كرسي موتر الاعصاب، افكار هائجة تعصف به، تأخذه مآخذ بعيدة لا يريد ان يصل اليها، لكنها تهجم على رأسه دون رحمة وتراوده دون انقطاع...
يبدو انه الحب...
الحب الذي تهرب منه منذ زمن ها هو وقته قد حان...
صورها لا تفارق مخيلته التي يبدو انه اضحى مهووسا بها
رنين ضحكتها...
نظراتها المعاتبة...
حضنها الدافئ...
خوفها المرهف...
كل شيء منها يهاجم عقله في ان معا منذ ايام...
منذ ايام وهو يحاول ان يقاوم ذلك الشعور
ولكن اليوم تأكد ان ذلك مستحيل
تأكد انه الحب قد اطلق ندائه والفرار منه مستحيل...

نهض لينظر الى نفسه في المرآة فيرجع خصلات شعره للخلف وعقد العزم، اظهر في وجهه برائة الطفولة التي لا تسمح لامه ان ترفض له طلبا وتوجه اليها
- امي... انا ذاهب الى فارس الاحلام
ابتسمت له امه موافقة واكمل طريقه، القى التحية على اخوه ذو العشرة سنوات وانصرف

وصل الى المقر ليسأل عن الفارس فاخبروه انه في مهمة، جلس في احدى المقاعد فمهماته لا تطول عادة...
عاد الفارس ومعه سجين، نظر الى الفتى الجالس على الكرسي ليراه شاردة في شيء لا يعلم ما هو، استغرب اذ انه ليس من عادته ان يجلس بهدوء، دائما ما يشاغب في كل مكان، تجاهله بينما الكل يلقي التحية على الفارس، فيأخذه الى المحكمة سرعان ما حكم عليه بالاعدام، خرج الفارس مع السجين ليأخذه الى الزنزانة لكن الفتى قاطعه وسط الطريق:
- مهلا ايها الفارس... متى ستحضر الغبية مجددا؟...
- استغرب الفارس سؤاله:"ومن قال لك اننا سنحضرها
- لكننا لم نعدمها بعد
فنجر الفارس عيناه من غباء الفتى اذ انه يكاد يفضحه امام السجين، طلب من أحد الحرس ان يرافق السجين الى الزنزانة ويحرسه ريثما يتكلم هو مع الفتى، إنصرف الحارس مع السجين لينفرد الفارس بالفتى فيفتح الموضوع بروية:
- هل يمكنني ان اعلم ما الذي ذكرك بالغبية الان؟...
- اراكم احضرتم سجينا جديدا قبل ان ننهي المهمة مع الغبية
- لقد تم انهاء مهمتها قبل اكتمالها
فنجر الفتى عيناه من الصدمة ليقول: ولماذا!...
- هذا شأني... هل لديك مانع؟
- وما الذي دفعك لذلك؟...
- هذا يخصني...
اثار كلام الفارس الغضب في الطفل فقفز عليه ليسقطه ارضا فينهال عليه ضربا حتى اتى بعض الحرس وابعدوه عنه، مسح الفارس بعد الدماء التي نزلت من انفه ليقول:
- يبدو انك تمارس الفيزيك كي تكون بهذه القوة
- اتركنا من اللحديث عن قوتني... هلا اخبرتني الان ما حدث مع الغبية؟... لما الغيت مهمتها؟...
- ابتسم فارس الاحلام ساخرا ليقول'
- اه لقد تذكرت... الغبية زوجتك المستقبلية... هل يعقل انك تغار وتخشى ان اتقرب منها
اسرع الطفل الى الفارس ليضربه لكمة على وجهه الا ان الفارس امسك يده ولوى ذراعه للخلف ليمنعه من الحركة، همس في اذنه: "حبك السامي سيفشل... بما انك لن ترى الغبية بعد الان... "
دفعه للامام ليفلت ذراعه فيمشي عدة خطوات سريعة كي لا يقع، وقف بثقة لينظر الى الفارس باحتقار وحقد ثم انصرف...
عاد الى عالمه، دخل غرفته، بين حاجته لرؤية الغبية وقهره من انهزامه امام الفارس، صارت الافكار تدور بعقله وتأخذه مآخذ خطيرة، وضع يديه على رأسه ليصرخ بغضب: كفى... يكفيني هذا القدر... لا يمكنني الاحتمال اكثر من هذا..." اسرعت امه واخاه اليه ليطردهما من الغرفة فيغلق الباب بعنف، جلس على الارض مستندا على الباب مفكرا: يجب ان اراها...باي طريقة لكن يجب ان اراها..." رفع رأسها وابتسامة قد علت محياه لفكرة لمعت في رأسه، نهض بسرعة واتجه للخارج قائلا: "امي انا ذاهب لرؤية فارس الاحلام..." استغربت والدته، هذه ثان مرة يذهب اليوم لمقابلة الفارس رغم انه لا مهمة له اليوم، الا ان الفارس ليس بالشخص الذي يخاف على الطفل ان ذهب لزيارته لذلك لم تمانع، 《《 توجه مباشرة الى المقر ليسأل عن مكانه، فاخبروه انه ذهب في مهمة من جديد، طلب الاذن ليكلم المسؤولة في المقر فسمحوا له بالدخول، عندما دخل نظر حوله ليرى العديد من الحواسيب ولا بد ان الحاسوب الكبير هو حاسوب المسؤولة حيث يجري فيه كل العماليات، على كل حال هو ليس مهتما بالعماليات الحالية، انما هو مهتم بالعماليات المنتهية، سأل المسؤولة عن مهمة جديدة يمكنه ان يفعلها فجلست على الحاسب لتبحث عن المهمات الشاغرة، توجه مباشرة الى المسؤول عن العمليات المنتهية ليقول:
- لقد سمعت ان مهمة الغبية قد انتهت
قال المسؤول:
- هذا صحيح
- لكنكم لم تعدموها
- هذا قرار اتخذه الفارس فليس لنا ان نطعن به
شد الفتى على قبضته حيث كاد الغضب ان يفتك به لكنه حاول ان يساير الرجل في الكلام:
- ولما قرر انهاء المهمة؟
- لست ادري...
- اانت متاكد انها هي التي حكم عليها بالانتهاء؟
- اجل بالطبع
- هل يمكنني ان ارى السجل لاتأكد من هويتها؟
تنهد المسؤول من الحاح ذلك الفتى وفتح ملفها ليريه اياها، ابتسم تلقائيا لرؤية صورتها، ودخل جوفه الطمئنينة وارتوى قلبه العطشان لرؤيتها بعد طول غياب، نظر الى رقم طاقتها وحفظه ليشكر المسؤول وينسحب، نادته المسؤولة لتخبره عن المهمات الموجودة لكنها استغربت ذهابه دون ان يرد لها اي اعتبار...
دخل غرفته》》 ليملئ في حقيبة اهم حاجاته ثم يخرج من عالمه متوجها الى عالم فارغ ليبني به عالمه الجديد، ويبدأ حياة جديدة مع عروسته المرجوة
بنى بخياله عالم صغير ولكن جميل، نسجه باحلامه الوردية، وبعد اكتمال كل شيء لم يبق الا دعوة عروسه لتسكن معه ويعيشان بسعادة الى الابد
ظل يرسل اليها الدعوات لساعات الى ان ظهرت امامه، قفز امامها بشقاوته المعتادة ليعانقها فتبادله العناق، جرها الى وسط الغرفة ليقول لها:" ما رأيك بمنزلي الجديد؟..."
جالت بنظراتها في الغرفة لتبدي انعجابها بذوقه الراقي رغم صغر سنه، قال بحماس:"لقد بنيت عالمي الخاص لتشاركيني اياه... سنتزوج ونعيش هنا بسعادة وهناء..." ابتسمت له رغم ان الامر بدى غريبا بعض الشيء بالنسبة لها اذ التمست من كلامه بعض الجدية، لاحظ بعض التردد في ملامحها ليقول لها:" لقد وعدتني ان تتزوجيني عندما اكبر... اليس كذلك؟
ابتسمت له لتقول لكنك مازلت صغيرا، فكر حاليا بما يفكر به الاطفال من عمرك..."
غير حجمه فجأة ليصبح شابا كبيرا يعلوها طولا وجسمه ممتلئ عضلات فيقول بصوت اخشوشن عما سبق:" لقد اخبرتك انني لست طفلا صغيرا... اخبرتك مسبقا انني اكبر منك..."
لم تدري اي تعبير تصنع في وجهها اذ ان ما حدث الان كان اخر ما تتوقع، أهي مزحة من مزاحه المعتادة ام انه فعلا كبير... ما الذي يحدث بالضبط"
اخرج الفتى الذي تحول الى شاب علبة مخملية زرقاء من جيبه ليركع امامها ويفتحها ليظهر خاتم خطوبة ذات ماسة رقيقة ثم قال:" ارجوك ان تفرحي قلبي االمتيم بان تقبلي الزواج مني"
هنا لم تعد تعلم ما تصنع، في اي مأزق وضعت نفسها، ليس الزواج لعبة كي تتزوج شاب بالكاد تعرفه او بالاحرى هذه اول مرة تعرفه كما لا يمكنها ان تخذل الفتى ان صح انه هو فعلا فقد وعدته بالزواج منه، ادارت له ظهرها محاولة التنكر لما جرى الان فنظر اليها بانكسار، نهض ليمسكها من كتفها فابتعدت عنه فزعة، نظرت اليه بريب لتقول له:" من انت؟... واين ذلك الفتى؟..."
زفر الشاب بملل ليقول:"لقد اخبرتك انني انا ذلك الفتى، ولكن هذا حجمي الحقيقي..."
- ان كان كلامك صحيح فلما تاخذ شكل الطفل عادة؟...
هذه استراتيجيتي لاستمر في الحياة في هذا العالم القاس
- استراتيجيتك؟... اي استراتيجية هذه؟
انه شيء يخصنا نحن سكان الاحلام، لا يمكننا البوح باسرارنا لسكان الواقع، لا يمكنني ان اخبرك اكثر من هذا الحد، لكن صدقيني حبي لك حقيقي وخالص، منذ ايام لم تمر لحظة دون ان افكر فيها الا بك...
اطلقت ضحكة سريعة لتنفس بها عن مكنونات عجزت عن فهم ماهيتها بالضبط، فكل شيء بدا لها مبهما وهذا الشاب الذي ظهر لها فجأة مدعيا انه نفسه ذلك الفتى يصر عليها ان تقبل الزواج منه، نظرت اليه، شبهه للفتى كبير لحد لا يصدق والخاتم بيده والبيت الصغير الذي بناه، الامر واضحا لكن عقلها يرفض تقبل تلك الفكرة ثم ما قصة اسرار سكان الاحلام، لقد كلمها الفارس عن ذلك سابقا
امسكها الشاب من يدها لينظر اليها بتوسل قائلا:" هيا لا تكوني خجولة، سنعيش هنا اجمل ايامنا... سنكون بعيدين عن الفارس النذل ولن نتجرع المذلة منه بعد الان...
على ذكر الفارس، هل يعقل انه يعلم عن عمره الحقيقي؟ هل لذلك كان يعامله بقساوة دون ان يبالي؟... وهل هذه كانت سبب مشاكلهم الدائمة؟...
قطع سيل افكارها الشاب: "هيا هات يدك لالبسك الخاتم" امسك بنصرها ليدخل به الخاتم الا انها سحبت يدها سريعا وابتعدت عنه" نظر اليها مستغربا ليقول:"ما الذي دهاك؟... لقد اخبرتني يومها انك تقبلين بي وانك لن تحظي برجلا افضل مني..."
غطت وجهها بكفها وهي تسترجع شريط احداث ذلك اليوم " يا الهي... لقد قلت ذلك حقا... لكنه كان مجرد طفل... ظننت انه سينسى امري مع مرور الوقت ليحب فتاة من عمره..."
اقترب منها الشاب ليمد يده برقة الى ذقنها ويرفع رأسها ليقول لها:" ما الذي يجري معك؟...هل غيرت رائك؟... ام انك كنت تخدعينني حينها؟..."
- اخدعك؟...
قالتها باستهجان :" لا لم اكن اخدعك لكن حينها كنت... مجرد طفل و..."
قال ببرود:" ان اردتني طفلا يمكنني ان اعود طفلا..."
- نظرت اليه تفكر بما قاله لتفر منها ضحكة استهبال وتقول:" لا ليس انني اريدك طفلا ولكن..."
اشارت بيديها محاولة الشرح ما عجز لسانها ان يشرح لكن لم توصل تلك الاشارات الا انها تحاول التهرب بطريقة ما
ضيق الشاب عينيه بعيظ وسك على اسنانه ليقول:" اذا كنت تخدعينني؟..."
- ليس الامر هكذا...
- بل هو كذلك... لقد وعدتني وجعلتني اعيش في امال زائفة... تخليت عن عالمي مع عائلتي لكي اعيش معك بأمان لكنك... لكنك افسدت كل شيء...
- عليك ان تفهم شيئا... نحن لا يمكننا ان نعيش سوية مهما حدث...
- حقا؟... لماذا؟...
- لا تنسى اننا من عالمين مختلفين...
- وان...
- لا يمكننا ان نندمج ابدا
- اذا انت ترفضين فكرة ارتباطك بي كليا؟...
الامر بدا واضحا من تصرفاتها، لم يحتج الامر تأكيدها للرفض شفهيا ورغم ذلك اراد ان يسمعها منها ليمحو اخر امل بناه في هذه العدة ايام... هي تعلم انها ترفض الفكرة ولكن شيء ما عقد لسانها، لم يسمح لها ان تقول ذلك الى ان رآها ساكتة متصنمة هكذا فصرخ بعصبية:"تكلمي!..." ارتجفت فرائسها لسماع صيحته وما كان منها الا ان هزت براسها مؤكدة كلامه
حينها رمى في الماضي ما تبقى له من هدوء وصبر، ضيق عيناه متوعدا لها، اغمض عيناه ليخرج كامل الشر الكامن فيه لتنخفض انوار الغرفة فتصبح مظلمة، انقلب النهار ليلا ليبدي من نافذة الغرفة شجرة عارية الاغصان سوداء كستها الوطاويط ذات العيون الحمراء، وخلف الشجرة العارية القمر بدا كأنه ينذر بليلة مرعبة حلت كلعنة عليها، فتح الشاب عيناه لتبدو اللمعة الوحيدة في ذلك الخيال الاسود وسط تلك الظلمة، اقترب منها ليهمس لها: "لا يتلاعب احدا بمشاعري دون ان اذيقه امر العذاب..." دفعها لتسقط للخلف فيلتقطها شيء مرن، التفتت لترى ما هو فتلحظ انها شبكة، ارادت ان تستند عليها لكي تنهض مجددا لكن ذراعيها كانتا ملتصقتين بها بمادة ذبقة، دون تفكير سرعان ما علمت انها بيت لعنكبوت، حاولت ان تبتعد بتوتر عن الشبكة لكن كلما تحركت اكثر علقت اكثر، نظرت اليه مرعوبة، رجته لكي يساعدها على الخروج لكنه وجه اليها نظراته الحاقدة ليقول بلؤم :" لم انل من تعذيب احد قبلا مثلما سانال الان من متعة، فلما تظنين انني قد اساعدك؟... اسف يا عزيزتي لكن للانتقام لذة لا يضاهيها شيء اخر..." فتح الباب وخرج ليتركها تصرخ راجية ليساعدها، اغلف على قلبه واغلق الباب خلفه...
وحيدة تستنجد في ظلمة الغرفة وليس هناك من يستجيب، تصرخ وتصرخ حتى سمعت حرطقة في احدى زواية الغرفة، هدأت فجأة لتشغل جميع حواسها كي تعلم مصدر الصوت، سمعت الصوت يزحف عبر الشبكة، لم تجرؤ على النظر اليه، فقد اغمضت عيناها بشدة مبعدة وجهها للجهة الاخرة وتئن ونة صامتة، تحاول الهروب من ذلك الواقع لكن دون جدوى، وصل العنكبوت الى يدها، هزتها بهستيرية ليسقط على الارض، حاولت ان تبعد قدميها عنه بالقدر الذي سمحت له الشبكة الملتصقة بها حتى احست بعنكبوت اخر يتسلق يدها الاخرى، هزت يدها مجددا ليتبع الاول؟ في حينها تسلق الاول احدى قدميها، حاولت ان تهز قدمها لكن عنكبوتا اخر صعد يدها، حاولت ابعاده فتسلق العنكبوت الاخر في الارض ساقها وكذلك اتت ثلاث عناكب جديدة عن يمينها، نظرت للشبكة، اصبحت كلها ممتلئة بالعناكب، لم تعد تقوى على التفكير بابعادهم لكثرة عددهم، فحاولت الحراك لتفتلت من الشبكة لكن الامر لم يزداد الا سوءا فحتى رأسها علق في الشبكة هذه المرة، حركت عيناها يمينا ويسارا لترى العناعب قد غطت كامل ذراعيها بينما ما كان لساقيها الا ان تشعر بهم دون رؤيتهم، مع كل نفس تأخذه كانتوتزداد رعبا فيزداد تنفسها سرعة حتى فقدت ادراكها وبدأت الصراخ بهستيريا...
***
دخل الفارس الى المقر ليطمئن على الاوضاع بعدما عاد من مهمته، رأى الامور طبيعية جدا، الكل جالس مكانه، يعمل بملل، ناولته المسؤولة كوب من القهوة ودعته للجلوس، اعتذر ان الاعمال كثيرة لذلك يجب ان ينصرف، ما ان خرج حتى اطلق الكل تنهيدة ارتياح، بارك الجميع المسؤولة لاستطاعتها انقاذ الفارس من الخروج من عالمه بخداعه بخيالها وتغيير بيانات الشاشة الى بيانات طبيعية دون هجوم او مخاطر...

***

استمر صراخ الغبية دقائق حتى غطت العناكب كامل جسدها وصعدت على وجهها ما اجبر على اخفاء جصوتها خوفها من دخولهم الى فمها، حينها دخل الشاب ليرى الامور تسير على خير ما يرام، استند على الجدار يراقبهة عن قرب بينما هي ظلت متجمدة من الخوف ساعتين الى ان خارت قواها وكادت ان تفقد وعيها، عندما احس الشاب بانخفاض الطاقة الذي يكسبها منها اقترب لتبتعد العناكب وتعود الى مكانها فيرى الغبية شبه ميتة، نظر الى اللسعات في كامل جسدها ثم نظر لعينيها الذبلتين وتتحدث بصوت بالكاد مسموع لكنه تكهن انها تطلب منه ان ينقذها، مرر يده في شعرها ثم ملس على وجهها ليقول لها:" اسف لكني لم اتشفى منك كفاية بعد... ارتاحي قليلا ستحتاجين لكمية هائلة من الراحة بعد قليل" ابتسم ابسامته الشقية ليردف "فما يأتي سيكون اعظم..."
خرج ليتركها تحاول طلب العون لولا التعب الذي اعياها، وبين خوفها من قدوم اي عنكب وتعبها لم تستطع الارتخاء...
***
عاد فارس الاحلام الى مقر القيادة وكان من حسن حظهم ان الغبية كانت في هذه اللحظة في وقت استراحة، فلم يبد اي استنزاف للطاقة على الشاشة، دخل الفارس قائلا:" اين القوة التي عرضموها علي منذ قليل، دعني اخذها علني استريح قليلا ثم استأنف عملي بنشاط" جلس بينهم يشرب القهوة ويحدثهم عن مغامراته هذا اليوم، وعن ملاحقته للنتن وعصابته...
***
عاد الشاب ليدخل الغرفة ثم اقترب من الغبية، نظر اليها ليراها لم تتغير حالتها، قال لها: لقد اعطيتك نصف ساعة من الراحة، اظنها كافية لاستعادة نشاطك، اقترب منها ليهمس في اذنها:" استعدي فوقت المرح قد آن " لم يكد يقول جملته حتى ادمعت عينيها تترجاه ليترك فكرة الانتقام، وانها ستتزوجه ان اراد، لكن تلك الجملة الان لم يعد لها اي قيمة، فمن الجميل ان تنطق بها بملئ ارادتها، يده التي كانت مستقرة على خدها فجأة اخذت طابع وبر خشن، اقشعرت من ملمسها الا ان ذلك لم يكن شي مقارنة بالصوت الغريب الذي صدر قرب اذنها، حاولت الابتعاد لكنها كانت مثبتة، فجأة ازداد حجمه ليصبح ما كانت تخشاه حقيقة امامها، الشاب تحول الى عنكبوت عملاق كشر عن انيابه وعضها في كتفها مخترقا عظامها، اطلقت صرخة عالية ارتجت في غرفته الصغيرة دون ان تبلغ احد سواهما
***
وضع كوب القهوة ليستأذنهم كي يستأنف عمله، لكنه تذكر امرا مهما، عاد اليهم ليسألهم عن الطفل الشقي، اخبروه انه اتى صباحا كي يحجز مهمة له لكنه ذهب دون ان يأخذها، استغرب تصرفه لكنه تجاهل واتجه الى المسؤولة طالبا اليها ان تدون المهمة الجديدة باسمه فهو سيحبها كثيرا، قالت حاضر وانتظرت خروجه، نظر اليها متفحصا:" ما الذي تنتظرينه، لا عمل لديك فاذا دوينيها...
توترت ولم تعد تعرف ما تقوله فقال المسؤول بعجل: "ان رأسها الان يؤلمها وقد تخطئ الكتابة بهذه الحالة، دعها لترتاح الان وانا اذكرها فيما بعد" نظر اليها الفارس بشفقة ليبعثر شعرها قائلا:"يا للمسكينة، من كثرة العمل اصبح رأسك يؤلمك، اذهبي وارتاحي وانا سأتكفل بالامر...
- نهضت مسرعة لتقول له: لا داعي... لا داعي... سأدونها بنفسي فيما بعد...
نظر الفارس اليهم بريبة ليعلن موافقته وينصرف، جلس الجميع مرعوبا لتقول:"كدنا ان ننكشف...
- المسؤول: الم ينتهي ذلك الاحمق من هجومه بعد؟
- المسؤولة: على علمي انه انتهى، لكن بدأ فجأة هجومه من جديد... وما استغربه كمية الطاقة التي تطلقها الضحية رغم ان طاقتها ضعفت للحدود السفلى منذ قليل...
- اذا هذه المرة لن تطول كثيرا... لا فرصة لديها للنجاة حتى وان ذهب اليها الفارس
- في هذه الحالة سيكون علي ان ابقي الامر سرا قدر الامكان لان ليس في كل مرة تسلم الجرة، ولن يعود الفارس سالما الى الابد
دخل الفارس الغرفة ليقف قائلا:" هكذا اذا... ما زلتم تحاولون الاخفاء عني، ساترك المهمة لبعد عودتي فلا وقت لي لاضيعه
- اوقفه المسؤول ليقول: انت مهمتك هنا في عالمنا، نحن نحتاج اليك، لا يمكنك ان تتركنا وتذهب، ماذا سيحل بعالمك في حال انك مت؟...
- ساعود سالما
- ليس الامر كما انت تريد
- هل مت يوما في مهمة خارج عالمي؟... وانظر لعالم المهاجم، واضح انه عالم جديد، ما يعني لا خبرة لديه
- المسؤولة: في الواقع هو يمتلك خبرة اكثر مما تتصور، فقد ترك الضحية ترتاح من فزعها كي لا تموت قبل ان يمتص كامل طاقتها
- الفارس: جديد ذو خبرة!... كيف يعقل ذلك؟!...
اقترب من الشاشة ليرى رقم طاقة المهاجم ليفتح عينيه على وسعهما من الصدمة فيسأل بعجل:"اين الطفل الشقي؟...
- المسؤولة: يفترض انه في عالمه
- تقصدين عالمه الجديد؟...
- هل هذا المهاجم هو نفسه ذلك الفتى؟...
هز الفارس رأسه ايجابا لتلح عليه المسؤولة ان لا يذهب فالكل يعلم توحش الفتى رغم صغره، بعض النظر انه عندما يكون في عالمه والسيطرة بالكامل له بالتأكيد لن يستطيع الفارس مجاراته، طلبت منه ان يترك امره الى ان يعود فيعاقبه كما يجب، وفي كل الحالات الضحية اصبحت شبه ميتة...
شد الفارس على قبضته بقلة حيلة ليفتح عينيه على وسعهما مذهولا فيسأل:"ما الذي اتى الفتى ليفعله هنا بالضبط؟..."
- المسؤولة: لقد اخبرتك... اتى ليبحث عن مهمة
- الفارس: الم يتكلم الى احد سواك
نظر الكل الى بعضهم ليقول المسؤول:" بل اتى ليسأل عن الغبية"
- وماذا فعلت انت؟
- اخبرته ان مهمتها انتهت
- و؟...
- حينا لست اذكر بالضبط...لكنه سأل الكثير من الاسئلة
- هل اخبرته عن رقم طاقتها او اريته سجلها
حك المسؤول راسه متفكرا ليقول: حسنا لقد اراد ان يتأكد من هوية التي اوقفنا مهمتها دون ان تكتمل فاريته اياها
صار يذهب ويجيء بعصبية حتى قال لهم:" اسف لن استطيع الانتظار مكتف الايدي

ذهب ليتركهم بحزنهم ويصل الى عالم الشاب، رآها مغمية على الشبكة بينما عنكبوتا عملاقا بالقرب منها، امسك يدها قائلا:"لم يبقى من طاقتك الكبيرة الا في اناملك الرفيعة" ادخل سبابتها في فمه ليغرز نابه ببطئ وهو يترقب انفعاللات وجهها المتتألمة وتئن بضعف، على رؤية المنظر جن الفارس ليخرج سلاحه وينهال على العنكبوت بطلقاته النارية، اصابته وحدة منهم في كتفه ليسقطا سوية على الارض متألمين فيعود الشاب الى شكله كشاب لينظر اليه الفارس قائلا:"اذا قررت ان تظهر بشكلك الحقيقي اخيرا...
ابتسم الشاب ابتسامة جانبية ليقول:"اذا كنت تعرف بالامر؟...
- لست ذلك الاحمق الذي تنطلي عليه خدعك السخيفة
- لا يهم الماضي بعد الان، فقد تحررت منك، الان انت خارج عالمك
- ليست هذه اول مرة تتحداني خارج عالمي وتهزم، فقد حاولت إغراقي في البحر يوم ذهبت لانقاذك في عالم الغبية، وكانت نهايتك ان اصرعك بلكمة واحدة
- الوضع تغيير الان، فنحن لسنا متعادلا، انت الان في عالمي... انت تحت رحمتي... كن على ثقة انني لن ارحمك ابدا...
ليس ان الفارس لم يصدق كلام الشاب حتى بدى بارد الاعصاب لاخر درجة، فهو يصدق ما قاله دون ان يسمعه حتى لانه يعرفه جيدا، ولكن قاعدته الاولى التخلي عن الخوف، لانه يفقد عقل الكائنات وتجعلها تفقد طاقتها بسرعة كما تفقد هيبتها دون جدوى،
نهض كلاهما عن الارض ليقول الشاب:"لكني سامنحك فرصة لاريك انني لست بذلك الضعف، ساهزمك بيداي المجردتين"
اشر الفارس بيديه للشاب انه يحتاج وقتا مستقطعا، نظر اليه الشاب مستغربا ليراه يقترب من الغبية فينظر الى وجهها الشاحب ببؤس، مرر يده ليبعد خصلها السوداء عن وجهها ثم يشبك اصابع كفه بأصابعها ليظهر نور طفيف فتششهق شقهة عميقة ثم تطلقها ببطئ، ازداد استغراب الشاب ليسأل الفارس عن كيفية فعله ما فعله، ابتسم ليستفزه ثم يقول له:"سر المهنة"
- حاول الشاب كبت غيظه ليكمل بلامبالاة: لما تهتم لامرها على كل حال؟... انها ليست من عالم للاحلام...
- ربما لنفس السبب الذي جعلك تهتم
لم يتقبل الشاب تلميح الفارس باهتمامه بمن احتوى قلبه حينها لم يقوى على كبت المزيد من الغيظ فهجم على الفارس والفارس بدوره يتجنب الضربات ويهاجم، تعادل الاثنين لفترة حتى تحركت الغبية فالفتتوا اليها الفارس ما شتت انتباهه فاكلها لكمة محترمة اسقطته ارضا، اسرع اليه الشاب ليكمل عليه لكمات قبل ان يستعيد توازنه الى ان دفعه الفارس برجله ليطير ويخبط بالجدار فتظهر عليه بعض التشققات خلفه ثم يسقط ارضا، لم يستطع الفارس النهوض بسهولة لان الالم نفسه هو احس به لكنه حاول ان يتغاض عنه وقام بصعوبة ليذهب اليه فيركل خاصرته، اطلق الشاب صيحة بينما تحامل الفارس الالم ليتبع ركلته بركلة اخرى ثم اخرى حتى امسك الشاب قدمه وشلوحه من النافذة، تمسك الفارس باحدى اغصان الشجرة فقفز اليه الشاب ليدوس على اصابع يديه فتنفلت يداه ويسقط من الشجرة على الارض فيتطحبش، ابتسم له بخبث ليقول:"هل هذا القدر كاف لابرهن لك انني اغلبك بقوتي المجردة؟..." نهض الفارس يتمايل مستعينا بجذع الشجرة، حتى استقام فقال:" لا، ليس كافيا طالما انا قادر على الصمود واقفا"
حمل الشاب عصا من الارض ليهم بالهجوم قائلا:"اذا ما علي الا ان اكسر رجليك"
سقط الفارس قبل ان يصل اليه الشاب فتوقف الشاب قائلا:
- هل تمزح معي؟
رفع الفارس يده مشيرا ان امهلني لاقف مجددا، حاول النهوض مرة اخرى فسقط، حاول النهوض من جديد وعاد وسقط، مل الشاب من هذه المهزلة لتبدأ عمليه للترهيب الحقيقية، العملية المفضلة لديه، ابتسم بخبث ليقول:"
اتظن انك تعرف عني اسراري ولا اعرف عنك شيئا؟... لنرى..."
لوح بيديه محولا المنطقة الى ارض خضراء مليئة بأزهار الربيع البيضاء، اقترب من مجموعة ورود ليشير بهم للاعلى فتتصاعد بتلاتها مشكلة هيئة بشرية حتى تجسدت منه فتاة بيضاء بشعر مموج طويل بلاتيني، موردة الخدين ذات سمات بريئةترتدي فستان ابيض عليه رسمات ورود، فتحت عيناها العشبيتين لتنظر الى الفارس مباشرة وتبتسم ابتسامة لطيفة ثم تسرع اليه، امسكته بيده لتجره خلفها كي يلعبا سوية في ساحة خضراء واسعة، جلست تحدثه بحيوية مفعمة بينما هو يننظر اليها مذهول لا يصدق عيناه ما تريان، حتى نظرت اليه لتقول: اي غبية؟
استغرب سؤالها حتى نظرت تجاه فتاة تمر بالغابة بيضاء ذات شعر اسود ثم نظرت اليه وقالت: لا... لا استطيع اذية احد
نظر حوله ليرى الوحيد الموجود بالقرب منها فبالتاكيد الكلام موجه اليه، لكنه صامت لا يقول شيء، فلما تجاوبه دون ان يسال: اظهرت الفتاة ضيقا ليتقول: قلت لك لا اريد...
لم يعد يعلم ما يفعل، هذا المشهد مر عليه مسبقا وهو من حينها لا يستطيع النوم، وتمنى الف مرة لو يعاد الماضي للحاضر كي يستطيع ان يغيره، لكن ما كان ليحدث ذلك، او هذا ما ظنه حينها، لكن يبدو انه كان مخطئا، فها هو الماضي يعاد من جديد ليعطيه فرصة اخرى، امسكها من يدها ليخرجها من ذلك المكان فتسحب يدها بعزم وتقول:
- لا لست جبانة... سترى انني سأمتص ولو القليل من طاقتها
توجهت اليها بخطى مسرعة لتقف امامها وتفزعها، نظرت اليها الفتاة بفزع لتقول:
- كف عن ذلك، لم يكن الامر ظريفا...
اعتذرت منها لتلتفت منيحبة قتطرق بالفارس... قال لها بما انك فعلت ذلك خيا دعينا نذهب الان، امسكها من يدها ليسحبها لكنها وقفت مكانها تقول: لكنها مسكينة، اقد اخفتها
قال بتوتر: حسنا لقد ذهبت دون ان تهتم دعينا الان نذهب
قالت بامتغاض: انت شرير جدا... سأذهب ولكن لاخر مرة
احتار مما يحدث الان، هو يطلب منها ان ترحل معه وهي تجاوبه كأنه طلب منها ان تعود للفتاة، اسرع اليها ليمسك يدها ويسحبها لكنها افتت يدها واكملت، الامور تخرج عن سيطرته، لا يستطيع ان يصنع شيء، واللحظة التي يحاول ابعادها عنها تقترب ولا يستطيع فعل شيء، وقف امام القتاة ليمنعها من المرور لكنها اخترقت جسده واكملت، نظر اليها مستغربا، هل هذا شريط الماضي يمر امامي ولا يمكنني ان اغير منه شيء؟...
فجأة وجد الفتاة تنحني لتاخذ عنكبوتا من بين الحشائش لتنظر اليه بفرح وتقول:"هذا سيفي بالغرض" نظر الى الفتاة مستغربا ليقول:"عنكبوت!... لقد كانت افعى وليس عنكبوتا... اذا لا يمكن ان يكون مجرد اعادة للاحداث الماضية، انه حاضر يحصل الان، رأى الفتاة تسرع منادية الفتاة الاخرى لتلتفت ذات الشعر لاسود وما ان استدارت حتى رمت عليها العنكبوت فتسقط ارضا وتبدأ الصراخ بهستيرية، اسرع الفارس اليها ليمسكها من يدها ويسحبها لكنها ابعدت يدها قائلة:" انتظر وسترى انني اشجع مما تظنه
بتوتر قال: اجل اعلم انت اشجع فتاة في العالم لكن لا اريد ان تكملي ما تفعلينه... هيا تعالي معي...
- انت تبيعني كلاما كي لا ازعل... لكن بعد هذه العملية ستتأكد انني بالفعل شجاعة
صرخ حينها الفارس: ايتها الغبية هذه المهمة سوف تقتلك، لا اريد خسارتك مجددا
ضمعا الفارس اليه
ليقول: لا استطيع ان اخسرك مجددا... حياتي ستنتهي حينها... لن استطيع تحمل عبء الذنب مرتين... لم يكد يكمل كلامه حتى سمع منها شهقة، احس بشيء دافئ ينساب على ذراعيه خلف ظهرها ليجد ذات الشعر الاسود تسحب رمحا من ظهر الفتاة لتجري الدماء بسرعة على الارض وتجثو فتاته بين ذراعيه، نظراتها المودعة نفس نظراتها في المرة السابقة، جملتها المودعة: "اهبؤتك اني لا ار ذلك... لكنك اصريت علي وانت تعلم اني لست معتادة على ذلك... نظر للجالسة امامه تنزل رأسها بحزن حتى نهض غاضبا يناديها:" انت... ستدفعين ثمن قتلك لصديقتي..."
رفعت الاخرى رأسها بصدمة لتنكشف حقيقة لم ينتبه لها مسبقا، هذه السمراء كانت طوال الوقت الغبية، لم يكد يستفيق منذ صدمته حتى وجدها قد هربت، جثى على ركبتيه بضعف لينظر الى صديقته الملقاة على الارض قد افترش دماها على الارض حولها لتتلون الزهور بدمها، اقترب منها بذهول، مظ اليها يديه المرتجفتان ليقربها منه ويبدأ البكاء صارخا:" بما تركتني مجددا... لما لم تستمعي الي منذ البداية وهربتي معي... لما..."
فتحت الغبية عيناها ببطئ لتجد نفسها على سجادة في بيت الشاب، لكن كل شيء عاد لطبيعته، نهضت عن الارض بسرعة تنظر حولها لتتأكد من خلو المكان من العناكب، وقفت وهي تحك ذراعاها من القشعريرة التي اصابتهة عند رؤيتها للمكان محاولة الاسراع الى الباب، مدت يديها لتفتحه لكنه كان موصد، هزته عدة مرات دون جدوة لتلتفت فترى النافذة مفتوحة، اسرعت اليها لتطل منها فترى الفارس في الاسفل معانق نفسه على الارضتحوم حوله بتلات من الورد الابيض، نظرت حولها لتجد عريش على الجدار خارج المنزل، تمسكت بها لتنزل للاسفل ثم اسرعت اليه، وقفت بالقرب منه فوجدته مدمع العينين يعتذر ويتمتم كلاما غير مفهوم... نادته بكنه لم يجبها مدت مدتها اليه لكن قبل ان تصل لمست يدها رحيق الازهار فتكهربت، سحبت يدها بفزع لتعلم خطورة الموقف، نظرت حولها عسى ان تجد وسيلة للمساعدة او احد تستنجد به لكنها وجد الشاب يقف على بعد مترين منهما وينظر اليهما بسخط، شهقت ما ان رأته ابتعدت فزعة لا تدري ما تصنع، ظلا ينظرات لبعضهما حتى أعمض عيناه مطلقا تنهيدةاستسلام ليمشي نحوهما بخطى بطيئة، ما ان وقف بالقرب منها حتى تراجعت خطوات بحذر، اغمض عينيه بضيق ليقول لها: لم ات لأذيك... بل لمساعدتك
ظلت تراقبه بحذر حتى قال:
- اتريدين انقاذه حقا؟
تغيرت ملامح وجهها من الفزع الى التفكر فاردف يقول:
- هناك طريقة وحيدة لتفعلي ذلك
ظلت صامتة تنظر اليه تنتظر ان يقول ما لديه، مد يده لموضع قلبه ليستخرج منه سيفا اسودا، اعطاها اياه وقال:
هذا السيف مصنوع من الكراهية التي احملها في قلبي تجاه ذلك البغيض، اطعنيني به وحين اموت يعود الفارس الى طبيعته...
انصدمت من كلامه وتراجعت خطوات، نظرت للسيف ثم اليه وهي تهز رأسها تنكر ما سمعته منه، اقترب منها ليضع السيف بيدها ويفتح ذراعيه قائلا:
- هيا... لك ان تنتقني لما فعلته بك منذ قليل... افعليها واريحيني من هذه الحياة البائسة...
اغمض عيناه منتظرا طعنتها لكنه سمع صوت ارتطام السيف بالارض، فتح عيناه ليراها جالسة على الارض تغطي وجهها بكفيها، والسيف ملقا بجانبها، نظر اليها ثم الى السيف، تناوله من الارض ليقول:
- لا بأس... ان لم تستطيعي سأفعلها بنفسي
رفعت رأسها لتنظر اليه بصدمة بينما هو وجه السيف لقلبه وصار ينظر اليها مودعا وتنظر اليه بخوف حتى امسكت يداه لتوقفه، قالت برجاء وعيناها تفيضان بالدموع: "ارجع ذلك الطفل الصغير المشاغب وانسى ما حدث... ضع المياه تعود الى مجاريها...
قال بامتغاض:" المياه لم تكن يوما في مجاريها، لطالما كانت في مجاريه هو...
- لما تكره الفارس الى ذلك الحد؟...
- انه انسان بغيض... يستخدمنا لمصالحه فقط لاننا ضعفاء
- لكنني لم ارى منه الا الخير... لطالما دافع عن المستضعفين ولم اره يوما يستغلهم
- هو يحميهم بالبداية ليغريهم الى وكره، لكن بعدها يأت العذاب الحقيقي
بدى على وجهها عدم الفهم ليقول لها: انها قصة طويلة انت لن تفهميها بسهولة لانك لست من عالم الاحلام لذلك دعينا منها...
بحزم قالت: لا... اريد ان اعرف ما السر المخفي في عالم الاحلام... لما الكل يتكلم عنه ولا احد يخبرني به...
- الكل يتكلم عنه!
- لقد حدثني الفارس يوما عن اسرارا لا اعرفها عن سكان الاحلام
- ماذا قال لك عنها؟...
- انني لا اعرف شيئا عنهم فلا اتدخل...
- فقط هذا؟!...
- اذا قل لي انت المزيد...
وضع السيف على الارض ليأخذ نفسا استعدادا للكلام فيقول:
لن يضرني الامر، فانا بكل الحالات راحل... القصة وما فيها اننا نحن سكان الاحلام كائنات ضعيفة... طاقتنا تفرغ بسرعة، لذلك نقوم بالتغذية على طاقة سكان الواقع، وهم مجرد ان يستيقظوا يذهبون للمطبخ ويملئون بطونهم بالاطعمة اللذيذة ثم تعود اليهم طاقتهم... لذلك...
- كيف تتغذون من طاقة سكان الواقع؟...
- عبر المشاعر الجياشة... وفي اغلب الاحيان يكون عبر الخوف لانه الطريقة الاسهل لاستخراج المشاعر، المشاعر تحتاج الى الكثير من الطاقة وعندما يستخدمها سكان الواقع تخرج منهم طاقتهم فنمتصها نحن حينها...
بدا عليها التفكر في الامر لتصنع وجها كمن فهم الحكاية ثم تقول:
- أكلكم هكذا؟!
- اجل... لما تظنين النتن يتبعك لياكلك؟ ولما تظنين انني اتهمتك باكل سندويشتي، وحين عضضتك اول مرة بالسجن، وحين ارعبتك بالسلطعون وحين اردت اغراقك بالبحر لكنك كنت اقوى مما تصورت... وهولاء العالم في عالمك حين ارادو مهاجمتك...
سكت قليلا ليقول بعدها بأسى: اما المرة الاخيرة التي هاجمتك فيها لم تكن نقصا بالطاقة بل كانت انتقاما...
ساد الصمت حينا عند ذكر الفكرة الاخيرة حتى نطقت بعد برهة:"لكني لا اذكر ان الفارس ارعبني بيوم من الايام
- الفارس كان كذلك قبل ان ينشئ مملكته، كان مجرد كائن ضائع يتغذى من طاقة المستضعفين، الى ان قرر ان ينشئ مملكته واصبح لديه من يعمل تحت امرته فيعطونه جزء مما ياخذون من الطاقة التي بالكاد تكفيهم، فهو لا يسمح لهم ان نمتص من سكان الواقع الكثير كي لا نؤذيهم، وهكذا عشنا خارقي القوة منذ الصغر تحت رحمته
- لكنه يؤمن لكم الحماية بالمقابل
- ومن بحاجة الى حمايته؟... لقد هزمته منذ قليل بكل بساطة فلما احتاج حمايته، انت بنفسك رفضتي حمايته...
صمتت قليلا لتقول بعدها باندفاع: هذا لان... لانه عالمي ولا اريد التخلي عنه
- وكذلك انا لا اريد التخلي عنه
- اذا لما تخليت عنه منذ البداية؟؟
- لم اكن انا... لقد تعهدت امي له بخيالنا يوم اتى لمساعدتنا من وحش مهاجم مجنون... حين هزمه عرض عليها ان تهبه خيالنا مقابل الحماية وسهولة الحصول على الطاقة... حينها اصبح بطلي، رأيت فيه الخلاص لعالمنا القاسي، لكن بعد ان ضمينا عالمنا لعالمه اكتشفت ان الامر مختلف عما كنت اظنه... اذ لا يسمح لنا ان نأخذ من فرائسنا الا القليل ورغم ذلك علينا ان نتشاركه معه ومع المسؤولين الكبار
- بعد كل شيء هو يؤمن لكم الفريسة دون ان تتعرضوا للخطر
- انا احب ان اجوب المخاطر
- لقد تركت عالمك، يمكنك ان تعيش هنا حرا وتجوب المخاطر التي تريد
- وماذا عن عائلتي؟... لا اظنه سيسمح لي برؤيتها، سأعتبر خائن ومصدر خطر على عالمهم... بالاخص ان الجميع هناك يهابني...
- ولما يهابك من هم بعالمك
- حدث ولا حرج... عندما كنت اشعر بنقص بالطاقة كنت اهاجمهم، وما كنت لاسجن لانني مجرد طفل، رغم اني اكتشفت مؤخرا ان فارس الاحلام كان يعلم بأمر عمري الحقيقي... لكنه لسبب ما لم يفضحني...
- اذا هو انسان جيد؟...
- ذلك الانسان ضبع بقناع حمل... لا تقلقي، ما ان اموت حتى يعود كل منكما الى عالمه وانسي حينها كلامي، وانسيني انا ايضا، عيشي حياة الذل ما حييت لكني ساترك هذه الحياة المقيطة"
قبض على السيف مستعدا لنهايته لكنها اخذت السيف منه لترمه على الارض فينكسر ليتحول الى غبار اسود صعد الى السماء واختفى ثم قالت: ليس من الضروري ان يموت احدا... ستعيش انت بعالمك حرا، وانا بعالمي حرة، والفارس بعالمه حرا... سنكون جيران ونحاول ان نتوافق
- لست على استعداد ان اتوافق مع الفارس
- حسنا لا تتوافق معه... فقط ارمي كل ما يزعجك في الماضي وانساه وحاول ان تبدأ من جديد
- تفكر بالامر قليلا ليقول بجبروت: سأكون في عالمي واحكم حكم الغاب وستكونين ضيفتي الدائمة
- ابتسمت الغبية لتقول له:"بشرط ان لا تحضر معك اصدقائك من العناكب
- قرصها في خدها ليقول لها: سأحضر معي من اشاء، وحينها يمكنك الموت رعبا
عبست بضيق لينظر اليها مصطنعا البراءة ثم قال:"اتخلى عن فكرة حياة الغاب بشرط واحد... تعلمين ان الفارس عدوي اللدود...
نظرت اليه باهتمام ليردف: وتعلمين ايضا انك حبي الابدي...
ظهر الضيق على وجهها ما ان سمعت هذا الموضوع اما هو فلم يصب بالخيبة، لأنه كان قد توقع ردة فعلها... اردف قائلا بتهديد وحزم:" لا تحاولي ولا تفكري حتى ان تقعي بخبه يوما او ان توافقي على الارتباط به... لانني سأقلب عالم الاحلام كله الى كوابيس..."
ارتعدت خوفا من تهديده لكنها بعد ان فكرتq بالامر رأت ان الامر عادي جدا، فلما قد توافق هي اصلا على الزواج من فتى من عالم الاحلام وهي لا تنتمي اليه
ابتسمت ابتسامة رقيقة وقالت له:"لك ذلك... اعدك"
بادلها ابتسامة ساخرة ليقول:" اتمنى ان لا يكون وعدك هذا كوعدك السابق..."
- ان فعلت ساقتل نفسي بيدي لكن اترك عالم الاحلام بحاله...
- قد اتركه بحاله فقط لو قتلت الفارس بيدك
اخفضت رأسها بحزن لتقول:"لنتأمل ان لا يحدث ذلك، فانا لا انوي الارتباط الا بفتى من الواقع
- رغم ان لكلامك وقع اليم لانني لست من الواقع، الا انه يسرني سماعه لان الفارس ايضا من عالم الاحلام... اذا... هل اعيدكما الى عالمكما؟
- هل ستنقذه اولا ام لا؟
- نظر اليه ولم يبقى للاندماج الكامل الا القليل فقال لامباليا
- دعيه يتعذب قليلا... لا اظن ستسنح لي هذه الفرصة مرة اخرى
- ابتسمت بشقاوة لتقول: حسنا، لانضم اليك في هذه الحالة فانا ايضا اتوق للانتقام منه منذ فترة
احضر علبة فوشار ليناولها اياها وجلسا يتفرجان ويضحكان
---------؛----------
وصل الشاب الى عالم احلام الفارس ليضع الفارس عن ظهره ويتسلمه المسؤولين في المقر، نظر الجميع للشاب مستغربين من مظهره الجديد ليقطع تحاليلهم واستنتاجاتهم بقوله:
- كان بامكاني قتله اليوم لكني عفوت عنه لاسباب تخصني، حين يستيقظ اخبروه اني سأنشئ عالمي واعيش فيه وافترس من اريد وكما اشاء... وان تدخل فلن اعرف الرحمة في المرة القادمة...
اختفى من امامهم لينشغل الجميع بالفارس، تبرعوا له ببعض من طاقاتهم ليستيقظ فينظر اليهم مستغربا يستفسر عما حدث...
تبادل الجميع النظرات واتفقوا ان يؤجلوا الحديث عما جرى بعد ان يأخذ قسطا من الراحة
الروائية الصغيرة
الروائية الصغيرة
Admin

عدد المساهمات : 14
تاريخ التسجيل : 18/03/2016

https://kawadr.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فارس الاحلام Empty رد: فارس الاحلام

مُساهمة من طرف الروائية الصغيرة الإثنين سبتمبر 05, 2016 10:51 am

الفصل السادس

جلست في قصر كبير تعتلي عرشها مرتدية تاجها الذهبي المرصع باندر الاحجار الكريمة، تحمل رمحها الذهبي في يمينها وصديقتها جالسة قربها على يسارها، يلفهما الخدم والحشم، والحرس توزع حولها من كل صوب، سمعت صوت غريب على يمينها لتجد نفسها فجأة في الظلام، جالت بناظريها في الغرفة لتسمع صوت قطرات المياه تنغمس في دلو فاض مائه، تنهضت بملل لتصيح، متى سننهي من هذه المهزلة؟...
فجأة وجدت ضوئا يقترب لتغمض عينيها حين صوب اليها مباشرة، سمعت صوتا انثاوية يأتي من خلف القضبان يقول:"انت الغبية اليس كذلك؟... "
تنهدت الغبية بملل لتقول:"او هذا ما تطلقونه علي هنا..."
- لا يهم... لقد ذهب الفارس منذ ايام لإنقاذك من الفتى الشقي، لكنه اعاده شابا بدا كأنه احد اقارب الفتى لانه يشبهه كثيرا وكان الفارس بحالة يرثى لها، لا يهم هذا فهو امر اعتيادي دائم الحصول، لكن الاهم بعد استيقاظه لم يعد طبيعيا، انه ملقى في سريره طوال الوقت ولا يريد رؤية احد، كلما دخل عليه احد يطرده صارخا... ما الذي حدث له هناك بالضبط؟... لما هو هكذا؟... وهل تعرفين طريقة لإعادته الى حالته الطبيعية
تفكرت الغبية بالامر لتنكر معرفتها باي شيء حصل معه، طلبت المسؤولة منها ان ترافقها الى غرفته فذهبتا معا، خرجت من السجن لتنظر الى مظهرها فترى نفسها بملابس متوسلة، ويديها متسختين وايقنت دون ان ترى ان شعرها اشعث كالفزاعة، نظرت للمسؤولة لتقول لها: هل بامكاني ان أحسن مظهري اولا؟
نظرت اليها المسؤولة بطرف عين لتقول لها: لا استطيع ان احول مظهرك فانا خارج علمي، يمكنك ان تنتظري لنصل للمقر
- على الاقل خذيني الى مكان فيه ماء لانظف نفسي
- هل هذا وقت الدلع
- اتريدين ان امشي بهذا المنظر في الشارع!...
- وما في ذلك... انت متوسلة على كل حال
- اخ... لست ادري فكرة من كانت هذه... لقد كنت ملكة في عالمي...
- نظرت اليها المسؤولة بطرف عين فتسألها الغبية: ما بك
اعادت نظرها للطريق لتقول لها: لا يمكنني ان اتصورك ملكة بأي شكل من الاشكال
تنهدت بضجر لتكمل طريقها وهي تنظر الى الطرقات التي تلونها شتى انواع البؤس لتسأل: من صاحب هذا العالم؟...
- يمكنك ان تعلمي من منظره... انه لذلك الطفل الشقي...
- على سماع اسمه ارتجفت الغبية لتنزل رأسها محاولة اخفاء ارتباكها، لاحظت ذلك المسؤولة فسكتت ليسود الصمت بينهما حتى سألتها عما جرى البارحة معهما، ظلت الغبية ساكتة لتلزم الاخرى السكوت ايضا حتى مرت بعالم راق، ابنيته شاهقة تناطح السحاب، شوراع معبدة، وسيارات فخمة ذو طراز سابق لعصرها، نظرت باستغراب للفرق بين هذا العالم والعالم الذي خرجتا منه توا، لاحظت المسؤولة اندهاش الغبية عند رؤية العالم لتقول لها:"انظري الى ملابسك بعدها اظهري تعجبك"نظرت الغبية الى نفسها لتجد ملابسها تغيرت الى ملابس انيقة، تلقائيا ارتسمت السعادة على وجهها فغيرت وجهتها مباشرة الى اول واجهة زجاج تصادفها لتغرم بنفسها، امسكتها المسؤولة من ذراعها لتخبرها الا تنغر بهذه المظاهر فأنها معدة لامتصاص الطاقة من السائحين عبر شعورهم المفرط بالسعادة، تلقائيا انقلبت ابتسامتها لحزن، الكل هنا غايته الوحيدة امتصاص طاقة من حوله، لكن لكل واحد سبله، وصاحب هذا العالم انسان طيب، رغم انه يأخد الطاقة من المارين بعالمه الا انه بالمقابل يهديهم السعادة، نظرت للمسؤولة لتسألها عن صاحب هذا العالم مصرة على حفظ اسمه لانه يستحق ان يذكر، لكن صدمتها الكبرى كانت حين اخبرتها انه للاخ الاصغر للطفل الشقي... وشتان ما بين هذا العالم وذاك، اكملت تمر على عوالم عدة الى ان وصلت اخيرا الى عالم الفارس، طرقت المسؤولة الباب لتسمعه يأمرها بالرحيل، فتحت الباب لتدخل وتتبعها الغبية فتصدم ان عالم الفارس عبارة عن غرفة بسيطة جدا ومبعثرة، لكن ما لفت نظرها ملابسها التي تحولت الى سترة جلدية سوداء وسروال جينز ممزق عند الركبتين، استغربت المنظر حتى تذكرت اول لقاء لها مع الفارس، كانت ترتدي نفس الملابس، ويبدو ان فكرة التمزيق عند الركبتين كانت فكرته هو، على ما يبدو انه مهووس بهذه الموضة، القت نظرة خاطفة الى ركبتي المسؤولة لتراها ترتدي نفس ملابسها طوال الوقت لم تتغير منذ التقت بها منذ البداية، يبدو ان ملابسها موحدة في كل العوالم، وقفت الغبية في زاوية واقتربت المسؤولة تجاه الفارس لتراه كما تركته صباحا، سألته عن حاله ليدير لها ظهره، تنهدت بيأس لتتوجه الى الغبية وتقول لها انه هكذا من الصباح، نظرت اليه الغبية بمظهره الكئيب لتتذكر حالته البارحة، لم تكن افضل حالا من الان، طلبت منها المسؤولة ان تكلمه عسى ان كان الامر يخصها، اقتربت الغبية منه بتوتر نظرت الى المسؤولة لتطلب منها ان تتركهما وحدهما، وافقت على ذلك وخرجت...
جلست الغبية على طرف السرير صامتة تفكر بطريقة لتفتح له الموضوع، فما كان منها الا ان سألت:"لما عالمك صغير مقارنة مع باق العوالم، نهض الفارس من السرير لينظر اليها بانزعاج ثم يقول:"هذه انت!... ما الذي اتى بك الى هنا؟...
ارتبكت لسؤاله ثم اشرت للخارج قائلة:"هي طلبت مني ان اتي..."
اكمل بانزعاج:" وما شأنك كي تأتي انت... لست من عالمنا حتى... عودي من حيث اتيت..."
عاد الى سريره لتسكت الغبية لبرهة حتى قالت اخيرا:" ما الذي كنت تفعله البارحة في عالم الشاب؟...
اجابها دون ان يلتفت اليها:"يصدف ان الغبية الجالسة بقربي كادت ان تموت رعبا لاجل عنكبوت سخيف... نهض غاضبا وهو يصيح:" لقد حذرتك منه البارحة لكنك لم تتعني لتحذيراتي وحدث ما حدث بسببك..."
قالت مدافعة عن نفسها: لقد حذرتني بعد ان علم بخوفي من العناكب، كما انني لم اكن من اخبره بل علم من تلقاء نفسه
- علم من تلقاء نفسه
قالها ساخرا ليعود الى فراشه بينما سكتت الغبية قليلا لتعود وتفتح موضوعا جديدا
- هلا سكتي وخرجتي من هنا، لقد اصبتني بصداع
- هل يمكنني ان افهم لما كلما اريد ان اتحدث تسبقني وتمنعني من الكلام؟...
- هذا لانك غبية، اخرجي الان...
- ما الذي حدث البارحة عندما كنت تعانق الدمية؟...
حينما تذكر الفارس ما حدث عاد الى سكوته لتحثه الغبية على الكلام بازعاجها له، حتى قام غاضبا يصيح لتخرج، لكن فجأة فقد توازنه وعاد الى سريره قاطعا جملته، اقتربت منه مستغربة لتضع يدها على جبهته فتنشوي يدها، اسرعت الى كوب ماء على منضدة قرب السرير، وضعت يدها داخلها فتصاعد بخار وتبخرت الماء كلها، وضعت الكوب على المنضة لتهم بالخروج لكنها اكتشفت ان الباب مقفل، نظرت للفارس لتسأله بانزعاج:"اين وضعت المفتاح؟.." سمعته يتمتم فاقتربت منه وهي تطلب منه ان يرفع صوته حتى سمعته يعتذر" استغربت الامر لكنها. لم تتعنى بدأت البحث بين اغراضه المبعثرة في الغرفة، هذا الفارس يحتاج الى الكثير من العمل لينضبط، كل شيء عنده مشبشل، وجدت اخيرا مفتاحا على شكل قلب، قربته للباب لتقول:" لا اظنه مفتاح الباب" اعادته لمكانه لتكمل البحث، توقفت فجأة لتنظر الى المفتاح بفضول وهي تسأل نفسها، ما هذا المفتاح يا ترى؟... أهو لدفتر يومياته ام علبة ذكريات لحب قديم ام ماذا يمكن ان يكون؟...
اخذت المفتاح باحثة بين اشيائه عن شيء يحمل قفلا يشبه المفتاح، لكن لا شيء بقفل اصلا...
اقتربت منه، مدت يدها على جيب قميصه ليتحرك وهو يتمتم بكلام غير مفهوم، انتفضت تقفز كاتمة فزعها: "تبا... لقد ارعبني... ظننته قد استيقظ..." اقتربت مرة اخرى بعد ان ثبت على جانبه الايمن واعادت مد يدها الى جيبه لكنه كان فارغا، نظرت الى جيوب سرواله لتهز رأسها تنفض الفكرة "لا... لن أفعلها مجددا، يكاد قلبي يتوقف كلما تحرك، ثم ما شأني بخصوصياته؟... كأنني معجبة به او مهتمة بأمره..." وضعت المفتاح داخل جيب قميصه لتبتعد متجهة نحو الباب وتتذكر انه مغلق، طرقت الباب منادية المسؤولة لكنها لم تجب، تنهضت بملل لتقول:" والان ماذا افعل..." نظرت للفارس، امارات البؤوس واضحة على وجهه، العرق يتصبب منه، شيء ما يضايقه، لا تعلم ما هو، لا تعلم حتى ما الذي حدث حين كانت مغمية عند الشاب، كيف دخل الفارس هذه الحالة، ومتى ولماذا؟...
اخذت منديلا لتمسح العرق عن جبهته لكنها وجدت العرق اختفى كأن احدا سبقها على ذلك، نظرت اليه مستغربا، لا يبدو انه الفاعل، فيبدو انه في سابع نومة، الا إن كان فنان تمثيل، جلست على مقربة منه تراقبه وتفكر:"عادة في القصص الرومنسية تتقرب الفتاة للفتى في وضع كهذا... هل يمكن ان أحبه او يحبني لانني اهتممت به اثناء مرضه؟... فجأة قامت منتفضة متقززة: "تبا... بما افكر انا الان! لما قد اغرم بهذا المزعج!... " نظرت اليه مرتعبة تتذكر تهديد الشاب امسا: لا تحاولي ان ترتبطي به اوتغرمي به حتى، والا قلبت عالموالاحلام الى قابوس" ارتجفت اوصالها ليرتسم الحزن في عينيها نظرت للفارس:" بعد كل شيء الشاب كان المسؤول الاول لما يحدث الان مع الفارس... لكن تحميل المسؤولية له لن يجدي نفعل، ربما سيكون سعيدا لو سمع بخبره...
تنهدت بملل وهي تنظر للباب المقفل لتنهض كي تكمل البحث عن المفتاح، انحنت تبحث تحت السرير لتجد عدة سراويل جينز ممزقة مغبرة وكذلك قمصان بيض كلهم على نفس شاكلة الفارس، حاولت ابعادههم وهي تحبس انفارسها من الغبار حتى لمحت صندوق معدني احمر على شكل قلب وعليه فتحة قفل في اعلاه، سحبته لتنظر اليه متفكرة ثم نظرت لجيب قميص الفارس:"اممكن ذلك؟..." اقتربت منه لتسحب المفتاح من الجيب بهدوء حتى امسك يدها ونظر اليها مباشرة نظرة حادة محذرا:"ما الذي تفعلينه؟..." اصفر لونها واحتارت بما تجيبه حتى قال:"اتحاولين سرقتي؟..."
- قبضت بيدها على المفتاح لتبتسم ببلاهة وتقول:"وما الذي يمكنني ان اسرقه من جيب فارغ؟..."
اجابها باحتقار:"لم تكوني تعلمين بذلك قبل ادخال يدك لجيبي، فلتعودي الى زنزانتك..."
قبل ان تعترض اختفت من غرفته لتجد نفسها في الزنزانة، غطت وجهها بكفيها متحسرة ليخبط رأسها بالمفتاح، نظرت اليه مستغربة ثم رسمت على ثغرها ابتسامة خبيثة وبدأت تحيك خطة تهديد لخروجها من السجن...
بعد عدة ساعات ظهر لها الفارس من العدم ينظر اليها بجفاف ثم اخترق قضبان الزنزانة ودخل يسألها: ما الذي شاهدته البارحة بالضبط؟...
- اجابت بانزعاج: لماذا تسال؟
- اجاب صارخا: ليس من شأنك، فقط قولي ما الذي شاهدته...
- عضت شفتها لتقول بصعوبة: اولا شاهدت العديد من العناكب وبعدها عنكبوت كبير و...
- قاطع كلامها صارخا: لا اسالك عنك بل عني انا... ما الذي شاهدته عني؟...
- نظرت اليه مستغربة لتقول: غير انك كنت تعانق دمية وتبكي؟... لا شيء... حسنا... كنت تعتذر ايضا...
نظر اليها غير مصدقا ليقول: ان علمت يوما انك تكذبين سوف اقتلك شر قتلة... سأبقيك هنا للاحطياط "
اراد الفارس الانصراف الا ان صوت اقشعر منه جعله يتوقف مكانه ويلتفت مصدوما:
- عفاك... هكذا ترد لها انقاذها لحياتك...
هاجمه الفارس واضعا كفيه على عنقه محاولا خنقه:"انت ايها النذل سوف اقوم بقتلك، كيف تجروء على العبث بخصوصياتي..." بينما التصقت الغبية بالقضبان محاولا الهروب من السجن كي لا تكون مع الشاب في ركن واحد
ابتسم الشاب بخبث دون ان يتأثر بخناقه وقال: احمق... لا تنسى انك في عالمي مرة اخرى... وقد سحبت صلاحياتك الخيالية فلا سيطرة لك فيه بعد الان... على كل حال انا لم ات لأجلك بل لأجل الغبية...
توجه اليها وامسكها بصعوبة ثم اختفى عالمه فعاد الفارس الى عالمه وانتقلت الغبية مع الشاب الى عالمه الجديد
ما ان وصلا الى منزله الصغير حتى ابتعدت عنه برعب وصارت تنظر للغرفة حولها بخوف، فهم الشاب ما يجري معها فحول منظر المكان الى منظر طبيعة غناء، جلس الشاب على الاعشاب الندية مسندا ظهره على صخرة عملاقة مغمضا عيناه يحاول الاسترخاء مستمتعا بالاستماع الى صوت الشلال...
هنيهة وفتح عيناه ليرى الغبية ما تزال واقفة، اشر للارض يدعوها للجلوس فجلست في أبعد ركن عنه محاولة تجنبه، ارتسم الحزن على ملامحه لينهض متوجها اليها، لكنها سرعان ما نهضت فزعة وابتعدت، نظر اليها مصدوما، اخفضت رأسها بحزن لتقول له: عد الى هيئة الطفل... عندما اراك على هذه الشاكلة تذكرني بالعناكب...
اطرق الشاب براسه منزععجا ليقول:"لن اعود طفلا بعد اليوم... لا اريد ان تنظري الى نظرة طفل... اريد ان تريني كشاب بعمر الزواج...
انتفضت بانزعاج لتقول: الم تسحب هذه الفكرة من رأسك بعد؟...
- لا... ولن افعل... ساتبعك لاخر العمر...
- قالت بحزن: اسفة... ولكن جهدك سيذهب سدى... فانا بعدما حدث البارحة لن ارى فيك الا شخصا قابلا للتحول الى عنكبوت عملاق في اي لحظة... لن اشعر بقربك بالامان بل على العكس... ولا انوي الاقتران بشخص وجوده يشعرني بالخطر
- بنظراته المنكسرة وجه اليها سؤاله: اذا... لا امل لي ابدا؟...
هذا السؤال المصيري جعلها تتذكر سؤاله المصيري البارحة وسرعان ما اصفر لونها وتراجعت خطوات للخلف، حاول ضبط أعصابه كما حاول ان يهدئها لكنه ما لاقى منها الا نفورا، اغمض عينيه باستسلام ليقول:
انا اسف... لم اكن انوي فعل ذلك لكنك لم تتركي لي وسيلة اخرى"
وقبل ان تستوعب كلامه ظهر بالقرب منها واضعا كلا كفيه على رأسها ولم تشعر بنفسها الا تهوي على الارض فاقدة الوعي...
ظهر بين كفيه كرة فيها خيوط من شتى الالوان متداخلة، فصلها عن بعضها وقتح ذراعيه فانتشرت في جميع انحاء عالمه، مد كفيه الى رأسه مغمضا عينيه ليخرج كرة جديدة مشابهة للسابقة فيدخلها في راسها...
فتحت عينيها ببطىء، نظرت اليه وابتسمت برقة، بصوت عذب قالت:" لقد تأخرت عزيزي... انتظرتك طويلا..." ابتسم لها بحنية معتذرا ومد يده اليها ليساعدها على النهوض، سارا سوية ليتوجها الى المنزل، ساعدها على تجهيز سفرة الغداء وجلسا سوية يأكلان، تداولا احاديثا عن سيرورة يومهما، غازلها مرات عدة فتبادله بابتسامة مع تورد الوجنتين في كل مرة، جلسا سوية تحت جذع شجرة يستمعان الى زقزقة العصافير الهادئة وكان يومهما جيد حتى اقبل المغيب، اسندت رأسها على كتفه ترتخي حينما دب النعاس عليها، ما ان لاحظ انها في طور الانفصال عن عالم الاحلام حتى هزها لتستيقظ، نظرت اليه فقال لها:"اسمعيني جيدا... هناك امر مهم يجب ان اخبرك به..."
ظهر القلق في ملامحها لتقول: "انت لن تتخلى عني اليس كذلك؟..."
ابتسم بتوتر ليقول:"يستحيل ان افعل ذلك... الامر مختلف... لكنه يحتاج الى بعض التركيز لتفهمي علي"
صبت جم تركيزها معه ليأخذ نفسا ويستعد للبوح بالحقيقة الا ان اطلاق للنار قطع اندماجهما، تعمشقت الغبية بالشاب ملتمسة الامان فأرجعها لخلف ظهره بينما ينظر الى فارس الاحلام بحقد: "ما الذي ات بك الى عالمي دون دعوة...لا داعي لتكون بطلا كالعادة فكما ترى كل شي بيننا على ما يرام..."
- احمق... لم ات هذه المرة لانقاذ احدهم... بل جئت لقتلكما سوية
حدجه الشاب مستغربا بينما غطت الغبية فمها من الصدمة، التفت اليها الشاب ليعانقها محاولا طمئنتها انه يسيطر على الوضع حتى هدأت قليلا، طلب منها ان تركض للبيت ما ان يقول ثلاثة، لكن ما لم يتوقعه الشاب ان يصدق الفارس في رغبته في قتلها، وما ان ابتعدت عنه حتى اطلق الفارس عليها النار، اسرعت الشاب ليتلقى الرصاصة عنها فيسقط ارضا متألما ويسقط معه الغبية والفارس متألمين، تجاهلت الغبيةالمها واسرعت الى الشاب لتتفحصه برعب بينما الفارس يراقبهما بحيرة، ما الذي جعلها تنقلب هذا الانقلاب المفاجئ؟... ولما خاطر الشاب بحياته لأجل غبية من الواقع يفترض ان تعود لعالمها لو ماتت هنا؟ ام انه يعلم انها رصاصات قاتلة لكلا الصنفين؟..."
ردد ناظريه بينهما ليرفع سلاحه عليه قائلا:"ما الذي يجري هنا؟..."
تجاهلت الغبية سؤاله بينما تبحث حولها مستنجدة عسى ان تجد احد يساعدها بينما الشاب جاهد قدر امكانه ان يبقى صامدا وحاول ان يهدئها ليخبرها بالحقيقة قبل ان يفارق الحياة، اطلق الفارس بينهما ليجذب تركيزهما اليه، وجه سلاحه اليها ليقول:" ماذا يعني تصرفك بالضبط؟... لقد كدت تموتين خوفا منه منذ قليل، والان اراك تحتمين به وتحاولين انقاذه... هل لي بشرح ما يجري؟...
- صرخت عليه الغبية بغضب: انت مجرد مجنون تافه... تهاجمني انا وزوجي ثم تختلق انني اخشاه، اظنك اخطأت العنوان..." عادت لتنظر للشاب وتذرف دموعها بينما غرق الفارس بصدمته، هل قالت زوجي للتو؟!... ثم... لما تقول انها لم تخشاه يوما؟... هناك شيء مريب يحدث، عاد بتفكيره اليهما ليراها مازالت تنعاه بينما هو يحاول بما تبقى له من طاقة ان يخبرها بين صرخاتها، اقترب الفارس منها ليوجه سلاحه على قلب الشاب فتنظر اليه الغبية بذعر صامتة، قال: "حدثيني بما جرى قبل ان اقتله..."
الغبية تنظر للفارس محتارة لا تدري عما يتحدث، ولا تدري حتى هو من يكون، كل ما تعرفه انها كانت تعيش حياة هانئة مع زوجها حتى تدخل هو ليقتلهما دون ان تعلم السبب، حين رأى الفارس انها تجيب قال: يبدو انك لن تتكلمي" خرطش الفرد عازما على قتله حتى اخذت حجرة من الارض وضربته بها على رأسه، سقط على الارض واسرعت لتأخذ منه السلاح ووجهته اليه، مسحت دموعها لتتظاهر بالقوة وقالت:"هل يمكنني ان افهم لما تهاجمنا؟...
نهض الفارس ليجلس على الارض، مسح موضع الضربة ثم نظر الى كفه ليجد فيها اثار الدماء، نظر للغبية بانعجاب ليقول مصفقا:"فجأة اصبحت متوحشة" ثم قال بوضوح:" لاني اريد ان اتخلص منكما"
ظلت تصوب السلاح عليه وقالت:" وما الذي فعلناه لك لتتخلص منا...
- بكل بساطة... عرفتما عني ما لا يجب ان تعرفاه... وهكذا فتحتما على نفسيكما باب الندم...
- صرخت الغبية: كيف لي ان اعرف شيئا عنك وانا بحياتي لم اعرفك ولا اعرف من انت حتى...
اجاب الفارس دون تفكير: لا تعرفيني؟... لطالما اذابتك ابتسامتي الساحرة والان لا تعرفيني حتى
- عما تتحدث انت... من اين لي ان اذوب بابتسامتك ولم ارى منك الا اللؤم
هنا احتار الفارس فعلا... هل هذا كله تمثيل ام انه حقا اخطئ العنوان؟... نظر للشاب المطروح ارضا خارق القوة، هل هو ايضا شخص اخر ام انه يداخل دمية جديدة مرة اخرى؟ ما الذي يجري بالضبط؟ على كل حال عليه ان يحسم الامر ويحطاط قبل فوات الاوان في حال لم يخطئ العنوان، اسرع اليها واخذ السلاح منها ليطلق عليها فتسقط ارضا، فجاة يجد الشاب قد نهض ليقف عند الغبية محاولا ان يبقيها على وعيها قدر الامكان، استدار اليهما ليقول له: هل اخذك حبها لدرجة ان تضحي بحياتك لاجل ان لا تستيقظ؟..."
نظر الشاب للفارس بحقد ليقول له:" ايها الاحمق... لقد قمت بغسل دماغها لابدل مشاعرها وان استيقظت قبل ان تدري بالحقيقة ستعيش بضياع للابد...
حدجه الفارس بصدمة: قمت بغسل ذاكرتها!...
- ليس وقت العتاب الان، ياعدني لانقاذها
اطلق الفارس ضحكة استهزائية ليقول:" على كل حال لا داع ان تقلق من هذه الناحية... فهي لن تستيقذ حتى تعيش في ضياع...
- ما تلذي نقصده بانها لن تستيقظ
- لقد استعملت رصاصات قاتلة... حتى لسكان الواقع... تعمل على امتصاص الطاقة في كل لحظة الى نهايتها وتقضى على من تصيبه
فرغ الشاب فاهه مصدوما، ما تبقى له من طاقة بالكاد تكفيه لكي يبقى واعيا فما كان له ان يهاجم الفارس انتقاما لمحبوبته، استلقى بالقرب منها ليعيش اخر لحظات عمره معها فادار الفارس لهما ظهره بعد ان اطمئن ان مهمته تمت، تحركت الغبية بوهن لتمسك كف الشاب فيستعيد نشاطه فجأة بينما شحب لونها وذبلت ملامحها بعدما سلمت له ما تبقى لها من طاقة، نظر اليها محتارا ماذا يصنع، كيف يساعدها حتى سمع صوتها الضعيف:" اذهب واقض عليه..."
اغمضت عينيها مستسلمة لامرها الواقع بينما اغمض عينيه مقهورا، شد على قبضته عازما على الانتقام، نهض، التفت تجاه فارس الاحلام ليؤشر على سلاح الفارس بالابتعاد، التفت الفارس ليجد سلاحه في الاعلى ثم انفجر اشلاء، نظر للشاب ليجده يمشي تجاهه ونار الحقد تلتهب عقلبه وشرارته تتطاير من عيناه، تراجع خطوة للخلف ليتفركش بجزع شجرة فيسقط ارضا، مرت امامه ذكرى سريعة للغبية وهي واقفة الفارس معانقا دميته،ظ نظر ليده على الارض ليجد تحتها خيط اسود، رفعه للاعلى ليمعن النظر فيه لا شعوريا ادرك انه خيط من ذااكرتها يحمل بعضا من مشاعرها، لا شعوريا وضعه في جيبه ثم نظر حوله عسى ان يجد المزيد لمح بعض الخيطان الملونة اخذهم وصار يجري هربا من الشاب، وجد خيطا اسودا، انحنى واخذه لترتعب اوصاله لما شاهده، رمى الخيط من يده فزعا ودون انتباه تلقى ضربة على رأسه فسقط ارضا على وجهه، رفسه الشاب على خاصرته ليتقلب على ظهره، جلس الشاب على الارض قرب الفارس المتكمش معانقا معدته من الالم فيقول له:"لكم اتمنى لو رأيت ذلك اليوم ما اخافك لحد الموت لاستعمله اليوم ضدك، لكن لا بأس... لدي طرق عديدة لقتلك..."
اخرج خنجرا من حزامه خلف ظهره، لكن الفارس سبقه حين اخذ ذلك الخيط الاسود وادخله في اذن الشاب، تراجع الشاب فزعا واضعا يديه على رأسه صارخا بهستيريا:"ساعدوني... انني اتحول الى عنكبوت، سأموت سأتسمم..." نهض الفارس عن الارض ينظر للشاب مصدوماثم ادرك ان تلك الخيوط لا تمتلك فقط ذكريات الغبية بل مشاعرها ايضا... واي من يلمس ذلك الخيط ستنتتقل اليه تلك المشاعر، اما دخول الخيط في رأس الشاب فاصبحت تلك المشاعر تنتمي اليه وكذلك تلك الذكرى، ما يعني انه اصبح الان مصاب برهاب العناكب، تراجع الشاب ينفض نفسه ذعرا لينقل الفارس نظره الى الغبية الملقاة على الارض، توجه اليها وجلس بالقرب منها ليجدها بدأت تتلاشى، ادمعت عيناه ليخرج من جيبه ما جمعه من خيوط ذكرياتها ويعيدها اليها، ابتسم بألم ليقول:"اضطررت ان اقتلك... لكنني لست نادما على ذلك..." مسح دموعه واردف:"ولن اندم ابدا... سري سيبقى للابد في بئر لا حدود لعمقه..." تذكر فجأة كلام الشاب منذ قليل "ليتني علمت ما الذي اهافك ذلك اليوم لحد الموت..." الشاب لم يكن يدري... في هذه الحالة يفترض ان الغبية لم تكن تدري ايضا... اذا قتلها كان..."
غط وجهه قائلا: "لا.. لا... ما انت الا غبية من سكان الواقع الانذال... موتك لن يؤثر على سلبا... بل على العكس سيسعدني ذلك..." خاول اخماد مشاعرهةالتي بدأت تتأجج ليراقبها في اخر لحاظاتها بينما اصبحت شبه مختفية، لاحظ خيط ابيض براق تحمله في يدها، مد يده اليه ليرى نفسه مبتسما ابتسامته الخلابة وغاص في عالم اخاذ من الاحلام الوردية، سحب يده ناظرا اليها مستغربا، تلك الغبية تخلت عن كل ذكرياتها الا تلك الذكرى ابت ان تتخلى عنها، انها غبية بالفعل، دون انتباه منه وجد نفسه واضعا يده في يدها ليمدها ببعض الطاقة، لكن يبدو انه تأخر، فالغبية تحولت الى ومضات صغيرة صعدت للسماء واختفت كليا كأنها لم تكن، جمد مكانه يحاول استيعاب ما جرى الان، فلم يسعفه عقله الا ان يخبره انه اخطئ الخطأ نفسه مرة اخرى، بين دموعه لمح شيء لامح، مسح عيناه ليرى خيط تلك الذكرى يلمع على الارض، لا اراديا تهربت منه ضحكة من سخرية القدر لتنهال دموعه دون توقف: "ايتها الغبية... حتى اثناء موتك... لما لم تخبريني انك لا تعلمين شيئا؟ لما جعلتني اقتلك دون ذنب؟... انت بالفعل غبية..." توقف عن البكاء متفكرا...
"بل انت اخبرتني... لكني لم اشأ ان اصدقك... وعلمت بفقدانك للذاكرة واصريت على قتلك... انا لا استحق الحياة... انا استمر بتودية من اهتم بهم للقاء حتفهم...
اصطنع وجه بارد ليقول: " لا... هو لم يقل ذلك... الشاب لم يقل انه لا يعلم شيء عن ماضي... انا تصورت ذلك لاني كنت ارغب بذلك... الغبية لم تقل انها لا تعلم شيئا لكني تصورت ذلك لاني كنت اتمنى لو انعا لا تعلم... كل من هنا كان يستحق الموت...
نظر الى الشاب ليراه ما يزال يصرخ بهستيريا، يبدو انه سيقتل نفسه بنفسه، ارتجت الارض تحتهم لتبدأ ملامح المنطقة بالاختفاء، تواصل الفارس مع المسؤولة لتعيده لتدعوه الى عالمه قبل ان يتدمر عالم الشاب، وصل الفارس الى المقر ليجد الكل ينظر اليه صامتون، يريدون ان يسألوه عما جرى، وعن سر اختفاء طاقة كل من الشاب والغبية، لكن حين يعود بتلك الملامح كانو يفضلون تجنب الحديث معه، استأذن الفارسق5ذفذذف ليتوجه الى غرفته ويلقي بنفسه على السرير، تكاد الافكار المتراكمة تنهش عقله، مد يده الى جيبه ليخرج الخيط فتدمع عيناه مجددا، نهض عن السرير ليبحث عن القلب المعدني المقفل بين اغراض غرفته المبعثرة حتى وجده قرب السرير، بحث مطولا عن المفتاح لكنه لم يجده، جلس على السرير حمل القلب مستغربا ثم نظر الى الخيط في يده ليقول:" كنت اود ان احتفظ بك في قلبي للابد ولكت يبدو انه لا نصيب لك بذلك..." رمى بالقلب على السرير ثم القى الخيط عليه لينصرف لكن اوقفه مشهدا ادهشه، الخيط دخل للقلب دون مفتاح، اقترب ببطئ يتأمل القلب، اخذه محاولا فتحه ليتأكد ان القلب مغلق بإحكام ومقفول، توسعت عيناه من الصدمة ليقول:"تلك الغبية... لقد سرقت مفتاح قلبي..."


عدل سابقا من قبل الروائية الصغيرة في الثلاثاء سبتمبر 20, 2016 10:11 pm عدل 1 مرات
الروائية الصغيرة
الروائية الصغيرة
Admin

عدد المساهمات : 14
تاريخ التسجيل : 18/03/2016

https://kawadr.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فارس الاحلام Empty رد: فارس الاحلام

مُساهمة من طرف الروائية الصغيرة الإثنين سبتمبر 05, 2016 10:53 am

الفصل السابع


دخل الفارس صباحا للمقر يحمل فنجان قهوته، صبحه الجميع بالخير ليرد عليه التحية، نظر الجميع لبعضهم فاومئت لهم المسؤولة لتتوجه بالكلام الى الفارس...
- عدوك العزيز يشن هجوما في عالم جديد لاحد سكان الاحلام
اقترب الفارس من شاشة الحاسوب الرئيسي مبتسما ارتشف رشفة من قهوته ثم قال: ذلك النتن... منذ زمن لم نتقابل... جهزي فرسي لاذهب الى مطاردته...
نظرت اليه بصدمة لتقول: اتريد ان تجعله ينتظر الى حد وصولك كي تنقذه، الى حينها سيكون قد مات...
- لا تقلقي... انه في عالمه، نادرا ما يموت احد في عالمه فالخيال كله بيده
- انه جديد... بالكاد يعلم شيئا عن الخيال...
- حسنا... حسنا... هاتي فرسي بسرعة...
احضرت اليه الفرس ليركبه ويلقي عليهم التحية ويختفي، وصل لعالم الغبية ليقف امامهم فيصدم من المنظر، شابة عشرينية جالسة على صخرة صغيرة، النتن يسرح شعرها والطويل عريض يطلي اظافرها، ثم اطلقت الشابة صيحة ناعمة، انت ايها القصير، لا تكثر الملح في الطعام فلا احبه مالح جدا...
الفترس باستهجان: ما الذي يحدث هنا؟...
ما ان رأوا الفارس حتى صرخوا "انه فارس الاحلام، انجو بحياتكم..."
هرب ثلاثتهم لتلتفت هي مبتسمة بحماس:"فارس الاحلام!... اين هو..."
ما ان رأته حتى احمرت خداها خجلة منه بينما هو ما يزال يردد نظره بينها وبين اولئك الثلاثة ويحاول ان يستوعب ما الذي حرى منذ قليل، هل هذه طريقة جديدة لهم ليمتصوا الطاقة من البشر؟ ام ما الذي حدث بالضبط؟...
اطلقت الشابة ضحكة رقيقة تلتها تحية خجلة فينظر اليها فارس الاحلام وينزل عن سهوة حصانه لينحني امامها باحترام رادا لعا التحية، وكالعادة تلت تحيته ابتسامته الساحرة ليذوب قلبها المرهف غاصا في عالم احلام البقظة الوردية، وكعادته ما ان يرى نظرات البلاهة تلك حتى يرفع رأسه ليطرق على رأسها، لكنه توقف قبل ان تلمس قبضته رأسها "هذه الشابة ليست الغبية... تلك النظرات الذائبة انها نفيها لكنها ليست هي... شعرها اصهب مختلف عن الاخرى وعيناها زمرديتان على غرار الاخرى، تصرفاتها لبقة وراقية على غرار تصرفات تلك الغبية... لكن تلك النظرات..." هز رأسه نافيا ظنونه اذ ان الغبية ماتت ويستحيل ان تكون هي...
استدار متهربا من نظراتها التي تذمره بالاخرى ليمطتي فرسه محاولا الابتعاد عن نظراتها التي باتت تزعجه بنبشعا لماضيه المؤلم لكنها نادته بصوتها الرقيق العذب "مهلا"
تلقائيا قال دون قبل ان تسأل: اجل سأترتك هنا، لن اوصلك الى مكان امن فهذه ليست مشكلتي...
اشرت الى كوخ وسط الغاب لتقول: هذا منزلي فلما قد اطلب منك ان توصلي الى مكان امن، لن اجد مكان ائمن منه ولكن...
ضمت كفيها امام صدرها وعضت شفتاها لتقول بخجل:" لم يكمل ذلك المخلوق النتن تسريح شعري... ولا ذلك العريض اكمل طلاء ظافري... والطبخة في منتصفها ولم يكملها ذلك القصير...
فرغ الفارس فاهه بصدمة ليقول: وهل ترينني هادم عندك؟... ليت احمقا مثلهم لافعل تلك الاعمال، لدي من المهمات ما يكفيني، يكفي ان اراك بآمان لأتأكد ان مهمتي انتهت
غطت الاخرى فمها بصدمة لتقول:" اتراني بأمان؟... حالتي يرثى لها...
نظرت الى اظافرها لتقول: انظر الى مظهري... انه فظيع...
تنهد الفارس بانزعاع وقال: اطليهم بنفسك
- لا استحكم
- تعلمي...
- وابقى بهذا النظر الى ان اتعلم؟...
- هذه ليست مشكلتي...
ترقرقت عيناها بالدموع لتنظر اليه نظرات مسكنة تحطم القلوب، حاول الفارس المقاومة لكنه لم يستطع، تنهد باستسلام ليقول لها: حسنا... هاتي يدك لاخذك الى مكان سيناسبك جدا... لكن تأكدي من عدم مكوثك لفترة طويلة فذلك سيضر بك...
ضمت كفيها لتترقرق عيناها بدموع الفرح واسرعت الى الفارس ليركبها فرسه وينطلقان سوية الى عالم اخر...
توقف الفارس وسط مدينة متحضرة، نزلت الشابة عن الحصان تمشي في شوارعها الكبيرة منبهرة وتستدير ناظرة حولها الى معالم المدينة حتى امسكها الفارس من يدها قائلا:"لم نبلغ مقصدنا بعد" جرها الى صالون للسيدات، ما ان رأت الواجهة حتى غطت فمها بيديها لتترقرق دموعها فرحا ثم عانقت الفارس شاكرة اياه على لطفه، ابتسم بثقة ليقول: "هذا واجبي..."
وما ان راات ابتسامته حتى اظهرت نظراتها الغبية تلك... انتفض قلبه لرؤياها فأبعدها بانزعاج حتى ركب حصانه وانطلق مسرعا يسابق الرياح بينما الشابة تلوح له مودعة...
وصل لعالم، بحث عن القلب المعدني بين اغراضه المبعثرة حتى وجده في زاوية تحت قومة من ملابسه وبعض الاغراض، اخذه وحاول فتحه دون المفتاح لكن دون جدوى، اخذ دبوسا وحاول ان يفتحه ولكن لا جدوى، بلغ صبره حدوده ليرفع القلب للاعلى كي يرميه لكن المسؤولة اخذته منه قبل ان يحطمه، اقترب منها بغضب محاولا استرجاعه وهي تحاول ابعاده، حتى يأس اخيرا وصرخ بها: هاتي قلبي الى هنا...
- اخفته خلف ظهرها لتقول: لما تريد تحطيم قلبك؟...
- اريد ان اتخلص من شي دخله خطئا
- ولما تكسره؟ افتحه بالمفتاح
- اغمض الفارس عيناه مخاولا ضبط اعصابه ليقول: وهنا تكمن المشكلة... انا لا املك المفتاح فقد سرق مني
اظهرت المسؤولة ابتسامة عريضة لتقول: تمزح معي... من هي تلك التي سرقت مفتاح قلبك؟
- ولما هذا السرور المزعج؟...
- لما؟... طفلي الصغير اغرم ولا تريدني ان اسر لك
باشمئزاز قال: نيااااء... انا لم اغرم... تلك الغبية قالت ان جيبي كان فارغا لكنها اخذت المفناح منه...
- بصدمة قالت المسؤولة: الغبية؟... لكنها...
- ماتت...
اكمل جملتها ليرتسم الحزن على وجهه فتنالها عدوة الحزن ثم قالت: كنت سأقول انها من عالم الواقع... فلا يمكنكما ان تقترنا على كل حال... خبكما سيكون ميؤوس...
- اطلق ضحكة ساخرة ليقول: ومن قال انني احبها؟... ثم بغض النظر عن كلامك، كان لي صديقة من عالم الاحلام ووالدها من عالم الواقع...
نظرت اليه المسؤولة مستغربة: وهل ذلك ممكن
قال مؤكدا:" لقد قلت لك... يمكن لسكان الواقع ان يتعايشوا مع سكان الاحلام كما لو كانوا من نفس العالم، لكن سكان الواقع انذال... لا اطيقهم... يستحيل ان يتعلق قلبي باحدهم
اخفضت المسؤولة بصرها بحزن ثم قالت:" للاسف القلب يغض النظر عن قناعات صاحبه ويختار كما هو يشاء... ولو انه لم يختار تلك الغبية لما وجدت المفتاح ابدا... فلا يمكن لفتاة ان ترى مفتاح قلبك ان لم تسكنه اولا...
- ما الذي تقصدينه؟...
- لقد اصبح قلبك ملكها...
- مزحين معي
- لا صدقا
مد يده لياخذ القلب ويرميه على الارض لكنه لم يتكسر اعاد اخذه ليرميه مرة اخرى فاسرعت اليه المسؤولة واخذته منه غاضبة:هل جننت؟... ما الذي تخاول فعله؟
قال والشرارة تتطاير من عينيه: القلب الذي يتعلق باحدى سكان الواقع عليهةان يتحطم... سبق ان حدث هذا مع الطفل الشقي... وها يحدث معي الان ايضا...
- قلبك لم يتحطم... بل انت من يحطمه...
انت لا تفهمين... لقد ماتت... ماتت على يدي... انا لن ارتاح مدى الحياة بسببها...
جمدت المسؤولة في مكانها عند سماعها لكلامه، رأته بحالة بؤس غير طبيعية حين عاد ذلك اليوم، ولكنها لم تتوقع ان يكون هو المسؤول عن موتها...
فجأة غطى الفارس عيناه شاتما ليقول:
- اعطني القلب بسرعة
ابتعدت عنه المسؤولة ناهية اياه عن اخذه فقال صارخا:
اعطينيه بسرعة فتلك الغبية ترسل للي دعوات لا متناهية
استغربت المسؤولة: تلك الغبية!... الم تقل انها ماتت؟
بانزعاج أجاب: ليست تلك الغبية... انها اخرى جديدة
فتحت فمها ورفعت حاجباها قائلة: لثد فهمت الان... الغبية الجديدة تذكرك بالغبية القديمة، وكلما رأيتها اثارت مشاعر قلبك القديمة لذلك تريد ان تتخلص من مشاعرك تجاه الغبية الاولى...
سكت الفارس قليلا يقارن كلام المسؤولة بمشاعره الراهنة ليرى انها محقة الا انها نسيت ان تضيف شعوره بالذنب لقتلها...
مد يده بانزعاج ليقول: من فضلك، اعيد الي قلبي
اخفت المسؤولة القلب خلف ظهرها لتقول: "ليس قبل ان تحكم عقلك اولا... لا اريد لقلبك ان يتحطم
خرجت من عالمه مسرعة ليلطم الفارس على رأسه ويرفس كل ما يظهر امامه حتى اخيرا جلس على السرير بعد ان اقتنع انه خسر قلبه ولن ينفعه ان يفعل اي شيء للاصلاح
اتته الكثير من الدعوات من الغبية2 لكنه رفضها في كل مرة حتى بدا له انها ملت لان لم يعد يصلها المزيد من الدعوات، ثوان وطرقت المسؤولة بابه، نهض وفتح الباب مادا يده، هل قررتي اعادته؟...
تنهضت المسؤولة بانزعاج: "بالطبع لا... لكن... الغبية2 لقد علقت في عالم اخ الطفل الشقي... وخارت قواها بالكامل... لم يتبقى لها الكثير لتتلاشى
- الا يفترض ان تعود لعالمها عندما تتعب من اللهو
- كان ليحدث ذلك لو انها من سكان الواقع... لكن سكان الاحلام امرهم مختلف
- لكن لو ارهقت حتى ستستمر بالسعادة بطلاء اظافرها وتسريح شعرها وتلك الاشيا الغبية ان كانت مرهقة القوى؟... للسعادة حدود عند التعب
هزت المسؤولة كتفاها قائلة: لست ادري... هذا ما حدث
تنهد الفارس بضحر ليتوجه مباشرة الى عالم الاخ، بحث عن الغبية2 في صالة التجميل حيث تركها لكنه لم يجدها، نظر الى المدينة بحجمها الكبير، من اين يبدأ البحث؟... تواصل مع المسؤولة لتعطيه احداثيات مكان الغبية2 ثم توحه لموقها مباشرة، وجدها جالسة على الارض في احدى الازقة مستندة على الجدار، مد يده ليساعدها على النهوض قائلا: "هيا، سأعيدك الى عالمك...
تكمشت به بيديها قائلة بترجي:"لا... لن نذهب... اريد المزيد... علي ان احصل على المزيد...
نظر اليها مستغربا: الم تتعبي بعد؟... انت هنا منذ ساعات...
- وسأبقى هنا... لا يجب ان اتعب قبل ان اموت بجرعة زائدة
فتح عيناه بصدمة لما سمعه، اخرجها من الزقاق لتبدو عيناها الذابلتين مسودتين من التعب بينما تتلوى كالحمقى قائلة:"عليك ان تجربه، تعال معي، لن تستطيع التوقف
حملها ليضعها على حصانه فيصعد هو بالتالي ويسرع الى المستشفى ليهتموا بها كما يجب وعاد هو الى عالم اخ الطفل الشقي، طرق باب الدار ليفتح له طفلا بالعاشرة يسبه الط دفل للشقي لكن يحمل سمات ملائكية، دخل الفارس يصرخ به بينما الفتى بالكاد يفهم من الفارس شيئا، هدأ الفارس قليلا ليجد الطفل ينظر اليه مصدوما لا يعرف ماذا يجيب، هذا الطفل لطالما كان انسان لطيفا مهذبا ومحبوبا من الجميع، تنفس الفارس بعمق ليستفهم من الفتى:
- لما توزع المخدرات في عالمك؟... كدت ان تقتل احد سكان الاحلام توا...
اخفض الفتى بصره حزينا ليقول معتذرا: انا اسف... لم استطع ان اقاوم كمية الطاقة المتدفقة وحين توقفت متعبة رغبت بالمزيد... اعدك ان ذلك لن يتكرر"
اطلق الفارس تنهيدة ليقول:"اتمنى ذلك..." نظر للفتى المكسور الخاطر ليقول له: تعال معي، سأريك نايجة ما فعلته" توجه الفارس مع الفتى للمستشفى ليدخلا غرفة الغبية2، دخل الفتى ليجد الغبية مربوطة الذراعين لخلف ظهرها وتتحرك بطريقة مجنونة، تنظر حولها كأنها تبحث عن شيء ما برعب او لهفة، انصدم الفتى من منظر الغبية2 ليجمد مكانه معقود اللسان، ربت الفارس على كتفه بأسى ليفهمه ان المخدرات ليست بالشيء المحمود رغم ان ما يظهره بداية شيء رائع... ولكن نتائجه ليست كما يبدو، اظهر الفتى تفهما للموضوع ووعد الفارس ان لا يعود لمثل هذا التصرف، اعاد الفارس الفتى لعالمه بينما عاد هو ليكمل مهامه...

دخل الفارس صباحا للمقر ليطمئن على الاوضاع فوجد ان كل شيء يسير على ما يرام، توجه لمهماته الاعتيادية ومر بالغبية2 قبل ذهابه ليطمئن عليها، جلس بالقرب منها لينظر اليها تجوفت عيناها من السهر، تنظر اليه ترتعش مترجية كي يعيدها الى ذلك العالم مجددا، اخفض بصره متحسرا، لم على الغبيات ان يدخلوه دائما بمشاكل هو بغنى عنها، ما كان بيده ان يساعدها بشيء الا ان يتجاهل توسلاتها وينصرف تاركا امرها للمختصين، وقف على باب غرفتها ينظر اليها بحزن، ربت الطبيب على كتفه ليطمئنه ان لامور تجري على ما يرام طالما هي بعيدة عن ذلك العالم وبعيدة عن عالمها كي لا تتعاطى بخيالها، فتقتل نفسها بنفسها، ابتسم له الفارس شاكرا وانصرف معتصرا قلبه محاولا ابعاد الافكار السوداء من عقله.
دخل الفارس الى عالم قروي في زمن العصور للوسطى ليتوجه اللى كوخ بسيط وسط القرية فيطرق بابه، فتحت له امرأة اربعينية لكيفة الملامح، استقبلته بترحاب لتطلب منه الدخول، دخل للمنزل ليجلس في احدى الكراسي الخشبية فتسكب له الخليب الطازج، نظر للابقار في الخارج ليقول:"ما زلت تعيشين الفيلم بحذافيره" ابتسمت المرأة لتقول:"احب الحياة القروية... تجعلني اهدء اعصابي مما القى من طفلي.." ارتسم الحزن على وجهها عند ذكرها لطفلها لتجلس على كرسي مقابل للفارس وتسأله عن الطفل الشقي واخر اخباره، عند سماع الفارس لسؤالها شحب لونه، هي لا تدري ان الفارس قتله وهي لا تدري اصلا انه مات، عندما لاحظت الام شحوب لون الفارس بررت موقفها:"اعلم ان ما فعله ابني لا يغتفر... ولكن قلب الاب... تعلم... لا يهدء عند ابتعاد اطفالها عنها، فقط اريد الاطمئتان عليه... ارحو ان لا تعتبر زيارتي له خيانة لمن ينتمي لعالمك...
نهض الفارس من الكرسي ليسلمها ورقة مكتوب عليعا مهامها، المكان والزمان والحدث المتفق عليه ثم انصرف، نادته الام بحرقة لكنه حاول قدر الامكان التماسك الى ان هرج من عالمها وعاد لغرفته، لكم جدار الغرفة مرات عديدة منفسا عن غضبه حتى جلس على السريى محاولا ان يبقي على عقله منضبطا، اخذ نفسا عميقا ليمحي كل ما مر عليه اليوم في بيت ام الشقي، نظر لساعة يده ليرى ان وقت المهمة قد حان، رسم ابتسامة على ثغره محاولا تجاهل كل ما يشغل باله ثم عاد لعالم الام...
نظرت الام للساعة لترى ان وقت المهمة قد حان، قامت بدعوة الى عالمها صاحب الطاقة الذي اعطاها اياها الفارس ليظهر لها راع يمشي مع خيرافه، جلس تحت ظل شجرة ليرتاح قليلا فتذهب اليه الام لتعطه كوب ماء، سالته عن مكانه وفتحت حديث اكتشفت عبره عن اكثر ما يخشاه، دعته للغداء فقبل دعوتها بكل سرور، انضم اليها والى الفتى اللطيف وجلس معهم على الطاولة، وبينما هو يتناول الغداء يسمع صوت كلبه ينبح، اطل من النافذة ليرى ذئبا يهاجم خواريفه، اخذ العصا ليخرج بعجل فاختفى الذئب، نظر للخواريف يأكلون متنعمين تحت اشة الشمس الدافئة، هدوء تام... تم انه هدوء مة قبل العاصفة، ظل يراقب الاوضاع ليرى ان لا شيء خطير، استدار ليعود للمنزل فاذا به يفاجئ بزومبي مقابله، تراجع للخلف ذعرا يصرخ وينوح حتى اقترب الزومبي منه كثيرا ولم يشعر على نفسه الا وضرب الزومبي بحجرة على رأسه ليسقط ارضا، نظر اليه ليراه تلك المراة والطفل يخرج من البيت راكضا بنعاها، توقف الطفل عند امه يبكي ويشتم الراعي وفجأة تجمهر حوله بعض الناس من الفضوليين فرقهم فرقة الشرطة على رأسهم فارس الاحلام ليمسكوا الراعي ويأخذوه للسجن بتهمة قتل امراءة، اخذت الشرطة الراعي للسجن لتنهد المراة تحك رأسها موضع الضربة ليقول الفارس: "هل المك ذلك ام عملل المخدر عمبه كما يجب؟..." نظرت اليه بجفاف لتقول: "هل المك انت؟..." هز رأسه نفيا فتردف:"ذلك يعني انه لم يؤلمني" ابتسم لها الفارس ثم شكرها على تعاونها وانضم لفرقة الشرطة...
نظر الفتى لوالدته بابتسامة حزينة ليقول: هل تشعرين الان بتحسن؟
- افرجت الام عن كربها لتفصح عن مكنوناتها: "بالكاد غطى ما اصرفه بحزني على اخوك...
- ابتسم لها بحنان ممسكا كفها ليقول: لقد اخذت البارحة الكثير من الطاقة من غبية، يمكنني ان اساعدك
- لا... لن اخذ منك شيئا... لقد اعطيتني البارحة
- لا بأس... لدي ما يكفي...
اعطى ما مكنه من طاقة لوالدته ليشحب لونه، بان النشاط على والدته فحأة بينما هو اخفى وجهه عن والدته كي لا تكتشف ارهاقه وصاح، انا ذاهب للعب في عالمي، متى ما احتجتيني ادعيني لعالمك، ابتسمت له لتعانقه قائلة:" لقد حرمت من ابني لكن وجودك قربي ينسيني معاناتي، قبلتهةفي خده ثم انصرف مسرعا ليصل الى عالمه خارق القوى، نظر الى جدول مهماته، اقربها بعد يومين، لن يستطيع الاستمرار حيا في هذه الحالة... عليه ان يجد طريقة للحصول على الطاقة، والهروج من عوالم الفارس ممنوع لحماية القانطين فيه، تمدد على سريره يفكر بحلا حتى سمع طرقات على الباب، نهض بصعوبة ليفتح فيجد الفترس امامه، يسلم عليه الفارس حتى وقع الفتى فاقدا الوعي، اسرع اليه الفارس ليحمله ويدخله غرفته، مدده على السرير ليجد اطرافه متجمدة من البرد ولونه شاحب حد الاصفرار، امسك كفه ليمده ببعض الطاقة فيفتح الفتى عيناه ببطئ فيرى الفارس امامه، نهض بسرعة ليجلس امامه باحترام فينظر اليه الفارس مستغربا:"اين اختفت كل الطاقة التي جمعتها البارحة؟..."
اخفض الفتى رأسه باحراج لتدمع عيناه ثم ينظر للفارس بحزن: "امي... لقد ارهقها غياب اخي... حاجتها برؤيته وشوقها اليه يجعلها تصرف الكثير وبالكاد يكفيها ابمهاماتوالتي تنجزها... لما لا تسمح لها برؤية اخي... وانا ايضا اريد رؤيته... لقد اخطأ انا معك ولكن هو يبقى اخي... لم نعتد على عدم وجوده بيننا وفجاة يختفي هكذا..."
صار يمسح دموعه بينما الفارس ساكت، ظلا فترة صامتين لا يسمع في المكان الا شهقات الفتى اللطيف، حتى انخفضت تدريجيا فقرر الفارس ان ينطق
- اخوك لا يمكنكما رؤيته بعد الان...
عادت دموع الفتى باالنزول حتى توقفت الدموع فجاة حينما سمع كلام الفارس
- اخوك بم يعد له وجود...
نظر للفارس مصدوما ليكمل الفارس: لقد مات منذ ايام...
الصدمة عقدت لسانه، لم يجرؤ على سؤاله عن طريقة موته او من قتله او اي شيء اخر... فثك حاول ان يستوعب ان اخاه مات حقا... لطالما كن متهورا ولكن لم يتصور ان ذلك سيقتله حقا...
حين رآه الفارس بهذه الخالة ضمه اليه ليشعره ببعض الامان، حينها تفجر الفتى بالبكاء، نظر الفارس الى نفسه باحتقاؤ واشمئزاز، يقتل القتيل ثم يمشي في جنازته، يجعل من نفسه حامي الضعاف بينما هو قاتل اقاربهم، وازداد ذلك الشعور المقيط حين عانقه الفتى قائلا:"شكرا لتواجدك بيننا... لاادري ما كان ليكون حالنا لولاك..."
ربت الفارس على كتف الفتى ليقول له:" ان رأيت والدتك تنقصها الطاقة اخبرني، سامنحها اياها بنفسي، لا تهلك نفسك اكثر من طاقتك... فانت بحاجة للطاقة لتنمو" ابتسم للفتى لينصرف من عنده ويعود الى الغبية2 فتستقبله بسؤاله عن الفتى، غطى رأسه بكفيه محاولا التخلص من الصداع الذي يصيبه من مصائب الناس حوله، قال لها ان المخدرات انتهت من عنده وسيحضره لها غدا
عاد الفارس الى زنزانة الراعي، وجه المصباح اليه ليراه مكتئبا جالسا في احدى زاوياها، تنهد بضجر، اينما يذهب يرى البؤس والاسى يكسي وجوه المحيطين به، اخذ زاوية هو الاخر ليسترخي قليلا من الضغوطات لكن قاطع استرخائه الراعي بقوله:
-اصمت!
سبقه الفارس بتسكيته قبل ان يزيد على صداعه صداع، نهض الراعي معترضا ليغطي الفارس اذنيه بكفيه محاولا تجاهل كلام الراعي، الا ان الراعي ليسحبه من ملابسه ليخبطه بالقضبان، التفت اليه الفارس غاضبا فامسكه من قميصه مهددا انه سيقتله ان اعادها مجددا دون ان ينتظر ساعة الاعدام، ابعد الراعي يدي الفارس بانزعاج ليعود الى زاويته الكئيبة...
مر صباحا على الغبية2 ليجدها جالسة في سرير المستشفى تتناول فطورها بهدوء، ما ان اطمئن ان وضعها اصبح على ما يرام هم بالانسحاب من الغرفة دون سلام لكنها نادته قبل ان ينصرف فتوقف ليستمع الى ما لديها، اخفضت رأسها بخجل لتعتذر عما بدر منها منذ تعرفت عليه، كسر طرفه تجاهها ليظهر ابتسامة بمعنى ان لا بأس... لا تهتمي لذلك ثم انصرف الى اللمقر ليراقب المهمات القادمة تاركا اياها مسحورة بابتسامته الخلابة...
دخلت المسؤولة لغرفة الغبية2 لتجلس بالقرب منها فتنظر اليها لبرهة، ارتبكت الغبية2 فازالت نظرها لجهة معاكسة حتى قالت المسؤولة: هل يمكنك ان تدفعي تكاليف الستشفى؟
التفتت اليها الغبية شردة، من اين تأتي بالتكاليف؟ اخفضت رأسها بحزن لتقول لها:" ان اردت ساتكلف انا بها، ولكن لدي طلب بالمقابل..."
ركزت معها الغبية لتخرج المسؤولة من حقيبتها قلبا صخريا فتريه للغبية قائلة:" ارأيتي هذا القلب؟... ما عليك الا ان تعتني، اهتمي به جيدا حتى تختفي منه التشققات" اخذت الغبية القلب تنظر اليه مستغربة، فهي لم تجرب مسبقا ان تعتني بقلبا غير قلبها، ولكن لا باس بالتجربة..." اعادت نظرها للمسؤولة وقالت لها:"وماذا عن المفتاح؟"
- المفتاح يا عزيزتي سيكون عليك ان تعملي بجهد لتحصلي عليه، عندما ترين القلب عاد جديد ستحصلين على المفتاح تلقائيا..."
ابتسمت الغبية بحماس لتقول:"الامر يبدو ممتعا على كل حال... لما لا؟... سأقبل بعرضك..."
- هذا جيد... لكن لا تدعي فارس الاحلام يرى هذا القلب معك او يعلم انك تهتمين به
هزت رأيها موافقة فخرجت المسؤولة من الغرفة، وضعت يدها موضع قلبها لتقول:"اتمنى ان تسير خطتي على ما يرام، ان احبها الفارس سينسى الغبية السابقة، وفي الوقت نفسه هذه الغبية من سكان الاحلام، قد يتقبل فكرة الارتباط بها...

أجلست االغبية2 القلب بالقرب منها وصارت تأكل لقمة ثم تطعم لقمة للقلب، تأكل لقمة ثم تطعم لقمة للقلب الى ان انتهى الطبق، اخذت منديلا ونظفت فمها ثم نظفت القلب، تمطتت ثم عانقت القلب قائلة:"ها قد جاء وقت النوم... دثرت عليه البطانية قائلة:"تغطى جيدا كي لا تمرض..." غطته وعانقته واغمضت عينيها لترتخي، ما هي ثوان حتى فتحت عينيها تنظر للقلب مستفهمة:"هل تفهم علي حين احدثك؟ ام انك مجرد قطعة صخرية؟..." لم تلقى جوابا منه فقال مستسلمة:"لن اخسر شيئا بالتجربة، سأكمل المهام عسى ان يعود القلب جديدا... لست ادري لما قلب تلك المراة مكسور هكذا... اظنها مرت بتجربة حب فظيعة ويبدو انها بحاجة لمن يواسيها، ربما وربما... على كل حال ما شأني انا... سأفعل ما علي وانهي مهامي..." اغمضت عينيها سامحة لمخيلتها ان تحلم بابتسامة فارس الاحلام السحرية...

ردت الغبية على الهاتف لتخبرها المسؤول ان تخفي القلب بسرعة لان الفارس قادم لزيارتها، ارتبكت الغبية لتجد اول مكان تضع فيه القلب تحت وسادتها واتكأت عليها فدخل عليها الفارس مع الفتى اللطيف ووالدته، اصطنعت الغبية ابتسامة سريعة ما ان رأت الفارس قال:"لقد ات الفتى اللطيف ليعتذر منك عما جرى ذبك اليوم..." وجهت نظرها للفتى اللطيف لتقول:"لا بأس، لقد انتهى الامر..." وجهت الغبية نظرها للأم لتقلب ابتسامتها كليا، ابتسامة من اذن لاذن، نزلت من السرير وأسرعت اليها صارخة "امي... لقد اشتقت اليك كثيرا..."
وما ان تلقت الام عناقا من الغبية ادمعت عينيها، رفعت وجه الغبية للأعلى لتقول:" طفلي الشقي!... هذا انت..."
بادلتها الوالدة العناق بين مرأى الفارس والفتى المصدومين، ينظر اليها الفارس غير مصدقا، لون عينيها نفس لون عينا الطفل الشقي، لون شعرها، بشرتها، كلها كأنها هو ولكن بملامح انثوية، وليس من الغريب ان يصبح فتاة فقد كان شاب وادعى الطفولة، هل يعقل انه ادعى انها انثى كي يدخل عالمي على غفلة، سمع صوت الغبية، ايها الفارس، انت لم تخبرني انك تعرف امي..." نظر اليها الفارس بريب والف فمرة تخالج عقله، لا يعرف ما يصدق وما ينفي، عادت الغبية لسريرها بينما جلس الباقيين في كراس للضيوف، بدأت الام تسال الغبية: اين كنت كل هذه الفترة؟ كيف تحولت لفتاة؟ كيف كانت حياتك في المنفى والعديد من الاسئلة، اما اجوبة الغبية كلها كانت"لست ادري، لا اتذكر..." يأست الام مما يجري مع الغبية لانها لا تعلم شيئا، لم تستطع ان تشفي غليلها من غياب لقاء ابنها، ارادت ان تطمئن قدر الامكان لكن لا شيء
اما الفتؤس والشاب يراقبان تصرفات الغبية ويقارنانها بتصرفات الشاب، نهض القارس منزعجا وانصرف من الغرفة، ترقبه الجميع مستغرب، الام خائفة من خسارة ولدها بعد ان عاد اليها، الفتى اللطيف يحاول ان يعرف ما توصل اليه الفارس والغبية لا تدري شيئا مما يحدث حولها، كانت كأنها فاقدة الذاكرة لا تتذكر شيئا من حياتها السابقة الا امها... حتى اخاها لا تتذكره...
دخل الفارس الى المقر غاضبا، مباشرة كلب من المسؤولة ان تبحث عن عالم الطفل الشقي، بحثت عنه ليبحث داخله فيجد فيه طاقة ضعيفة لبشري، رغم انها لا تبدو كأنها رقمها رقم الطفل الشقي فاراد ان يتأكد ان الشاب ما يزال داخله، نظرت اليه المسؤولة لتقول له:" كيف لك ان تجده فيه ان كان قد مات مسبقا..."
نظر الفارس للمسؤولة بحزم ليقول:"انا لم ارى الشاب يموت، لست متأكدا من موته... كما ان لو مات لزال عالمه، لا بد انه ما زال موجود في مكان ما... اتمنى ان لا تصدق شكوكي..."
توجه لعالم الشاب ليراه شبه مهدم، بالكاد بقي له القليل ليختفي... كيف للشاب ان يعيش في هذا العالم؟... ام انه انتقل مرة اخرى وترك هذا العالم فخا؟... سمع صوت حرطقة قريبة، اسرع يتبع الصوت حتى وصل الى خربة، دخلها ليجد شابا اشقر الشعر ازرق العينين ذات ملامح رقيقة، وجه الفارس سلاحه اليه ليسأله: من انت وما الذي تفعله هنا؟..."
نهض الشاب رافعا يديه للاعلى مرتجفا من الخوف يتئتئ في الكلام حتى صرخ به الفارس كي يتحدث بشكل سليم، اخذ الاشقر نفسا عميق وازدرى ريقه ليقول:" انا مجرد عابر سبيل، هاجمت الوحوش مدينتي وهربت منهم" اردف بحزن "لقد كنت الناجي الوحيد منهم، ولم يتبقى لي احد يساعدني في الخياة، وصلت لهذا الغاب ووجدته فارغا لا احد فيه فقررت ان اجعله مأوى لي..."
تواصل الفارس مع المسؤولة ليطلب اليها ان تعرف ان كان صاحب الطاقة الذي امامها من سكان الواقع ام من سكان الاحلام، اخبرته انه من سكان الواقع فتأكد انه ليش الشاب، سألها مدى طاقته فاخبرته انها دون الخمسين بالمئة، عاد الفارس للشاب ليقول له:" لن تنفعني على كل حال... عد الى عالمك وكل شيئا سيفيدك ذلك، سأخلصك من هذا الكابوس" طعنه ليختفي من امامه فعاد ليتواصل مع المسؤولة ليسألها ان تواجد طاقة في عالم الشاب غير الذي اختفت الان، نفت الامر لتتأكد شكوك الفارس ان الغبية هي نفسها الشاب لكنها اتخذت شكلا اخر عن المعتاد، عاد الفارس الى المستشفى ليرفع الغبية2 من ذراعها مهددا:"تحدث بسرعة... ما الذي تخطط له؟...
ابتسم الفتى اللطيف ليقول:"لقد توقعت انك توصلت لهذا... الا ان توقعك غير صحيح... هذه الفتاة ليست اخي... يستحيل ان تكون اخي...
نظر الفارس الى الفتى ليقول له:"اذا بما تفسر استمرارية عالم اخاك ان كان قد مات وهو مختف عنه
نهضت الام تشهق:" ابني مات!... لذلك لم ترد زيارتي له... كيف مات؟...ما لذي حدث؟
ردد فارس الاحلاس نظره بين الوالدة والفتى والفتاة، ليقول:" اذا ما تفسيرك للامر" قال الفتى اللطيف:"انا لم اقل ان اخي مات... ربما هو مختبئ في عالم اخر يصطاد الى ان يسترجع كامل طاقته، لكن هذه الفتاة ليست اخي... اعرفه جيدا..."
- ما الذي يجعلك متأكدا من ذلك؟... بما ان امك متأكدة من انه هو كما انها نادتعا بامي...
- حسنا... اولا هي رقيقة جدا، على عكس اخي شقي متوحش... اما بالنسبة لمناداتها لامي... اظن ان اخي اعارها ذاكرته ومشاعره ليقنعها بوجها نظر يعتبرها ملحة وضرورية، لطالما كان يفعل ذلك بمن حوله خاصة بأمي... وقد كانت تقتنع، ثم يعيد اليها ذكرياتها بعد ان يحصل على ما يريد والكل راض في النهاية...
- ما يعني...
- ان هذه الغبية وكما يبدو تحمل ذكرايات اخي بالكامل وكل مشاعره، ليست البعض منه كما فعل عادة، يعني غسيل دماغ... يعني اصدقاء اخي هم اصدقائها واقاربه هم اقاربها وبالطبع اعدائه ايضا هم اعدائها...
ازدرى الفترس ريقه ليقول...
- اذا اظنني ألد عدو لها
- ابتسم الفتى اللطيف ليقول: ذلك... وكما يبدو انه اصبح لي اخت... لطالما تمنيت لي اختا...
ابتسم له الفارس ثم وجه نظره الغبية ليراها تنام بامان في حجر الام، انسحب من المستشفى للفراغ،تلفه الافكار من شتى الانواع من كل صوب، تارة يفكر ان هذه الغبية عي الكفل الشقي ويخطط لامر ما، وتارة يفكر انها مجرد شابة عادية تم خداعها من قبل الطفل الشقي وتعيش حياة زائفة، وفي كل الحالتين الحب الذي بدأ يربطه بتلك الفتاة سيفشل، لانه بالطبع لن يرتبط بالطفل الشقي، وان صح كلام الفتى اللطيف ولم يكن اخوه فغبية2 ستكرهه وتعتبره الد اعداؤها استمدادا من مشاعر الطفل الشقي...
وبعد عصف الافكتر الوفيرة على رأسه توقف سيل الافكار فجأة ليجمد مكانه مصدوما...
ايعقل ان تكون هي؟... ايعقل ان تكون الغبية2 نفسها الغبية السابقة؟... فقد اهبره الشاب قبل موته انه اجرى لها غسيل دماغ...
لكن...
لكن الغبية السابقة كانت من عالم الواقع... وهذه الغبية من سكان الاحلام...
اذا... ما الذي يحدث بالضبط
الروائية الصغيرة
الروائية الصغيرة
Admin

عدد المساهمات : 14
تاريخ التسجيل : 18/03/2016

https://kawadr.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فارس الاحلام Empty رد: فارس الاحلام

مُساهمة من طرف الروائية الصغيرة الثلاثاء سبتمبر 20, 2016 10:25 pm

قبلت الام الشابة على رأسها قبلة المساء ووعدتها ان تأتي لزيارتها غدا...
اطفئت لها النور كي ترتاح بنومها وتركوها وحيدة وانسحبت مع اللطيف...
ما ان اغلقت الانوار حتى نهضت الغبية مسرعة لتسحب القلب من تحت الوسادة وتنظر اليه بصدمة، التشققات زادت وبحدة، ان زادت قليلا بعد قد يتحطم القلب...
مزقت رقعة من فستانها لتضمد بها القلب، عانقته بشدة وأخذت تملس عليه وتغني له تهويدة عسى ان ارتخى تخفف عنه قليلا...

وسط الفراغ تنحت فجأة كل الافكار المتراكمة في رأس الفارس ليشعر بالارتخاء فجأة، عانق موضع قلبه لسبب يجهله لكنه احس انه بحاجة لفعل ذلك، وفجأة وجد نفسه في سريره الامن ينام باسترخاء...

في الصباح ما ان فتحت الغبية2 عينيها نظرت للقلب لتجد ان تشققات البارحة بدأت تختفي اثرها، ابتسمت بسعادة لتعانقه وتضعه في حجرة تحدثه عن مشاريعها لليوم وللمستقبل، دخلت عليها المسؤولة لتطمئن على الوضع، ما ان سقط نظرها على القلب حتى فرغت فاهها، اسرعت اليه قائلة:
- لقد اعطتك القلب لتهتمي به فارى ان التشققات وادت بظلا من ان تنقص
ارتبكت الغبية2 لتقول: لست ادري ما حدث فجأة حين اتى الفارس مع امي وابنها، اخفيت القلب تحت الوسادة فجاة بدأت اسمع اصوات غريبة صادرة منه لكنني لم استطع ان اخرجه لاطمئن عليه، لانك طلبت مني الا يراه الفارس معي... وعندما ذهبوا وجدته في حالة يرثى لها، عالجته قدر استطاعتي ولكن الامر يبقى صعبا علي من جهتي وحدي، انت عليك ان تهتمي بقلبك اكثر، لانك تحطمينه دون اكتراث
باستغراب نظرت المسؤولة للغبية لتطلق ضحكة ساخرة ثم تقول: لما تظنين ان هذا قلبي؟...
نظرت اليها الغبية مستغربة لتقول: اليس قلبك؟ اذا قلب مز هذا ولما كفلتتني به؟
- لما تظنين انني طلبت منك الا تدعي الفارس يعلم عن امتلاكك لهذا القلب؟...
- هذا لانك لاةتريدين ان يعلم انك مجروحة بسببه او...
فجأة احمرت خداها لتبعد القلب عنها: لا تقولي ان هذا قلب فارس الاحلام؟
انفجرت المسؤولة ضاحكة لتقول: انت ترعينه منذ البارحة ولا تعلمين قلب من هو؟... ثم لما ردة الفعل هذه
ازدادت احمرار خدا الغبية2 لتنكس طرفها بخجل، جلست بقربها المسؤولة لتقول لها: هل تحبينه؟...
نظرت الى المسؤولة لبرهة بشرود دون تعبير اخر حتى ابعدت نظرها عنها شاردة لتقول: لست ادري... الامر معقد بعض الشيء... ليس انني احبه... او انني اكرهه، او ربما هما الشعوران معا...
- تكرهينه!... ولما عساك تكرهينه؟... لقد عاملك بلطف منذ تعرف عليك
- ادري لكن... لست ادري بالضبط... لقد اخبرتك ان الامر معقد...
ساد سكوت بينهم لوهلة حتى دخل الفارس عليهما ملقيا التحية، غطت المسؤولة القلب بالبطانية بعجل واعطت ظهرها للفارس بينما اخذت الغبية تلعب بخصلة من شعرها محاولة ان تخفف من توترها، نظر اليهما الفارس مستغربا ثم جلس بينهما، نظر الى المسؤولة ليقول لها: مررت منذ قليل على المقر لكني لم تجدك هناك، قلت لنفسي ان اتي لزيارة الغبية2 لأطمئن عليها لحين وصولك فأجدكما هنا سوية، ما الذي تخططون له؟...
نظر الغبية2 والمسؤولة لبعضهما ثم اظهرت المسؤولة ابتسامة سخيفة لتقول:" لا شي... لقد كنت اطمئن عليها، اردت ان ارى من هي تلك التي دفعتك الى تحطيم قلبك لاجلها" نظر كل من الفارس والغبية لبعضهما بدهشة، اخفضت الغبية2 بصرها خجلة بينما سحب الفارس المسؤولة من ذراعها لخارج الغرفة، نظر اليها نظرات حادة ليقول: ما الذي تخططين له بالضبط؟...
عقدت المسؤولة ذراعيها بثقة لتقول: لا يمكنك ان تنكر انك تحبها
- انا لا احبها ولكنها تذكرني بالغبية السابقة...
- الغبية السابقة لم يعد لها وجود، بينما هذه موجودة بيننا كما انها من سكان الاحلام، لا تنكر مشاعرك، بح لها قبل فوات الاوان...
- غطى الفارس رأسه بيديه ليقول بهم: لقد سمعتها... انها تكرهني... بل وانا الد اعدائها ايضا...
- هي لم تقل ذلك ثم...
فرغت المسؤولة فاهها: هل كنت تستمع الى حديثنا؟...
نظر اليها الفارس من طرف عين ليقول لها: لقد كان حديثكما عني...
- ولو كان عنك... عليك ان تترك لنا بعض الخصوصية
- اردت ان اعرف ما مشاعرها تجاهي...
- ظننتك غير مهتم
- وانت ما شأنك على كل حال...
- فعلا ما شأني انا... لا يمكن لاحد ان يهتم لمستقبلك...
انسحبت المسؤولة الى عملها ليدخل الفارس الى الغبية ويجلس بالقرب منها، ساد الصمت بينهما حتى قرر الفارس ان يفتح موضوعا مباشرا:
- ماذا تذكرين من حياتك قبل ان نلتقي...
تفكرت الغبية قليلا لتقول: حسنا... كانت حياة مملة الى ان اتى النتن ثم التقيتك
- كم مرة التقيتي بالنتن؟
- مرة واحدة... ذلك اليوم قبل مجيئك فقط...
اخفض الفارس بصره متفكرا ثم قال:
- وماذا عن امك؟... ماذا تذكرين عنها؟
- هزت رأسها ناكرة: لا شيء
- اذا كيف عرفتي انها امك؟...
- لست ادري... علمت فحسب...
- وماذا عن اخويكي؟
- نظرت اليه مستغربة: اخوي؟...
- ذلك الفتى اللطيف الذي اتى معها البارحة
- لست ادري... لم ارى فيه الا مزعجا
- وماذا عني...
نظرت اليه متفكرة، لا تدري يما تجيبه، هي بالفعل لا تذمر انها التقته مسبقا، ولكن في قلبها شعور تجاهه، ليس شعورا بل مشاعر، مشاعر متقلبة ومتناقضة، مشاعر خب وكراهية واعجاب ونفور وتقدير واحترام وتبجيل وانزعاج... كيف تجتمع كل نلك المشاعر تجاه شخص واحد وفي قلب واحد، احفضت بصرها لا تدري بما تجاوبه فما قالت له الا: "لا اذكر عنك اي شيء... ولا اذكر اننا التقينا مسبقا..."
- اذا لما تكرهينني؟
نظرت اليه الغبية2 مصدومة لتقول: لقد كنت تختلس السمع...
حك الفارس رأسه بحرج ليقول: اسف اتيت ووجدتكما تتحدثان عني؟... و...
- اخفضت رأسها بحزن:" لست ادري... انها مشاعر تخالجني حينما اراك، او ارى ثقتك طيبتك طريقةةملامك كلها تشعرني بنوع من النفور والانزعاج والكراهية، لكن في الوقت نفسه...
نظرت اليه مدمعة العينين:" بست افهم ما يجري معي... الاف المشاعر تنتابني في لحظة ولا ادري ما اختار منها، كل واحدة منها اشعر ان لها حقها ولكن لست لدري لما...
بابتسامة حانية مسح دموعها ليطمئنها انه سيحد لها حلا عسى قريبا، لنظراتها الغبية عند رؤية ابتسامته تهربت منه ضكحة رغما عنه، لقد اشتاق فعلا الى تلك النظرات رغم انه كان يكرهها يوماما، نظرت اليه مستغربة فعلمت انه يضحك من نظراتها الغبية فتقول بخرج: "تبا... الا ابتسامتك هذه... ليس لها الا شعور واحد..."
شعور بالطمئنية سرى في داخله ليعكس ابتسامة خلابة جديدة فتنبهر بها ويظلا ينظران لبعضهما ختى قطعت الام احلامهما الوردية بحمحمتها، نظر كل منهما اليها بحرج ثم انسحب الفارس محاولا اخفاء اخفاء ابتسامته بينما الغبية2 ابتسامتها تفضحها من اذن لاذن، اقتربت الام من الغبية لتقبل كلا خديها ثم تجلس بالقرب منها، نظرت الى ابتسامتها لتقول لها: "اذا... ما الذي حدث توا؟..."
احمرت خدا الغبية2 لتقول:" لا شيء يذكر... تهت بابتسامته كالعادة وضحك علي
- حقا؟... لكنني لم اره يضحك عليك بل ينظر اليك مبتسما بحنان...
اخفضت الغبية بصرها بخجل لتخرج الام ساندويش من حقيبتها فتقول:"لقد احضرت لك ساندويش نوتيلا، لطالما كنت تحبه...
اخذتها بسعادة لتقضم منها وسرعان ما مر في رأسها لذكرى قديمة، القت السندويش من يدها واضعة يديها في رأسها، نظرت اليها المراة لتقول لها: "ما بك؟... الم تعجبك؟.."
نظرت اليها الغبية2 لتقول لها:"انعا ساندويش ة جبنة وليست نوتيلا..." ابتسمت الام بوهن لتمسح على رأس الغبية ثم تنسحب من المستشفى...
ظلت الغبية تراقبها حتى اختفت من امامها ثم نظرت للساندويش قربها فابتعدت عنها، اخرجت القلب الصخري من تحت الوسادة لتنظر اليه، تشققات البارحة زالت عنه كليا... يبدو ان ما حدث منذ قليل استطاع ان يعالج قلبه ولو قليلا...
ابتسمت بسعادة وعانقت القلب، اتى الفارس ليلا للمستشفى ليرى الغبية2 لكن اخبروه في الاستقبال ان الغبية قد رحلت ظهرا، اراد ان يدفع التكاليف لكن اخبروه انها مدفوعة، استغرب الفارس فخمن انها ام الطفل الشقي، لكن الاستقبال اخبره انها المسؤولة، ذهب الفارس الى المسؤولة، طرق الباب فتفتحت له وابتسمت نلقائيا ما ان رأته، حاول ضبط اعصابه ليقول:
- ما الذي دفعك لتدفعي التكاليف؟... ليس من عاداتك تن تتدخلي بامور الضحايا
- كل ما في الامر انني تعرفت عليها واحببتها... فاردت ان نصبح ديقتين
- ما الذي... مالذي تقصدينه بان تصبحا صديقتين؟...
لم يكد يكمل جملته حتى ظهرت الغبية2 من المطبخ: ايتها المسؤولة لم اجد الكاتشاب... التقت ناظراها بالفارس لتتورد خجلا، انكست طرفها مبتسمة لتلقي التحية بينما الفارس فارغ فمه بصدمة، نظرت اليها المسؤولة لتقول لها: انه في البراد ابحثي جيدا
القت نظرة سريعة للفارس لتنسحب بخجل، قال له المسؤولة: يمكن القول ان هذا ما كنت اقصده...
ابتسمت بخبث: اتريد ان تأكل معنا؟ اننا نعد الهامبرغر...
تفكر بالامر قليلا ثم قال: هذا حدث يجب ان ادونه في مجلة غينيس، فبخلك كاف كي تكون اول دعوة منك لي للغداء وانا متأكد تنها ستكون الاخيرة...
دفعته المسؤولة بخفة لتقول: ليس الامر انني بخيلة، ولكنني مقتصدة، ليس مثلك تبذر ما لديك على الاخرين تعرفهم ام لا تعرفهم...
دخلا للمطبخ ليجلسا سوية على الغداء، انهت المسؤولة طعامها بسرعة لتنهض عن الطعام قائلة: اسفة ساضطر ان اترككما لكني ستعجلة، تأخرت على عملي
غصت الغبية2 باللقمة في فمها بينما قال الفارس:ط اخيرا اتاك حس المسؤولية... لقد تأخرت نصف ساعة على عملك، علي ان اخصم من معاشك
- نظرت اليه بطرف عينها لتقول: يا لك من ناكر للجميل... بدلا من ان تشركني
- علام؟... على هذا الغداء الغير مطهو جيدا...
غصت الغبية2 مرة اخرى لتقول المسؤولة: لم اكن انا من طبخها بل هي...
نظر الفارس للغبية2 ليجدها احمرت خديها من الحرج فيقول لها: كنت امزح معها، هذه طريقتنا في التعامل عادة فلا تقلقي
نظرت اليه الغبية ثم للمسؤولة مستغربة فقام الفارس بطرد المسؤولة متحججا ان الغبية ستصاب بالجنون ان استمرت بوجودها
خرجت المسؤولة لتتركهما يأكلان سوية في هدوء تام، انهت الغبية طعامها وجلست شاردة حتى انهى الفارس طعامه، نظر اليها مستغربا:
- انت شاردة من فترة، هل هناك ما يزعجك؟...
نظرت اليه الغبية لتقول: اشعر اننا التقينا مسبقا... ولم يكن لقائنا وديا...
نظر اليها الفارس مستمعا ليقول: وماذا ايضا...
اغمضت عينيها محاولة التذكر ثم هزت رأسها: لا استطيع التذكر...
- لا تذكرين لما لم يكن لقائنا وديا؟
هزت رأسها نافية فقال: لكنك قلت صباحا انك لا تذكرين اننا التقينا مسبقا
- لقد اتت امي صباحا للمستشفى... واحضرت لي ساندويش بالنوتيلا... عندما قضمت منه اول قضمة مرت في ذاكرتي ذكرة سريعة، لم تكن ذكرى بالضبط لكنها كانت بعض المشاعر، وادركت انك كنت هناك...
- ثم؟...
- تخولت الساندويش الى جبنة
- اي ساندويش؟
- الذي اعطتني اياه امي
- اقصد ما الذي جرى بالذكرى؟
- لست ادري، انها تدور في خلدي كوال الوقت ولكن لا استطيع ادراكها...
طأطئ الفارس رأسه محتارا، اذ انه لا يتذكر انه التقى بهذه الفتاة مسبقا، لكنها تشبه الفتةدى الشقي لحد كبير، كما انه كان يحب النوتيلا ويكره الجبنة وبذلك استطاع ان يستدرج الغبية يومها... هل عذا يؤكد انه الفتى الشقي؟... ام ماذا...
نظر الفارس الى الغبية2 ليعرض عليها زيارة والدتها ورحبت بالفكرة، توجها للام ودخلا المنزل، نظرت الغبية للمنزل تمشي به بابتسامة مشرقة، تبحث بين اركانه لتقول: "هذا المكان يجعلني اشعر بنوع من الانتماء..."
اخفض الفارس بصره بضيق بينما ربطت الام على ظهره مطمئنة اياه: "لا داعي للقلق مما يدور في رأسك... هذه الشابة ليست ابني... بل انها احدى ضحياه...
نظر الفارس الى المراة ليقول: وماذا عن سندويشة النوتيلا؟
- لم تكن ساندويشة ابدا... بل كان جزء من ذاكرتي... كان له ان يتصوره الشي الاكثر تاثيرا به، ولان الذكرى الوحيدة التي تجمعني بها هي يوم الساندويشة فهو الشيء الوحيد الذي رأته
- وما الذي كان سيراه لو كان ابنك؟
- نظرت اليه بحزن لتقول: هذا امر بيني وبينه، لا استطيع البوح
- نظر الفارس للغبية2 ليقول: اذا من المفترض بها ان تكون؟ ومنى خرج طفلك من عالمنا ليلتقي بها؟
طفلي خرج الكثير من المرات من عالمنا... لكن هذه الشابة التقى بها هنا في هذا العالم، لان بيننا ذكرى مشتركة... وانا لم اخرج من هذا العالم بعد انضمامي اليه
- اذا... التقى بها قبل انتنضموا لعالمنا
- لما انت مصر انها لم تأت الى عالمك؟
لاننا لا نهاجم سكان الاحلام...
- وماذا لو كان يعرفها مسبقا ودعاها فيما بعد...
- لست ادري... انت الاولى بمعرفة معارف ابنك
- لا اتذكر رؤيتها مسبقا
- نظر اليها الفارس ليقول: ولا انا... لكنها قالت انها التقت بي حينها، ايمكن ان تكون المخلوق الذي انقذتكما منه ذلك اليوم؟
- لا اظن... فلم يكن من ساندويشة جبنة او نوتيلا حينها...
- من يمكن ان تكون اذا؟... الا يوجد طريقة لنستعيد ذكرياتها؟
- لقد قلت انه كان بينكما لقاء سابق... يمكنك ان تقدم لها جزء من ذاكرتك عسى ان نعرف مما ترى ما الذي جمعكما...
قالت الغبية2 ان الذكرى التي جمعتهما لم تكن ودية، ما الذي قد تراه لو جرب ان يقدم لها جزءا من ذاكرته، الوحيدان اللذان اذاهما من سكان الاحلام كانا الطفل الشقي وزهرة الربيع...
هل يمكن ان تكون زهرة الربيع؟ لكن شكلها كان مختلفا... ولم يكن من لقاء بينها وبين الطفل الذقي او والدته...كما انها اضحت ميتة الان...
دائما ما ينتهي بي المطاف الى انه الطفل الشقي، لكن والدته واخوه يقولان انه ليس هو... هل يعقل انهما يحاولان حمايته؟ ما من طريقة لمعرفة ذلك الا بتجربة تقديم ذكرى... توجه الفارس للمرأة ليسألها عن الطريقة، اقتربت منه لتضع يداها على رأسه فتسحب منه خيط واحد ملون، اعطته اياه وطلبت منه ان يناولها اياه، اخذها الفارس وتقدم اليها ليبسط كفه امامها، وما ان رأت ما في يديه حتى هاجمته بعنف صارخة:" ابتعد عنا ايها المجنون... لما تريد قتلنا؟ ما الذي فعلناه لك..." اسرعت المرأة لتمسك بالغبية2 وتبعدها عن الفارس لتعود الى وعيها، نظر الكل الى بعضهم مدهوشا حتى امسكها الفارس من ذراعها ليسحبها للخارج ويعود الى عالمه، نظر اليها بامعان، يستحيل ان تكون هي... لقد كانت من سكان الواقع... لا يمكن ان تكون هي نفسها، هل يمكن انها تحولت بعد ان اخذت من ذكريات الشاب، وهذا سر التشابه بينهما؟ ايعقل انهما اتحدا ليدمجا طاقتهما فيستطعا الاستمرار في الحياة؟
نظر الفارس للغبية التي تنظر اليه برعب، توجه اليها بحزم ليقول: ما الذي رأيته حينها...
ابتعدت عنه برعب ليتبعها مهددا، ادمعت عيناها وهي تطلب منه ان يبتعد عنها، نظر اليها والى حالتها حتى قرر ان يتراجع، دعاها للجلوس وقدم لها كوب ماء لتهدء قليلا، جلس في اريكة مقابلة لها لينظر اليها مستفسرا: ما الذي رأيته حينها؟...
رفعت بصرها اليه لتنظر ليديه وتقول: لقد كنت تحمل سلاحا بيدك وتوحهه نحو...
قال بهدوء: وماذا حدث بعدها؟...
- لم اجد نفسي الا اهاجمك لسبب لا ادري ما هو... لكنني كنت خائفة جدا...
- لا تذكرين السبب؟
- لا
- ابدا؟...
- لا
ارجع ظهره ليستند على ظهر الاريكة مغطيا وجهه بكفيه، قاطع تحليلاته صوته الرقيق:
- ما الذي كان يجمعنا سابقا؟... لما هاجمتك قليل؟...
نظر اليها الفارس محتارا... ايخبرها بالحقيقة ام لا؟... هو بنفسه لا يمكنه ان يصدق ذلك... نهض من مكانه ليتجه اليها ويقول باستسلام: "انا حقا لست ادري..." جلس بالقرب منها وربت على كتفها ليقول:"انا نفسي لا اعرف ما يحدث بالضبط..."
اخفضت بصرها بحزن لينظر مقترحا فمرة اعتبرها الحل الانسب:
- ما رايك ان اعيدك لعالمك؟... ولا نلتقي بعد اليوم ابدا...
نظرت اليه مصدومة، هي تريد الابتعاد عنه لانها خائفة مما رأته توا، وفي الوقت نفسه لا تريد الابتعاد عنه، فها قلبها بدأ يتعلق به...
اميكها من يدها ليوقفها قائلا: اظنه سيكون الحل الانسب لكلانا
ودون ان ينتظر ردها اخذها لعالمها، وسط غابة عذراء، قرب كوخ صغير، ودعا بعضهما فتلقي الشمس عليهما اشعة المغيب الحزينة، التفت ليذهب فامسكته من يده منادية اياه"
مهلا ايعا الفارس"
التفت اليها لتضع قلبه الصخري بين يديه قائلة:"لقد طلبت نني المسؤولة ان اهتم به... وولكن بما اننا سنفترق فاظن انه ليس من المناسب ان يبقى معي"
نظر لما بين يديه ليكلق ضحكة قصيرة ساخرة: تلك المسؤولة المزعجة... دايماةما تتدخل بما لا يعنيها
نظر للقلب ليرى بنيته تحسنت عن اخر مرة رأه، ابتسم بلطف ليعيد القلب بين يديها قائلا:" اظنك ستهتمين به افضل مني... ابقيه معك..." بين كلامه اللطف وابتسامته الساحرة ذابت الغبية2 وطلقتوالعنان لنظراتعا الغبية فما كان من الفارس عند رؤية نظراتها الا ان يرفع قبضته ليكرق على رأسها كما حرت العادة، توقف قبل ان يطرق مفكرا:"هذا سبكون وداعا بينهما، من المفترض ان يكون اخر ما يصدر منه شيء جميل وليس شيء مزعج، عرضت ابتسامته ليضمها، استيقظت الغبية2 موردة الخدين، رفعت يداها لا تدري اتبعده ام تبادله العناق، اعادت خفض يديها لتحمحم قائلة:"هل استطيع استعادة نفسي" ابتعد الفارس عنها ليمرر يده على شعرها قائلا:"سأشتاق اليك"
اسرع الى فرسه بينما هي تراقبه بلهفة حتى لم تجد للفرحة مطرح، اغمضت عينيها مبتسمة واضعة يديها موضع قلبها فتسقط ارض لتنبت الارض ورودا حمراء حيث لمست منتشرا حولها في جميع الارجاء، لاحظ الفارس هذا التغيير فالتفت اليها ليجدها مرمية على الارض، نزل عن فرسه واسرع اليها ليجدها مبتسمة، امسك يدها بلطف لتفتح عيناها ببطئ وتنظر اليه فتقول:" ليت هذه اللحظة تطول... يصعب بعد الان مفارقتك..."
ابتسم الفارس بحزن فهو ايضا لا يريد مفارقتها، لكنه خاف ان تكون حقا الغبية السابقة فان ارتبط بها واستعادت ذاكرتها لن يكون الامر مسليا، اما ان مان الطفل الشقي فذلك سيكون افظع...
على كل حال مهمن كانت فماضيهما لا يبشر بمستقبل جيد لذلك الحل الانسب لهما ان يفتركا...
اغمض عينيه ليلفظ كلمة الوداع فتدمع عينيها، اراد الانسحاب قبل ان يصعب الامر اكثر من خذا الحد الا انه سمع منها تأوها، نظر اليها ليجدها واضعة يديها على قلبها، امسكها من ذراعاها محرضا اياهاةعلى البوح:
- ما بك؟... ما الذي يجري معك؟...
بصوت ضعيف اجابت:
- انه مؤلم... يؤلمني كثيرا...
- ما الذي يؤلمك...
انتفضت مرة اخرى واضعة كلتا يديها على قلبها تصرخ من الألم، الفارس ينظر اليها محتارا ولا يدري ما بها وما يصنع، ارتخت قليلا تسترجع انفاسها، امسك كفيها يكلمها محاولا ان يفهم ما يجري معها، نظرت اليه مدمعة العينين، قالت: ساعدني... انا خائفة... قلبي يؤلمني وبشدة...
- بعجل قال: خسنا اسمعي... لن نفترق ان كان ذلك يزعجك ولكن اهدئي الان، سنبقى سوية للابد...
نزلت دموعها حين احست بطنين مزعجا يرتفع صوته فقالت مرتجفة: الالم... انه قادم مجددا...
ما ان سمع كلامها عانقها ليطمئنها، لكنها اختفت من بين ذراعيه قبل ان تدرك عناقه ليجد نفسه في عالمه معانقا نفسه ولم يبقى منها الا صدى صرختها الاخيرة حين اطلقتها ظلت تتردد في مسمعه...
نظرا بعينيه المتسعتين صدمة الى يديه الفارغتين، نظر الى عالمه الساكن الفارغ منها حتى سمع طرقا على الباب، اسرع ليفتح فيرى المسؤولة، بحث خلفها وفي جوانبها، ما من احد، اعاد نظره للغرفة ليجدها فعلا فارغة...
نظر للمسؤولة والصدمة مازالت تأخذ مآخذها في وجهه:"لقد رحلت... لقد رحلت وللابد"
دخلت المسؤولة لبيته مستفهمة:"من الذي رحل؟...
- الغبية... رحلت للمرة الثانية امام عيني ولم استطع ان افعل شيئا...
انسكبت دموعه مدرارا ليقول بصوت انهكه الهم:"لماذا؟...لما كلما يتعلق قلبي بشخص ما علي مفارقته... لما لا استطيع ان احب كما باق الناس... لما كتب علي فراق الاحبة اينما كانو...
اقتربت منه المسؤولة لتربت على كتفه مواسية اياه لكنه صرخ بها:
-ابتعدي... ابتعدي عني والا لحلت عليك لعنتي كما حدث مع كل من تقرب مني قبلك...
نظرت اليه المسؤولة بصدمة: ما الذي حدث معه بالضبط، يبدو انه فقد عقله كليا... هل يعقل ان تلك الشابة...
ادمعت عينا المسؤولة وهي تحاول ان تطمئنه ان ما يظنه غير صحيح وان فترة زمنية والامور تصبح على ما يرام ولكنه ظل مصرا، سحب المسدس من جيبه ليوجهه على رأسه، اسرعت اليه وأخذته منه، هاجم ليأخذه منها فاتصلت بالمسؤول بخالة طوارئ واتى فورا حاملا ابرة مهدأة، حقنه بها وسرعان ما ارتخى، نظر لصديقيه لتدمع عيناه من جديد قائلا والاسى يملئ قلبه:
- لم اعد ارغب بالحياة... لقد مللت... الاحزان ترافقني اينما ذهبت، لم اعد احتمل اكثر من هذا...
ادمعت المسؤولة لتقول: الذنب ذنبي منذ البداية... ما كان علي ان احاول جمعكما... لم اتوقع ان يحدث شيء كهذا
- ليس ذنبك... الوضع سيتكرر معي للابد... بوجودك او بعدمه... انعا لعنة صبت علي منذ ردح من الزمن
- نظر كلا من المسؤولين لبعضهما محتارين فقال المسؤول: "يبدو انه فقد عقله..." حمله المسؤول الى عالمه واقفل عليه في غرفة كي لا يستطيع الهرب، مرت ايام قاسية على الفارس الى ان تأقلم واستطاع ان يعود الى حياته الشبه طبيعية مجددا...
الروائية الصغيرة
الروائية الصغيرة
Admin

عدد المساهمات : 14
تاريخ التسجيل : 18/03/2016

https://kawadr.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فارس الاحلام Empty رد: فارس الاحلام

مُساهمة من طرف الروائية الصغيرة الثلاثاء سبتمبر 20, 2016 10:28 pm

سار مسرعا بفرسه يلاحقه شلة من اصدقائه حتى وصل الى رجل يركض امامه ذعرا، طعنه بالسيف ليخرجه من الجهة الاخرى فيتقلب الرجل على الارض، اوقف الفارس فرسه، نزل الى الرجل، حمله وضربه ضربات متتالية الى ان اوقفوه اصدقائه وابعدوه عنه، ابتعد عنهم الفارس بعصبية ثم عاد ليركب فرسه قائلا: انا ذاهب فقد انتهت مهمتي على كل حال...
ذهب تاركا اصدقائه ينظرون لبعضهم محتارين، منذ ذلك اليوم وهو في كل مهمة يترك فرائسه على اخر روح، بالكاد يستطيعون الاستفادة منهم، فما يتبقى لهم من طاقة يحتاجها الاخر للشفاء والاستمرار، طعنوا الرجل ليعود الى عالمه ثم عادوا للمقر باحثين عن مهمة جديدة، نظرت اليهم المسؤولة مستغربة
- مرة اخرى قام الفارس بمهاجمة الضحية؟...
- انه لا يرحمهم، في كل مرة يتركهم دون طاقة، نضطر ان نرجعهم لعالمهم... وان اعترضنا يقول لنا ان نأخد ما تبقى فيهم من طاقة فلا يهم موتهم لانهم من عالم الواقع...
- ذلك الفارس الأحمق... لست ادري لما يكن كل تلك الكراهية لسكان الواقع...
- حسنا اعطنا مهمة نذهب اليها دونه...
- لا استطيع فذلك ممنوع
- لكن في هذه الحال لن يتبقى لنا من نتغذا على طاقته
اطلقت المسؤولة تنهيدة يائسة لتعدهم انها ستحاول ان تتحدث اليه، تركوا المقر ليعودوا الى بيوتهم وقد وصل اليائس مواصيله...
توجهت المسؤولة لعالم الفارس لكنها لم تستطع دخوله كالعادة، يبدو انه علم بانها ستحضر كالعادة للتحدث عما عن شكاوى الصيادين، حاولت التواصل معه لكنه لم يجبها، وضعت يدها على رأسها محاولة ايجاد حل، الفارس مؤخرا اصبح منعزلا جدا عن سكان الاحلام بينما اصبح متوحشا جدا مع سكان الواقع، سكان عالمه كثرت شكواهم بينما هو لا جلد له على الجدال، كثيرا ما اتت لتحدثه عن احترام الفرائس اكثر لكنه يكن لهم بغضا دفينا لسبب يجهله الكثيرون، عادت للمقر وجلست في مقعدها تفكر بحل لما يجري لكن كل المنافذ اغلقت بوجهها، رآها المسؤول على تلك الحالة فقرب كرسيه لكرسيها لينضم اليها في الهموم:
- اذا ماذا حدث هذه المرة؟
- لم يكن من حدث هذه المرة...
- لم يكن!... ما الذي تقصدينه؟
- لم يستقبلني... فصل عالمه عن عالمنا ووضع بيننا حاجز كي لا نستطيع المرور...
بدت الصدمة على وجه المسؤول جليا ثم قال: لقد تجاوز حده هذه المرة، ان استمر الوضع على هذه الشاكلة سيفقد جميع سكان عالمنا طاقتهم او سينقلبون ضده
- انا اظنهم سينقلبون
- علينا ان نبحث عن حل سريع
- اعمل على ذلك منذ فترة لكن دون جدوى... لم اجد اي وسيلة
سكت كلاهما قليلا ليقول المسؤول: ما رأيك ان نتكلم في الموضوع في مكان اكثر هدوءا لنتمكن من التركيز اكثر؟...نظرت اله مستغربة ليردف: ما رايك بالعشاء في مطعم قريب على ضوء الشموع و...
- هل تحاول ان تدعوني لموعد؟
- ابتسم المسؤول بخجل ليقول: اتمانعين ذلك..
اطلقت الاخرى ضحكة لتهز رأسها نفيا قائلة:
- قطعا... ولما قد امانع؟
ركع امامها مخرجا من جيبه علبة فيفتحها امامها ليبين خاتم تتوسطه ماسة ثم قال:
-هل تتزوجيني؟...
فرغت فاهها بصدمة لتقول: انت مجنون... بهذه السرعة...
نظر اليهم الجميع ليصفقوا له بحرارة بينما قال هو: اي عجل... اننا نعرف بعضنا منذ زمن... لا داعي لنضيع الوقت
ابتسمت المسؤولة بخجل ليضع المسؤول الخاتم في بنصرها فيهتف الجميع متحمسين، فمنذ زمن لم يمر عليهم لحظة سعيدة، لكن فرحتهم لم تطل، ما ان طل الفارس حتى سكت الجميع، نظر المسؤولين للفارس ليروه ينظر اليهما بضيق فسحبت المسؤولة يدها من يد المسؤول، اما المسؤول عاد الى مكانه ليستأنف عمله، بينما اقشعر الفارس من المنظر فانسخب من المقر مجددا، فقد غدا يكره ان يرى امامه مشهد رومنسي، خرج من عالمه الى عوالم اخرى باحثا عن منافسا قوي يصب به جم غضبه، وصل الى عالم فيه بعض المصارعين يتصارعون في حلبة على الشاطئ وحولهم الناس تهتف للاقوى، صعد الفارس الحلبة ليصرع المتنافسين سوية، صعد اليه بقية المصارعين ليضمهم الى صاحبيهم، نظر حوله ليرى الناس تهتف له، غضب منهم وانهال على اقربهم ضربا بينما البعيدين اخذوا يهربون ناجين بحياتهم، انتهى من الاقرب وبدأ يلاحق من ابتعد ويصرع كل من وقع تحت رحمته حتى انهكه التعب، جثى على ركبتيه ليقبض على حفنة من الرمال بيديه شادا على اسنانه ينفس ما تبقى له من غضب ويشتم سكان الواقع، جلس على الارض رافعا رأسه للسماء ليسمح لدموعه النزول متمتما:
- زهور الربيع... عهدا علي سأقضي عليهم الى اخر نفس... لن ابقي على احدهم حيا ولو على حساب حياة سكان الاحلام...
احس بخطوات تقترب ناحيته، قال دون ان ينظر الى صاحبها: ان اردت ان تبقي على حياتك فاختفي من هنا قبل ان التفت اليك...
سمع الفارس ضحكة ساخرة تلته قول بصوت مألوف: لقد سمعت عما يجري معك لكنني لم اصدق... لقد كنت اشبه بذئب بين الخراف
التفت الفارس ليرى المخلوق النتن يقترب فيقرفس بالقرب منه، ابعد وجهه عنه بضيق ليقول: ما الذي اتى بك الى هنا...
جلس النتن الى جوار الفارس ثم قال بانزعاج: لقد اتيت لافترس بعض البشر... لكني لاحظت انك سبقتني الى ذلك... اذا انا وانت الان في المضمار نفسه... لم يعد من حقك ان تطالب برأسي
بغضب صاح الفارس: وانت ما ادراك بظروفي كي تقول اننا بالمضمار نفسه
ابتسم النتن ليقول: وانت ما ادراك بظروفي؟ هل سألتني عنها يوما؟... هل كلمتك عن ماضي؟... كل ما فعلته هو انك لاحقتني باسم العدالة... العدالة لا تنظر الى الظروف... تكتفي بالنظر الى الافعال... فانت الان مطالب باسم العدالة
نظر الفارس بغضب الى النتن بعدما الجم لسانه ثم ابعد نظره عنه قائلا: لا تتدخل بما لا يعنيك...
- في الواقع... انا ايضا حزين على فقدان الغبية2، مع انني لم التقيها الا مرة واحدة الا انها دخلت قلبي... رغم ذلك موتها كان ارحم من ميتة الغبية السابقة... لقد قتلتها ظلما... هي بالفعل لم تكن تعلم شيئا...
نظر الفارس بصدمة الى النتن ليقول:
كيف علمت بذلك كله؟... هل كنت تراقبني؟...
وانا اعلم اكثر من ذلك بعد... أعرف ماضيك بالكامل... اذا هل ستقتلني كما قتلت الشاب والغبية؟
اخرج الفارس سلاحه ليوجهه على رأس المخلوق النتن قائلا: اجل سأفعل
اطلق النار لكن المخلوق النتن اختفى...
بحث الفارس حوله مستغربا، اين يمكن له ان يختفي... انه ليس في عالمه كي يستخدم خياله... ايعقل انه يراقبني بتلك الطريقة منذ زمن؟...
تبا... يبدو انه يعلم عن ماضيي... يجب علي ان اتخلص منه مهما كان الثمن، من الان فصاعدا لا مزيد من اللعب بيننا، الموت سيحول بيني وبينه جديا...
ولكن...
ما الذي قصده باني لا اعلم شيئا عن ماضيه؟... ايعقل انه مر بنفس التجربة مثلي؟...
توجه الفارس الى المقر ليجد المسؤولين يتبادلان احاديث مبتسمين وما ان راوه حتى التزما الجدية وعادا الى عملهما، توجه اليهما ببرود ليقول:"انتما... انهضا حالا..."
وقف كلاهما ينظران اليه والى نظراته الجادة وكادت المسؤولة ان تصفعه لولا ان سبقت جملته "مبارك لكما الخطبة" ابتسامة عريضة ارتسمت على وجه المسؤولة ليسارع بضم الفارس اليه يعانقه بينما المسؤولة صدمها جملته فجمدت مكانه مسطولة، بادل الفاؤس العناق للمشؤول ثم توجه للمسؤولة ليعانقها وهي ما زالت مسطولة، انتهى من عناقه ليراها تنظر اليه وما تزال مسطولة، قطب حاجبيه لتذكيره هذه النظرات بنظرات الغبيتين فاراد الانصراف الا انه عاد اليها وطرق بقبضته على رأسها قائلا:"عودي الى عملك وكفي عن هذه التسطيلة" تلقائيا ابتسمت المسؤولة لتبادله العناق ثم قالت:" لكم اتمنى ان تعود كما كنت وتعود الحياة مطمئنة كما كنا منذ زمن..."
طأطئ الفارس ر زأسه منزعجا ليقول: ان ذلك مستحيل الحدوث... ولكن ان كان يضايقكم ذهابي للصيد مع باقي الصيادين فلهم ان يذهبوا وحدهم"
انصرف الفارس لترتسم ابتسامة اطمئنان على وجه المسؤولة بينما المسؤول قال:
- لست ادري ما الذي يجعلك تبتسمين...
-نظرت اليه المسؤولة لتقول: انها خطوة رائعة للتقدم الى الامام... اليوم يسمح لهم بالذهاب وحدهم، غدا يأخد اجازة طويلة وبعدها يستعيد نشاطه ويعود لنا كما كان...
ضحكة جانبية صدرت من المسؤول ليقول: انك تهذين... الفارس بسماحه للصيادين بذهابهم لوحدهم يعني انه يسحب يده من ترأسه لعالم الاحلام... يعني انه لم يعد مهتما به وبما سيحصل له، بينما هو اما ان يذهب لعالمه ليغرق بكآبته اما يذهب لاحدى العوالم ليهاجم البشر، واحتمال ان يجمع بينهما... وان حدث كما توقعت فعالمنا سيقع في فوضى لا مثيل لها ان لم نستدرك الامر من الان...
- لماذا؟
- ان لم يتابع الفارس امر توزيع الطاقة بعدل فهناك كثر سيحاولون الاحتفاظ بالطاقة لنفسهم دون ان يتقاسموها مع المسؤولين الكبار، وبذلك نحن المسؤولين سنموت من نقص الطاقة او سنضطر ان ننزل للميدان باحثا عن الطاقة، وان نزلنا للميدان فسينقص الموظفين في المقر ويفقد عالمنا النظام وحسن التخطيط ويعود عالمنا عالما مبتدأ
نظرت اليه المسؤولة بصدمة: هل سيحدث كل ذلك فقط بسبب انسحاب الفارس من مهمة الصيد؟
- لنأمل انه ليس بيننا اي طميعين، لكن مع ذلك علينا ان نحطاط لنعاقب المخالف في حال وقع الامر...
---#-؛-----
عاد الفارس لعالمه واستلقى في السرير وصار يفكر بكلام النتن، كيف علم عن ماضيه والى اي مدى يعلم؟ ومنذ متى؟ ثم... ما الذي حدث في ماضي النتن ليقول انه لا يعرف شيئا عن ماضيه؟
حاول ان يدعو النتن الى عالمه ليحدثه لكن النتن لم يستجيب لدعوته...
حاول عدة مرات لكن دون جدوى حتى قام النتن بدعوة الفارس، قبل الفارس الدعوة لينتقل الى عالم النتن، نظر حوله بقرف ليقول، ان عالمك مثلك مقرف... كيف لك ان تعيش هنا؟
تفحصه النتن هنيهة ليقول: ان استمريت على هذا الحال ستعيش بالمستقبل مثلي
نظر الفارس الى النتن بريب ثم قال:
ما الذي تعرفه عن ماضيي؟
ابتسم النتن ابتسامة جانبية ليقول:
- ولما تريد ان تعرف؟... ما الذي سيتغيير؟...
- انه ماضيي... لا اريد لاحد ان يعرف به...
- وان علمت انني اعلم ما لا تريدني ان اعرفه ماذا ستفعل؟
- سأضطر لقتلك
- وماذا لو حدث العكس؟
- ستكون قد ارحتني من معاناتي وارحت العالم الواقعي من وحشيتي
- ابتسم النتن ليقول: ماكنت لاتوقع منك جوابا غير هذا
- هلا اخبرتني بما تعلم؟...
- ما رأيك ان تستمع قبلا الى قصة قديمة حدثت... بين احد سكان الاحلام وشابة جميلة من عالم الواقع؟...
- لست مهتما...
- حسنا... كان يا مكان في قديم الزمان، كان هناك شاب وسيم تتمناه كل الفتيات، من الواقع او من الاحلام، وهو بدور لم يقصر مع احداهن، وفي يوم من الايام وقع ذلك الشاب بحب احداهن، كانت جميلة لكن غبية، سهل عليه ان يلعب بقلبها لتحبه لكن ما لم يتوقعه ان تمتلك قلبه للابد، حارب سكان الاحلام ارتباطه بتلك الفتاة بسبب انها من سكان الواقع، لكن قلبه كان مولعا بها ولم يستمع منهم، هربا سوية وعاشا اياما سعداء الى ان اتى يوم من الايام تخبره انها تريد ان تتزوج من شاب في الواقع، انصدم من كلامها اذ انها متزوجة منه هو وكانا يعيشان بسعادة، الا انها قالت له ان الاحلام تختلف عن الواقع، الاحلام مجرد اوهام يراها سكان الواقع، وكل شخص يروه في الحلم هم مجرد اوهام... وهي لا تستطيع ان تكمل في علاقة وهمية، ففي حياتها الواقعية هي مازالت عزباء واهلها يصرون على تزويجها، وان قالت لهم انها تريد الزواج من فتى قي حلمها سيظنون انها جنت وسيأخذونها بالطبع الى طبيب نفساني ليعالجوها، الشاب المسكين تلقى الامر بصدمة لكنه تقبله لاجل مستقبل من احب... فما كان له ان يتمنى لها حياة تعيسة، ودعا بعضهما وذهبت ولم تعد بعد ذلك الا مرة واحدة بعد فترة من الزمن...لم يكن اللقاء مفرح جدا...
فلم تأتي لتراه وتخبرها انها لم تتوفق بزواجها من ذلك الخبل كما انها لم تاتي لتحكي له عن حياتها الهانئة كيف تسير، بل اتت تحمل سلاحا لتقتله، قالت ان زوجها يغار منه من كثرة ما حدثته عنه واصبح يريد ان يراها تقتله بيدها ليتأكد انها لم تعد تحبه
تلك الغبية استمعت لكلام زوجها واتت حاملة سلاحا وتعتذر عما ستفعله، لكنه في كل الحالات مجرد وهم فلا بأس بإزالته بما انه يعرقل سيرورة حياتها الواقعية...
سألها الشاب حينها ان كانت مقتنعة بما تفعل فلما تعتذر، قالت ان بالرغم انه مجرد وهم الا انه وهم عزيز عليها... ودون انتظار رده اسرعت لتطعن الشاب الوسيم بسلاحها وسقط الشاب من النافذة حينها، لست ادري ان كان علي ان اقول من حسن او لسوء حظه، لكن سلاحها دخل بين صدره وذراعه وهي توهمت انها قتلته، كما انه سقط فوق مسبح لذلك حافظ على حياته، ولكن اي حياة عاشها، منبوذا من عالمه لانه حارب قوانينها، ومهجورا من محبوبته بل مقتولا منها، وبعدها غير الشاب الوسيم شكله لاقبح شكل استطاعت مخيلته ان تنسجه كي لا يتعرف عليه من يعرفه ولا يتقرب اليه من لا يعرفه، فما ناله من اقرب الناس اليه كان كافيا، عمل على سرقة سكان الواقع في ترحالهم، وفي يوم من الايام التقى بأخوين احدهما قصير وسمين والاخر طويل وعريض وكانا جائعين لا يدرون من اين يخصلون على لقمة العيش، فعلمهم على بعض ما تعلمه من القرصنة في حياته بالشوارع فانضما اليه بعض ان شعرا بقربه بالامان رغم نتانة منظره واصبحا ينادونه بالنتن ومن ذلك اليوم اصبح اسمه...
نظر النتن الى الفارس ليجده فارغا فاهه بصدمة، هل هذه هي قصة النتن؟ الذلك اختار ذلك الشكل الفظيع؟
واكمل: وكنت ساضم الغبية2 الى عصابتي لولا انك تسببت بقتلها، تبادل كلا منهما نظرات غاضبة ليقول النتن:"على كل حال نلت جزاءك، لقد رحلت مع قلبك واضحيت الان بلا قلب... لن استغرب توحشك... ان لم تستعد قلبك سريعا ستتحول الى وحشا قريبا ولن تعود انسانا ابدا
- هذا الامر يخصني انا وحدي... على كل حال لما اخبرتني عن قصتك الطويلة، ما شأني بها؟
- نظر اليه النتن ليقول: ظننت ان فضولك تحرك لتتعرف عليها، على كل حال كن حذرا في علاقاتك مع سكان عالم الواقع لانهم لن يروا منك اكثر من مجرد وهم... بما انك تمر هذه الايام على عوالم الواقع، فانتبه ان مررت بهذا العالم فقد جمع القدر كل كوابيسك فيه...
ناوله بطاقة عليها عنوان مكان معين وفجأة وجد الفارس نفسه قد عاد لعالمه، يبدو ان النتن اخبره بكل ما يعرف، او بالاحرى بكل ما اراد ان يخبره لانه لم يخبره ما الذي عرفه عن ماضيه وكيف، لم يخبره الا قصة سخيفة، هو اصلا يكره عالم الواقع فلما قد ينشئ علاقة مع احد ساكنيه... فتاياته كن فقط للتسلية، اما الان فحتى التسلية معهن لم تعد جميلة... استلقى الفارس على فراشه يفكر بقصة النتن وابعادها ويقارنها بقصة الغبية السابقة مع الشاب، نظر للبطاقة فقرر التوجه الى ذلك العنوان ليرى ما قصته، ظهر فجأة امام فيلا كبيرة وجميلة يحاوطها حديقة غناء، المكان الى حد ما يبدو له مألوفا، ليس اول مرة يراه، اراد ان يدخل المكان لكن اوقفه احد الخدم:"من انت سيدي وما الذي تريده؟..." نظر اليه الفارس بانزعاج ليقول له:"هذا ليس من شأنك" اكمل طريقه فامسكه الخادم من ذراعه: "لا يمكنك ان تدخل المكان هكذا" أخرج الفارس سيفه وغرزه في بطنه ليسقط الخادم ارضا متألما ويكمل الفارس لداخل الفيلا، فتح الباب ليستقبله صالة واسعة بارضية فخمة تتوسط اخر الصالة سلالم تؤدي للطابق العلوي، اكمل ليسير تجاه السلالم لكن خرج من احدى الغرف العلوية شابة شقراء تمشي مع شاب يقاربها في العمر ويضحكان، نزلا السلالم وفي منتصفها انتبها له، ارتسمت ابتسامة على وجه الشابة واسرعت اليه قائلة "فارس الاحلام" اكتشف حينها انها صديقة الغبية، قبل ان تصل اليه حال الشاب بينه وبينها ليقول:"من يكون فارس الاحلام هذا؟..." نظرت الفتاة بحرج الى الفارس ليظهر الفارس نصف ابتسامة ساخرا، فيبدو ان ما اخبره عنه النتن يتحقق امام عينيه، هذه الفتاة التي كانت متيمة به يوما ما ها هي تتنكر له امام خطيبها الحالي، على كل حال هو غير مهتم بها ولا تهمه معتقداتها، ان كانت تظنه مجرد وهم او خيال هذا شأنها، فهو يكرهها كما يكره كل سكان الواقع، هل هذا ما قصده النتن بان القدر جمع هنا كل معاناته؟... اظنه قاس معاناتي على ماضيه هو دون ان يعلم ان ذلك لا يهمني... " حين وجد ان الامر سخيف ولا يهمه قرر الانسحاب والعودة، خرج من الفيلا مارا بالحديقة ليجد سيارة تركن في مكان السيارات، سار يراقبها بينما يمشي حتى شعر ان قدماه قد شلتا، لم يعد يقوى على المشي، هل الامر حقيقي ام انه يتوهم، رأى رجل وامراة كانا قد هرجا من مقدمة لسيارة يتساعدا لاخراج شابة بيضاء ذات شعر اسود، مألوفة بل بصمها عن قلب ظهر، اتت له المرأة بكرسي متنقل ليضع فيه الشابة بينما بدت الشابة شاردة كأنها غارقة في عالم اخر، جروها تجاه البيت وما ان تقابلت عينا الشابة بعينا الفارس حتى تغيرت ملامحها الشاحبة الى الفزع وغدت تصرخ
- ابعدوه عني... انه يريد ان يقتلني... انه هو نفسه قاتل زوجي...
جمد الفارس مكانه لا يعلم ما يفعل حتى جرتها امها للداخل بينما وقف والدها امامه يعتذر مرتبكا
- اعذر ابنتي فقد استيقظت منذ عدة ايام... لست ادري ما بها... تتوهم اشياء غير حقيقية كما سمعت منها، وهي اصلا ليست متزوجة كما انها لا تتذكر وجودنا انا وامها..."
بوجه ملئه البؤس والحزن ترك الاب الفارس ليركض الاب الى زوجته مسرعا محاولا ان يهدء ابنته، ترقبهم الفارس من بعد مدهوشا، الوالدان يحاولان تهدأتها وهي تبعدهما ذعرا، يبدو ان ما حدثه الشاب عن استيقاظها قبل ان تعلم بحقيقة تغير ذكرياتها يحدث الان، لكنه قتلها فما الذي تفعله هنا؟ كيف لها تستمر بالحياة وقد ماتت امامه؟ هذه الفتاة كالقطة لها سبعة ارواح، ظل يراقبهم عن بعد وسرعان ما انضمت اليهما صديقتها عندما رأت حالتها ثم نظرت للفارس مصدومة، اسرع اليهم رجل كسى الشيب شعره وجلس امام الغبية محاولا ان يتفاهم معها، وما ان التفت ليسقط نظره على الفارس حتى نهض غاضبا، امر الحرس ان يغلقوا الابواب، توجه اليه يمشي والشرارة تتطاير من عينيه، وكلما اقترب اكثر كلما ارتعدت فرائس الفارس حتى وقف امامه، جثى الفارس على ركبتاه طالبا الرحمة، يطلب منه ان يفكه من لعنته التي انزلها عليه يوما، اخرج الرجل مسدسا وصوبها على رأس الفارس قائلا: "يبدو ان اللعنة لم تزد قلبك الا تحجرا، ظننت ان ذلك سيعلمك درسا وتستقيم لكن لا فائدة منك" اغمض الفارس عيناه متقبلا مصيره ليرتاح من هموم الدنيا فاسرعت اليه صديقة الغبية، تعلقت بذراع والدها لتمنعه من قتله قائلة له ان الغبية تهذي ولا تدري ما تقوله، ابعدها والدها بغضب قائلا ان هذا الذي تتوسل له بالرحمة هو من قتل اختها منذ سنة، اتسعت عينا الصديقة من الصدمة تنفي الامر غير مصدقة لكن الفارس اكد لها كلام والدها، كما اخبرها ان الغبية لا تتوهم، هي بالفعل كانت تعيش حياة هانئة مع احد سكان الاحلام ظنا منها انه زوجها، وهو قام بقتلهما معا ودون ذنب..." سكتت حينها الصديقة محافظة على صدمتها، رفع الاب السلاح عليه مجددا، اخفض الفارس ناظريه خجلا منهما، عندما سمع ان الرجل شد الزناد علم انها نهايته، القى الى الغبية نظرة اخيرة مودعا اياها بينما نظرت اليه بحيرة، تلك النظرات تعرفها، تلك النظرات ليست لقاتل زوجها... قاتل زوجها كان يحمل نظرات حادة لئيمة بينما هذه النظرات المنكسرة... تبدو مألوفة..."
اغمض عينيه واعتذر عن بعد لتمر بذاكرتها ذكرى سريعة لحين كانت في عالم الشاب وكان الفارس معانقا دمية باكيا معتذرا، انقبض قلبها ودون وعي منها صرخت: "انهض ايها للاحمق صوف تموت" نظر الجميع اليها مستغربا ليروها تحاول النهوض عن كرسيها لكنها سقطت، حاولت النهوض مجددا وسقطت، اختفت من مكانها لتظهر امامه فتهزه تحثه على النهوض لتراه قد فتح عيناه ينظر اليها مستغربا، عانقته قائلة: ايها الاحمق... كانت ستبتلعك الدمية..." اخفض والد الصديقة سلاحه متابعا لما يجري، وسرعان ما بحثت الغبية حولها بفزع "اين الشاب؟... هل رحل ام مازال هنا؟..."
ضيق الفارس عيناه متفحصا اياها: هل عادت اليك ذاكرتك؟..."
نظرت اليه مستغربة"لما تسال ذلك... انا لم افقدها يوما...
اسرعت اليها صديقتها تعانقها اخيرا تذكرتنا... كدت افقد الامل من ذاكرتك السخيفة.."
جمدت الغبية دون ان تبادل العناق لصديقتها محتارة، نظرت للفارس قائلة: من هذه؟...
ابتعدت عنها صديقتها بصدمة: الم تتذكريني... انا صديقتك كارلا
نظرت اليها الغبية محاولة تذكرها، اغمضت عينيها بضيق لتهز رأسها محاولة التهرب من علمها عن فراغ عقلها من ماضيها الذي يخبروها عنه،
اقترب منها والداها ليقولا: ونحن... الا تذكرينا؟...
نظرت اليهما لتبعد بصرها عنهما بحرج ثم تنفي معرفتها لهما
نظر والد الصديقة للفارس بغضب ليقول له: هل يمكنني ان افهم لما لا تتذكر احد سواك؟
نظر الفارس للغبية بحزن ليقول: ليس الامر انها لا تتذكر احد سواي... انما هي لا تمتلك حاليا ذكريات عنكم... لقد مسح الشاب ذكرياتها، اعدت اليها ما استطعت ايجاده... ولكن كان الوقت ضيقا...
طأطئ رأسه خجلا... كانت ستموت على كل حال...
نظرت الغبية للفارس باهتمام لتقول: ما الذي تقصده بأن الشاب مسح ذاكرتي؟ انا اتذكره جيدا... كما اتذكرك
- تتذكريني لاني اعدت اليك بعض ذكرياتك ثم... ما الذي تذكرينه من الشاب...
تفكرت الغبية قليلا ثم قالت: لست ادري... الامر معقد بعض الشيء... لا استطيع ان اشرح ولن تستطيع ان تفهمني...
- بل افهم واعرف جيدا...
انت تظنين انه الملاذ الامن وفي الوقت نفسه تهابنه لحد الموت، اليس كذلك؟...
هزت الغبية رأسها مؤيدة كلامه فقال: وهذان الشعوران المتناقضان نابعان عن اختلاط ذكرياتك الاصلية بالذكريات المزيفة التي وضعها الشاب برأسك...
- اي ذكريات؟...
- انت لست زوجته ولم تكوني كذلك يوما
عقدت حاجبيها بضيق: بل انا كذلك ومنذ فترة طويلة
- لست كذلك... لقد احبك الشاب واراد ان يحصل على قلبك باي وسيلة فكانت هذه طريقته الوحيدة...
نظرت اليه بحقد لتقول: انت تكرهنا منذ البداية وتريد التخلص مننا، لم تنجح بقتلي فتحاول تخريب حياتي بطريقة مختلفة...
اغمض الفارس عيناه غاضبا، حاول ان يهدأ ثم فتح عيناه ليقول: ولما قد اكرهك، اعطني سببا لذلك...
- لانني علمت شيئا عنك لا يجب ان اعلمه...
نظر اليها بصدمة ثم الى والد صديقتها بحرج ليخفض بصره ثم يقول بأسف: قد اكون رغبت بقتلك ذلك اليوم للسبب الذي ذكرته... لكنني لا اكرهك وانا الان نادم... والتفكير بانك مت وعلي يدي قادني ذلك للجنون...
- لكن ذلك لا ينفي انك حاولت قتلي
- لا... لا ينفي... ورغم اعتذاري منك لا اتوقع المسامحة لكن ذكرياتك عن الشاب خاطئة... فثد حاول قتلك مسبقا
- لم يفعل...
- كيف لم يفعل... اذا ما الذي كنت افعله انا في عالم الشاب حين كادت الدمية ان تبتلعني وما الذي كان يحدث لك قبل ان اتي انا اليكما
ظلت الغبية تنظر اليه متفكرة لتقول: لست تدري ما الذي اتى بك الينا... ولا اذكر ما الذي حدث قبل مجيئك... لكن الشاب لم يحاول ان يقتلني يوما... لقد احترمني منذ التقينا وعاملني افضل معاملة...
قبض الفارس يديه محاولا كبت غضبه حتى نظر اليها فيقول: اظن انني اعرف شخصا سيساعدنا على استعادة ذكرياتك الحقيقية... تعالي معي لرؤيتها
ابتعدت عنه خطوة بضيق مظهرة عدم ثقتها به بسنما وقف اهلها حائلا بينه وبينها، نظر اليهما بصدمة ليقول:" ان ذلك لمصلحة ابنتكما... الا تريدان ان تستعيد ذاكرتها؟...
نظرا اليها محتارين ثم قال الاب: نفضلها مفقودة الذاكرة على ان تكون ميتة
فرغ الفترس فمه مصدوما ليقول: وعدا مني لن اوذيها، كل ما اريده هو مساعدتها
- ولما تظن انني ساثق بك وقد حاولت قتلها مسبقا؟...
- لقد كان ذلك في الماضي
- التاريخ دائما يعاد نفسه
اغمضت الفارس عيناه بشدة وهو يعض شفته السفلى غير دار كيف يمكن اقناع اهلها بصدق كلامه ختى اثترب منه والد صديقتها قائلا: سآتس معهما... ولن اسمح له ان يؤذيها ابدا... يمكنكما الوثوق بي...
التقتط صديقتها بذراع والدها طالبا منه ان يسمح لها بالانضمام اليهما للاطمئنان عليها، وما تن طلبت الصديقة ذلك الطلب حتى انضمت الوالدة للصديقة في طلبها نظر اليهم اب الصديقة ثم الى الفترس ليقول:
- اذا ماذا تقول؟
نظر الفترس اليهم جميعا فقال: فليأتي والدها معنا ايضا
ابتسم الجميع مطمئنا لينهض الفارس عن الارض ويعطي العنوان لوالد الصديقة فيأخذهم اليه، وما ان وقفا امام بيت تلك المراة حتى ارتسمت ابتسامة عريضة على وجه الغبية لتقول: بيتي... من زمن لم اره، نظر الجميع اليها مستغربا بينما اسرعت هي لتطرق الباب؟ ما ان صاخبة الغالم حتى اسرعت اليها الغبية لتعانقها منادية:"امي... لقد كاد الشوق ان يقتلني... لقد كان فراقك صعبا...
نظرت الام للقارس مستغربة حتى امسكتها الغبية من يدها وجرتها للخارج، جلست على الارجوحة الصغيرة وطلبت منها ان تهزها، بصدمة وذعول وضعت المرأة يديها على ظهر الغبية ودفعتها بخفة لتقول الغبية بقوة اكبر...
مشت المرأة تجاه امام الغبية لتنحني امامها قائلة:"لطفل الشقي!... هل انت الطفل ابشقي ام مجرد سراب كاللتي سبقتك...
استغربت الغبية سؤالها بينما ادمعت عينا المرأة لا تدري ان تصدق ما تسمعه ام لا...
وصل اليهما البقية يتسائلون عما يجري بينما الفارس يقف مراقبا عن بعد بضيق...
هذا الذي يحدث الان مشابه جدا لما حدث مسبقا مع الغبية الثانية... فما سر تواجد الغبية2 بعد اختفاء الغبية1 وظهور الغبية1 بعد اختفاء الغبية2؟ وما سر تشابه ردات افعالهما؟ لكن لما كل واحدة منهما من عالم مختلف؟....
هزه اب الغبية ليقول له: اذا كيف ستستعيد ذاكرتها؟
نظر الفارس للاب متفكرا ثم مشى تجاه الاخرين قائلا:"تعال"
وصل الفارس لهم ليلقي التحية فتنظر الام اليه بانكسار، اخفض الفارس نظره بحزن ليقول: هذه الغبية مسح ابنك ذاكرتها واعطاها ذكرياته لتماثله بمشاعرها، اتيت لاسألك ان كان باستطاعتك ان تسحبي ذكرياته من عقلها وتعيدي اليها ذكرياتها الحقيقية...
نظرت الام للغبية بحزن، اذ انها بوجودها تشعر بوجود ابنها بالقرب منها لكن للغبية حق بان تعرف حقيقتها، قالت للفارس ان الشاب هو الوحيد القادر على سحب ذكرياته، اما بالنسبة لذكرياتها الحقيقية فالطريقة الوحيدة هي ايجاد ذكرياتها واعادتها اليها...
شكرها الفارس وتوجه مع عائلتها مباشرة الى عالم الشاب، بحث ليجد خيطا من خيوط ذاكرتها فاراه للجميع طالبا اليهم ان يبحثوا خيوطا مثلها مهما اختلفت الوانهم وبدأت عملية البحث حتى جمعوا كمية كبيرة منها، اعطوهم جميعها للغبية فوضعتهم على رأسها لتنظر الى الجميع فتدمع عيناها وتسرع لتعانق امها واباها، انضمت اليهم صديقتها لتعانقهم، ابتسم الفارس لينسحب فناداه والد الصديقة، توقف الفارس لينظر اليه، قال الوالد: كدت ان تتخلص من اللعنة حين جمعت مملكتك لحماية سكان الاحلام... لكن كان ينقصك امرا واحدا لتتخلص منها، للاسف بدلا من ان تقترب ابتعدت... جد ما ينقصك واعدك ان اللعنة ستفك منك تلقائيا...
ذهب والد الصديقة بعد ان اطمئن على الاوضاع ليقف الفارس شاردا فيما قاله والد الصديقة محاولا ان يقهم ما هو الشيء الذي لمح اليه ان يصل اليه... ربما توصل للحل لكنه يرفضه لو كان هو فعلا...
سار تجاههم ليسقط عليه نظر الغبية فتنظر اليه بتعجرف: وانت ما الذي اتى بك الى هنا، انها جمعة عائلية..."
ابتسم تلقائيا ليقول بانزعاج:" تبا... أعدت بتلك السرعة لطبيعتك..."
ابتسمت له بشقاوة بينما هو اكتفى بتأمل لم الشمل مبتسما...
----#-----؛
بعد ساعة من العناقات والاحاديث المفعمة بالشوق لغبيتهم التي استعادت الذاكرة، مل الفارس من تواجدهم في هذا العالم فهو لم يحمل فيه الا الذكريات السيئة، اقترب من الجميع لسقطع احاديثهم سائلا ان كانوا يرغبون في العودة لعالمهم، ابدا الجميع موافقته بينما نظرتوالغبية للعالم بشيء من الحزن، جلس الفارس الى جانبها ليسألها عن مشاعرها تجاه الشاب بعد ان استعادت ذاكرتها، نظرت اليه بحسرة لتقول له:
- احمل اليه شوقا حامحا... لا استطيع ترك التفكير به للحظة، اشعر برغبة عارمة للقياه وضمه الي و...
- لكنه حب زائف... كما انه حاول ان يقتلك...
ابتسمت ساخرة من كلامه لتقول: ذلك الحب ليس زائفا، بل مستعارا... اعارني حبه ليعلمني مدى حاجته ليكون بقربي... وانا بعد نحرتي لمشاعره تجاهي لن الومه على فعلته بي... فربما كنت لافعل الامر نفسه لو كتت مكانه...
- انت مجنونة، تتحدثين هكذا لانك مة زلت تحت تأثير مشاعره
- بل انا جتدة بكل كلمة اقولها...
التفت الجميع عند سماعهم لخطوات قادمة من الخلف ليروا شابا احمر الشعر اخضر العينين متوحها نخو الغبية، ما ان رآه الفارس حتى شهره اليه سلاحه بينما تجاهلت الغبية صنيعه لتسرع الى الشاب لتعانقه، امسكها الشاب من زنديها ليمنعها من عناقه قائلا بحزن، ان اردت ان تفعلي ذلك فافعليه بإرادتك ليس لانك واقعة تحت تأثير مشاعري...
مد يديه ليسحب من رأسها ذكرياتها الزائفة لكن الفارس سحبها ليرجعها للخلف وهو يصرخ: ابتعد عنها ايها المتوحش، الا يكفك ما فعلته بها حتى الان؟...
دفعه الشاب بغضب قائلا: لا تتدخل بيني وبينها...
هاجمه الفارس ليبدآ عراك صبياني حتى وقفت الغبية بينهما محاولة وقف النزاع، ابتعدا عن بعضا بضيق لتعاتبهم الغبية حتى اخيرا قال الشاب:
- هلا سمحت لي بكلمة جانبا؟
تبعته الغبية دون تفكير فامسكها الفارس من يدها ينظر اليها صامتا، نظرت اليه الغبية مستغربة فقال لها انها لا يمكنها ان تثق يه لتذهب وحدها معه، ابتسمت له الغبية قائلة بلطف: "لا تقلق سأعود حالا" سحب الفارس يده بحزم وانصرف غاضبا، استغربت العبية تصرفه لكنها لم تبالي كثيرا فتبعت الشاب ليقفا بعيدين خلف شجرة...
نظرت اليه الغبية مستغربة لتسأله: كيف نجوت؟... ظننتك مت
ابتسم الشتب يحزن ليقول: لقد كدت ان اموت فعلا... كدت ان اقتل نفسي بنفسي
زاد استغراب الغبية ليخرج من جيبه خيط اسود من ذكرياتها ويقول: هذه الذكرى المريرة التي يكرهها كلانا، يوم هاجمتك على هيئة عنكبوت... لثد ادخلها يومها الفترس في رأسي، وانتقل رهابك للعناكب الي، وصرت ارى نفسي اتحول الى عنكبوت وقد اجن واموت رعبا... اضطررت الى ان استعيد ذكرياتي الاصلية الى انني لا اخاف العناكب وحينها خلصتك من رهابك المشؤوم ذلك، وهكذا نجوت بأعجوبة، لكن لزمني وقت طويل للشفاء حتى عادت الي طاقتي كما احتاج... نظر للخيط بيده قائلا: على كل حال انا لن الاحقك بعد الان، بعد ان شعرت بالذي جعلتك تمرينه ارى انني لا استحق منك نظرة رحيمة... لا استغرب خوفك الدائم مني بعد ما حدث... على كل حال الان خلصتك من خوفك للعناكب فلن تخافي منها بعد اليوم...فلا باس بأن اعيده اليك، والان هاتي رأسك لاسحب ذكرياتي كي اخلصك من ضياعك...
اقتربت منه ومد يديه الى رأسها وسحب تلك الذكريات، فتحت عينيها لتنظر اليه فتدمع عينيها ثم تقول: "لا ادري ان احسدك ام اتحسر عليك على تلك المشاعر... كانت تجعلني اعيش في عالم وردي رخيم والان اضحيت اشعر بنوع من للفراغ..."
ابتسم الشاب بألم ليكمل عنها:"لكن بالمقابل انت لا تبادلينني تلك المشاعر، وهكذا سأعيش مع بؤسي الى الابد"
اطل الفارس من خلف جذع الشجرة ليقول بملل:"الم تنتهي تلك لكلمة بعد؟..."
نظر كلاهما اليه ثم نظر لبعضهما، ودعته ثم نسحبت وتبعها لفارس بعد ان نظر للشاب نظرة استصغار، ترقب الشاب تجمعهم ثم اختفوا، اغمض عينيه حزينا لعلمه ان هذه اللقاء لن يتجدد ثم دخل لمضجعه لينام في سبات لسنين
__________________؛
وصل الجميع الى عالمه مسرورا وانطلق كل واحد منهم الى عمل يشغله، قبل ان تنطلق الغبية ناداها، التفتت اليه، اخذ نفيا استعدادا ثم سألها:
- ما رأيك بسكان الاحلام
صنعت نظرة مستغرية ثم قالن: انهم ناس مثلنا، بينهم المزعج مثلك واللطيف مثل المسؤولة، لا يحملون طابع معين كي يكون رأيي فيهم ثابتا
- لا انت لم تفهمي قصدي، ما قصدته، عالمنا ببحد ذاته ما رأيك به، وحودنا بينكم، هل تظنين اننا محرد وهم لا وحود لنا الا في مخيلتكم؟...
- تفمرت بالامر قليلا ثم قالت: لا اعلم ما قصتكم بالضبط، لكني لا اظنكم مجرد وهم، فلا يمكن لوهم ان يشترك بين الناس دون ان يخبر الاول عنه للاخر، اذ باتت سيرتك على لسان كل البشريات في عالم الواقع، وكل منهن تصبوا الى ان تحلم بك... لا اظن ان ذلك يكون وهما ولكن في الامر سر ما لا اعرفه...
تلقائيا لسماع كلامها ابتسم الفارس ابتسامته الواثقة ليقول: وانت بالتأكيد مثلهن تتمنين ان تحلمي بي
نظر اليها ليجدها غارقة بنظرتها الغبية بسبب ابتسامته الساحرة، شعور غريبا تغلغل لداخله اذ اشتاق لهذه اللحظة منذ اعوام، رفع قبضته ليطرق على رأسها فيجدها احتمت بذراعيها قائلة: توقف لقد عدت للواقع
- لاا انت ما زلت في الحلم
- ما اقصده... انت تعرف ماةاقصد والان عائلتي في الانتظار
اسرعت اليهم ليمسكها من كفها ويعيدها اليه، امسكها من ذراعاها مغمضا عينيه ثم فتحهما ونظرر اليها مباشرة، احست بجديته من نظرراته حتى ارضخت جميع حواسها لما سيطلق فاهه من كلام حتى قال: ما شعورك تجاهي؟
توردت خداها بينما هو افلتها مغمضاةعيناه يتمتم بعض الشتائم لغبائه اذا انه كان قد قرر نسيانها والاستماع الى نصيحة النتن، لكن مشاعره امتأججة سبقت عقله وجعله يقوم بما قام، لكن ما لبثت ان اختفت مشاعره المتأججة بسبب رد الغبية، بملامح جدية وباردة اجابته: انت تعلم ما كان اخر لقاء بيننا قبل هذا اللقاء... فما تظن ستكون مشاعري تجاهك؟ انت حاولت قتلي ولسبب... اطلقت تنهدة لتخفف من عقدة لسانها ثم قالت: "لثد كنت اراك يوما على انك المنقذذ في عالمك المتوحش، وربمة كنت لاهبك يومة ما خيالي لتنظم عالمي، ولكن بعدما رأيته منك ذبك تىيوم لا يمكنني الا ان اراك اناني متوحش لا يهمه الا نفسه...
طأطئ الفارس رأسه بحزن ثم قال: انت تعلمين انني حاولت قتلك انت والشاب لانكما علمتما بشيء عني لا يجب عليكنا معرفته
- لم نعلم بشيء، قتلتنا لمجرد ظنك باننا نعلم
- اتريدين ان تعلمي؟
- لا لا اريد... لتخاول قتلي مرة اخرى؟
- لا... بل لتحكمي علي، انه سسر لا يعرفه غيري
صمتت الغبية تنظر اليه حتى مد يده يدعوها للذهاب معه فما كلن منها الا ان مدت يدها اليه، اتصل بالمسؤولة ليطلب اليها ان تعيده لعالمه، نظرت المسؤولة اليها مصدومة ثم الى الفارس لكنها ظلت صامتة، دخلها الفترس غرفته ثم توجه الى صندوق خشبي على هيئة صناديق الكنوز، فتحه لتتغير معالم غرفته الى طبيعة جميلة غناء انتشر فسعا ازهاؤ الربيع البيضاء، سارت الغبية تنظر حولها مدهوشة لترى فتى يلعب بعيدا مع فتاة، وقف الفارس بقربها وسألها:"اتعلمين من هولاء؟
امعنت النظر لتقول"الفتى يشبهك"
هز راأسه قايلا"انه انا بالفعل... منذ قرابة سنة" نظرت اليه مستغربة ثم قالت:"اذا هل هذه ذكرة لك في الماضي؟.."
هز راسه ايجابا ليردف: وهل تعلمين من هي الفتاة؟"
نظرت لتراها فتاة بيضاء بخدود موردة، شعر بلاتيني وعيون زرقاء، فستان بسيط ابيض عليه رسومات ازهار الربيع، هزت رأسها تنفي معرفتها لها فقال الفارس" انها زهور الربيع... اخت صديقتك" نظرت اليه بصدمة لتقول:
- زهور الربيع لا غيرها؟ لم يكن هكذا شكلها!...
نظر اليها الفارس مستغربا:
- هل التقيتها مسبقا؟
- بالطبع، لطالما كنت التقيها عندما كنت تذهب لزيارة كارلا صديقتي
شرد الفارس بكلامها ليقول: تقصظين انك كنت ترينها عندنا تزيرين صديقتك في الاحلام
- لا... بالكاد كنت اراها في الاحلام فلم نكن صديقتي كنت ارى فقط كارلا
- حينها قال بصدمة: انت قابلتها في عالم الواقع!
- وما المشكلة في ذلك؟..
- ما المشكلة؟... لقد كانت من سكان الاخلام فكيف تقابلينعا في الواقع!؟
- اطلقت ضحكة ما ان سمعت كلامه لتعيد اخر جملته مستنكرة: كانت من سكان الاحلام؟... كيف تكون كذلك وامها واباها من سكان الواقع؟ لقد كانت فتاة عادية مثلي ومثل اختها ومثل اي احد من سكان الواقع
- هه... انت تخدعينني... انا متأكد من انها كانت من سكان الاحلام
- حقا؟... وكيف التقيتها في عالم الواقع؟...
- قد لا تكون هي... لقد قلت انها لا تشبهها
اعاد كلاهما نظرهما اليها لتقول باستسلام: ربما... رغم ان الاسم نفسه...
رأت الفتى والفتاة يتجادلان وقد علا صوت الفتاة بانزعاج، اقتربت منهما لتستمع الى ما يقولان بينما جلس الفارس يراقب عن بعد اذ انه حفظ الحوار عن ظهر قلب:
- قلت لك لا اريد
- لا تكوني مملة...لا يمكنك الاعتماد كل حياتك على والدك... عليك ان تعتمدي على نفسك من حين لاخر
- لقد نهاني ابي عن فعل ذلك، سيغضب مني لو فعلت
- لن يعلم بذلك... اعدك، انا لن اخبره ولن يرانا احد
- قلت لك لا اريد
امسكها من يدها ثم تحول عالمهما الطبيعي الامن الى عالم متمدن، صار في الشارع ممسكا بيدها باحثا عن فريسة بينما هي تحاول الافتلات حتى اخيرا وجد شابة تقف في زقاق تنظر الى ساعة يدها في كل حين، اسرعا اليها ليسلم خنجرا للفتاة وطلب منها ان تهددها بالقتل، دفعها للزقاق واختبأ هو خلف الجدار منتظرا النتائج، اقتربت الفتاة من الشابة وهي ترتجف تخبئ الخنجر خلف ظهرها، ما ان رأتها الفتاة حتى اقتربت منها لتملس على شعرها قائلة: يا اللهي ما الطفك، هل اضعت الطريق...
لم تدري الفتاة ما تفعل فاخرجت الخنجر وطعنتها به، تراجعت الشابة تصرخ بألم فهاجمتها الفتاة مرة لكنها فجأة توقفت دون حراك، حاولت الصراخ لكن بالكاد خرج صوتها، نهضت الشابة واقتربت من الفتاة، اخرجت من شعرها دبوسا طويلا ثم قالت: لن اسمح لك ان تخربي موعدي الذي انتظرته منذ اعوام" اسرع اليها الفارس لكن حين وصل كانت فتاة طريحة على الارض تسبح بدمها، اخذ الخنجر من يد زهور واسرع للشابة لينتقم منها بكن ما ان استدارت الاخرى ووقع نظره الى نظرها حتى تجمد في مكانه، حاول ان يستمر بالهجوم عدة مرات فلم يستطع، خينما خف عضبه وبدأ الخوف يتسلل قلبه اؤاد ان يهرب لكنه ايضا لم يستطع حتى وصلت اليه الاخرى اخيرا، سألته: هل انت مع تلك الفتاة؟
لم يجاوبها محاولا التحرر لكنه لم يستطع مهما حاول، سحبت دبوس شعرها مجددا وقالت: سأسألك للمرة الاخيرة، هل انت مع تلك الفتاة ام لا؟..." علم الفارس ان فرصته في النجاة ضئيلة فما كان منه الا ان يكذب عليها، ما ان حررته من سيطرتها حتى اخذ الدبوس منها وطعنها به مرات عديدة وسقطت ارضا، لم يكتفي بذلك ظل يطعنها طعنات متتالية حتى بعدما توقفت حركتها معلنة موتها.
حين اعياه التعب اسرع الى زهور ليجدها تلفظ انفاسها الاخيرة، قرب اذنه من فمها ليفهم كلامها حتى سمعها تقول:
- ابتعد عني... لا اريد رؤيتك بعد الان... لقد جبرتني على ذلك ثم تركتني اقاصي الرعب وحدي... لم تقم بحمايتي حتى...
امسك يدها بعجل ليمنحها بعد من طاقته قائلا: لم اكن ارغب بحدوث ذلك... لقد خرج الامر عن لسيطرة... سأمنحك بعض الطاقة وستعيشين"
سحبت يدها قائلة: لن اخذك من شيئا، لن تعطيني الا الخوف والرعب
- زهور!... ان لم تأخذي كاقتي ستموتين
- انت تكذب علي كعادتك لتجبرني على ما لا اريد
- لست اكذب... بل انها الحقيقة، هيا تقبليها مني ارجوك
قبضت على كلتا يديها معلنة رفضها حتى خارت قواها بالكامل، اخذ يدها محاولا اعطائها لكنها لم تكن تستقبلها، ارادتها بالرفض استمرت حتى بعد انتهاء طاقتها، ومضات بدأت تتصاعد منها لتتلاشى جزئيا حتى اختفت كليا، حينها نظر ليداه التي خلت منها مصدوما، لم تمر ثوان حتى اجهش بالبكاء، يطلب المسامحة ويترجاها كي تعود، اسود المكان فجأة ليتحول المكان بعدها الى غرفة كبيرة وفخمة غير غرفة الفارس المعتادة، دخل عليها والد صظيقتها كارلا الذي يكون نفس والد مارغريتا، وقف امام الفارس جادا ليقول له:" ما الذي حدث لابنتي" زاد الفارس من طاطئة راسه خجلا لتعيد فيض عينيه بالدموع، اعاد الرجل سؤاله ليجهش الفارس بالبكاء معتذرا:
انا اسف... لم استطع حمايتها... اردت منحها الطاقة لكنها لم تقبل... لم استطع ان افعل شيئا لاجلها، حاولت جاهدا لكن دون جدوى
- ولما لم تأتي لزيارتي مسبقا، لما لم تخبرني بالامر؟ لقد حاولت دعوتك كثيرا ولكنك لم تستجب على دعواتي...
لازم الفارس السكوت فساله الرجل عما حدث بالضبط، ظل الفارس ساكتا، حرضه الرجل ليتكلم فبدر منه اعتذار مرافق للكثير من الدموع، سكت حينها الرجل مصدوما ليقول بعدها: "لا تقل انك دعوتها لإفتراس الطاقة من سكان الواقع؟"
- لم اكن ادري ان ذلك سيحصل، لطالما ذهبت بمفردي ولم يحصل شيئا من ذلك... اردت حمايتها لكنني لم استطع...
وضع الرجل يده على راسه من الصدمة ثم اقترب من السرير فاقدا توزنه ليجلس عليه، فكر بالامر مرارا وتكرارا، لم يستطع تحمل فكرة ان صغيرته ماتت بتلك الطريقة، بجدية تامة قال بعد ان نظم افكاره:
- لقد وثقت بك... لكنك لم تكن عند ثقتي، لطالما اخبرتك انني لا اريدها تعتاش كسكان الاحلام... لا اريد لها ان تتعلم الافتراس، ووعدتني انك لن تسمح بحدوث ذلك...
لقد كنت اقرب شخص اليها وخنتها هكذا...
اخذ الفارس يعتذر مرارا وتكرارا عله يخفف من تأنيب ضميره بمسامحة والد مارغريت له لكن الوالد اكمل:
حفاظا على قلبها الذي احتواك لن اقتلك، ولكن اعلم انني غاضب عليك ولن اسامحك ما حييت، ستلازمك لعنتي اين ما حللت واينما ذهبت، لن تهنئ باي من علاقاتك وستلاحقك التعاسة الى الابد." فتح الوالد باب الغرفة وسار للخارج بينما غرق الفارس في عالم اسود من التشاؤوم والكآبة ثم انجلى الاسوداد ليعود كل شيء الى داخل الصندوق فيغلقه الفارس، نظرت اليه الغبية بصدمة وعيناها تفيضان بالدموع، قال الفارس، هذه هب الحكاية التي لم اشأ لاحد ان يعرفها، ولأجلها قتلتك انت والشاب، لم يعرف بها احدا غير والد مارغريت والان تعرفين بها انت ايضا، فاحكمي ان كانت محاولتي لقتلك في محلها ام كنت مخطأ في ذلك...
مسحت الغبية دموعها لتنظر اليه شاردة ثم قالت:" قصتك حزينة... ومؤثرة... لكن لست افهم الى الان لما تردت قتلي لاجلها
ابتسم بانزعاج ليقول:" انت بالفعل غبية، فكري بالامر، انا فارس الاحلام الذي تنظر اليه كل عسون سكان عالمي على انني المنقذ، ماذا سيحدث لو علموا انني قتلت اقرب الناس الى قلبي...
- واردت ان تغطي على جريمتك بجريمة اخرى؟... ام لا باس ان كانت التي قتلتها غبية؟...
- ليس الامر كذلك ولكن
- اجبني انت... هل ترى الامر مقنعا ان تنهي حياتي وتخرم كل من يحبني مني كما خرمت عمي من مارغريت لتغطي جريمتك
- عالمي يحتاج الى تنظيم ولا سنظمهوتحد سواي، ولو نبذوني منه لخرب عالمي...
- اذا انت ترى الامر منطقي؟
سكت الفارس لا يدري ما يختار فاكملت الغبية: اذا هنيئا لعالمك بك، اعدني الى عالمي...
- دعينا نتكلم بالامر اكثر... لا اريد للمسألة ان تنتهي هكذا
- اعدني
- اسمعيني
- لا اريد... اعدني فحسب...
سك الفارس على اسنانه غاضبا فأخرج خنجره ليطعنها به، اسرعت خطوات للخلف قائلة: لم يكن هذا ما قصدته
- ببرود اجابها: لست الوحيدة التي لا تحسن الاستماع هنا...
طعنها لتعود لعالمها تشهق من الفزع، نظر والداها اليها مستغربين ثم ركضا اليها ليطمئنان عليها، ما ان رأوها انها تذكرتهما حتى عانقاها وقبلاها شاكرين الله عل نعمته عليهم، مدت يدها موضع الطعنة لتقول:"تبا...فارس الاحلام ذلك الغبي دائما ما يفعل بي ذلك..."
الروائية الصغيرة
الروائية الصغيرة
Admin

عدد المساهمات : 14
تاريخ التسجيل : 18/03/2016

https://kawadr.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فارس الاحلام Empty رد: فارس الاحلام

مُساهمة من طرف الروائية الصغيرة الثلاثاء سبتمبر 20, 2016 11:00 pm

الدخيل

جلست على عرشها تراقب المدعوين في صالة الاحتفال حتى قاطعهم حرسين يجران فتا مكبلا بالسلاسل، يبدو على وجهه الشحوب، رموه امامها لينحنوا باحترام ثم يقول احدهما: "مولاتي، هذا لص دخيل كان يحاول ان يسرق حياة بعض سكان ضواحي عالمك...
نهض الدخيل عن الارض، جلس امامها باحترام ليرفع طرفه الذي اجهدته الحياة فيقول: هذا غير صحيح سيدتي لقد كنت...
اتته ضربة من احد الحرسين ليسقط ارضا فيبقى راضخا منزلا راسه ليقول الحارس:" لا تتكلم دون اذن في حضرتها"
بدر اعتذار من الدخيل ليملئ الارض بدموعه الجارية، استغربت الغبية من ردة فعله لكنه اصابها في الصميم حين قال:" لا بد انكم ستأخذونني الى المحكمة ثم تنفذون على حكما جائرا دون ان تستمعوا حتى الى قصتي كما يحدث في العديد من العوالم..."
اخفضت الغبية بصرها بحزن لتذكرها ما حدث معها في عالم الطفل الشقي حين سجنت دون ذنب، نادت الدخيل ليرفع نظره اليها بانكسار فتطلب منه ان يحكي لها قصته... نظر الدخيل الى كلا الحارسين بظفر لينهض منفضا كفيه ثم يعقد ذراعيه متفكرا: من اين ابدأ السرد؟... اها ها هي...
كنت اعيش حياة بسيطة في بلدتي التي تربيت فيها منذ نعومة اظافري، لكن فجأة هاجمها وحوش واكلت نصف ساكنيها، الرجال حاولوا الدفاع عن البلدة لكني ضعيف البنية وجبان منذ ولادتي، وهذا ساعدني على البقاء حيا من حينها للان، فانا اشك ان هناك من نجاة من البلدة حتى يعاوني على مشقات الحياة وننشئ بلدة جديدة باسم بلدتنا القديمة، وهكذا وجدت نفسي وحيدا اسير في اراض الله الواسعة ابحث عن عمل كي انتج منه لقمة العيش، ولكن لم اجد من الناس حولي الا المذلة والمهانة، تحاملت على نفسي ورضيت بعيشة الذل حتى ابقى انسان شريف ولكن الى متى يمكن للصبر ان يطول، قررت اخيرا ان احترف مهنة ما دون ان احتاج فيها الى احد...
- اتقصد مهنة حرة؟
- حسنا... يمكن القول الى حد ما... الا ان هذه المهنة لا تحتاج الى نقابة
- وهل هذا ممكن
- بالطبع... فها انا امامك خير مثال... حسنا لنكمل القصة...
فجأة وجدت نفسي في مدينة للاثرياء، ظللت اجرب حتى اتقنت خرق الثغرات الامنية للمدن وصرت اسرق من بيوتها واحد تلو الاخر حتى امتلئت حقيبتي بالذهب الخالص والجواهر النفيسة وحين لم تعد تتسع بدأت احشي جيوبي حتى ثقلت جاكيتتي وكذلك سروالي واصبح السير صعبا بها، حين قررت ان اعود لمنزلي أضعت طريقي، وبين ثقل الجواهر وتعبي صرت اتيه الطرقات، فمررت بكل طريق ما يقارب الخمسين مرة، قررت ان استعمل الجواهر كي اعلم الطرقات التي امر بها كي لا أضيع وقتي بالسير في شوارع مررت بها قبلا، وصلت اخيرا لمنزلي عبارة عن كوخ كنت قد بنيته مؤخرا، وحينها كان قد طلع الشمس علي، لم تكتمل فرحتي بعودتي للمنزل لأرى جيوبي فارغة، خرجت من المنزل لاستعيد المجوهرات من الطريق فأجد الشرطة امام باب داري تطلبني للسجن، اخذوني لمحكمة قاضيها كان نفس حارس السجن وفي الوقت نفسه كان ايضا الشرطي...
نظرت اليه الغبية مصدومة: أتقصد فارس الاحلام؟...
- نظر اليها بسعادة ليقول بحماس: اجل... انه هو بالضبط... اردف مستغربا: هل تعرفينه؟... لا تقولي ان حكمك نفس حكمه؟
- لوحت بيديها تنكر الفكرة: لا لا ابدا... ليس الامر كذلك...
اظهرت الضيق لتقول: لكنني مررت بتجربة مشابهة
- ظهر الاسى على وجهه ليقول: اشعر معك... لقد كانت تجربة مقيتة...
فجأة تذكر شيئا ليقول: لكنك اميرة فلما عساك تسرقين؟...
- غطت عيناها بكفها متحسرة لفضائحها التي تتوالى امام الملأ فقالت: القصة معقدة دعنا منها، اجبني كيف هربت من الاعدام؟...
احمرت خداه خجلا ليقول بتلعثم: "خادمة كانت تعمل هناك اعجبت بي، رغم انها كانت مجنونة الا انها استطاعت تهريبي" قال وهو يحك ذراعه مقشعرا:"وايضا طلبت رقم هاتفي لنبقى على اتصال... فلتحلم"
ظهرت الحيرة على وجه الغبية لتقول: وهل سمح لها فارس الاحلام بتهريبك
- لقد كان حينها بمهمة... اخبريني انت كيف هربت؟
- صدمت من سؤاله اذ انها هي ايضا تخلصت من تلك المعاناة، تريد ان تتحدث بالامر لكن ليس امام الجميع، نهضت عن كرسيها لتعلن عن انتهاء الحفل بسبب انشغالها بمحكمة الدخيل وفجأة خلت الصالة من الجميع الا منها ومن الحارسان مع الدخيل ومن صديقتها، نظر الدخيل حوله ليقول بذهول: لا اصدق.... كيف فعلت ذلك؟... هل انت ساحرة؟
نظرت اليه الغبية لتقول:" الست من سكان عالم الاحلام؟..."
نظر اليها مستغربا ليقول:" سكان الاحلام... لا صدقيني، انا اكثر انسان واقعي قد تجيدينه في حياتك... انا عبارة عن عقل متنقل
تهربت منها ضحكة خفيفة ثم قالت: ليس هذا ما قصدته بل...
قطع عبارتها الحارسان حين نهاها عن تكملة كلامها ليسرع احدهما اليها فيهمس لها ان لا يجب على اهل الواقع ان يعرفوا عن سكان الاحلام، اومئت موافقة ليعود الحرس الى حيث كان ليقول الدخيل: ما الذي حدث؟... ماذا قال لك... لا بد انه نصحك باعدامي... انا فعلا بريء مما يدعون
الغبية: هذا صحيح... لقد سمعت كل قصة حياتك والى الان لم اسمع ما الذي اتى بك الى عالمنا
حك رأسه متفكرا ليقول:
تعلمين اننيي هربت من فارس الاحلام و... صحيح وانت لم تخبريني، كيف هربتي من الاعدام...
- نهضت منتفضة لتقول: يا فتى انت تراوغ كثيرا... لن استغرب ان لم يستمعوا الى قصتك في المحكمة...
اعتذر الدخيل ليكمل قصته قائلا: حسنا حسنا سأكمل... لكن تذكري، بعد انتهاء قصتي ستخبريني كيف هربتي
- فركت جانبي رأسها باصبعيها لتقول بانزعاج: فليكن ولكن دعنا ننتهي اليوم من قصتك...
- اكمل الدخيل:
وكما تعلمين هربتني المجنونة من تلك الزنزانة وهربنا سوية واثناء الطريق اشتاقت لاهلها وعادت وعدت انا لوحدتي... فوصلت لعالمكم وحاولت الدخول لكن حارس بوابة مدينتك لم يكن يدخلني فتشاجرت معه وهنا ظن هذان الاثنان اني احاول سرقة حياتهما
- اجاب الحارس: بل طاقتهما
هز الدخيل كتفه بلامبالاة قائلا: وما الفرق
اراد الاخر ان يجيبه الا ان الملكة طرقت بمطرقتها الخشبية على طاولة المحكمة لينظر اليها الجميع فتقول: سأفكر بامر هذا الدخيل، ترفع الجلسة لحين توصلي الى حل عادل...
ناداها الدخيل ليقول لها: مهلا فخامتك
توقفت عندها والتفتت ببرود للخلف بنظرات مستفسرة ليقول:
لم تخبريني كيف هربتي من السجن رغم شدة الحراسة هناك...
اخفضت الغبية طرفها لتقول: حينها اصابني صداع شديد مفاجئ فقام الحارس باطلاق النار علي
- قام فارس الاحلام باطلاق النار عليك!...
- لم يكن فارس الاحلام بل غيره، لقد كان الفارس بمهمة
- هكذا انتهت قصتك؟... ولم يعد يلاحقك؟...
- لا فقد التقيت به مرات عديدة لكنه لم يوديني الى السجن
- ولماذا؟...
- لست مهتمة... هل لديك المزيد من الاسئلة؟
- ان تذكرت المزيد ارسل اليك رسالةعلى هاتفك، هل لي برقمك
نظرت اليه الغبية بطرف عين لتقول: خذو ضيفنا الى زنزانة مناسبة ليقضي بها الفترة المحددة لنرى ما سنفعل بامره...
انحنى الدخيل باحترام شاكرا اياها ليسحبه الحارس دون سابق انذار ليأخذه الى زنزانته لكن تفلت منهم في نصف الطريق لينادي الغبية:
- فخامتك... مهلا
التفتت اليه بانزعاج لتقول: والان ماذا
- تفكر بارتباك ليقول: بما انك كنت لطيفا معي رأيت ان لا بد ان أكون صريخة معك... نظرا لخبرتي في اقتخام الدن مؤخرا، اكتشفت ان مدينتكم لا ثغرات امنية فيها وهذا لانها هي بحد ذاتها ثغرة عملاقة، كل من اراد يدخل اليعا ويخرج منها دون استئذان
التفتت الغبية بالكامل تجاهه لتقول بتحد: اذا كيف امسكك حرسي
حك رأسه قائلا: في الواقع انا مغتاد على الامن من النوع المتطور، لم اكن اتوقع وجود حرس، اشعر انني اعيش في العصور الوسطى
- المهم انك لم تستطع الدخول دةن اذن...
- اذا برأيك هذا هو المهم، وتعدقدين ان هذا الامن كاف!... سابرهن لك غدا عكس ذلك، اسمعيني جيدا وركزي معي... سأخرج من الزنزانة دون ان ينتبه الي احد، وسأكون اول من ترينه غدا عندما تفتحين عينيك عند الصباح قربك في الفراش
شهق الجميع من وقاحة كلامه لينسحب الدخيل فخورا بينما الغبية تصيح به كي يختفي من امامها...
--------؛----------
احست بدغدغة في انفها عرقلة نومها الهادئ لتحكه وتعود الى احلامها الجميلة فتشعر مجدا بدغدغة في انفها، استمر الوضع هكذا عدة مرات الى ان فتحت عينيها ليستقبلها وجه الدخيل مبتسما فيقول: "صباح الخير" تراجعت عنه فزعة حتى سقطت مع بطانيتها على الارض، نهضت وهي تحك رأسها الما حتى نظرت اليه:" ماالذي تفعاه انت هنا" رفع الريشة ليقول:"اساعد سعادتك على النهوض باكرا..." نهضت منتفضة: "ومن سمح لك ان تدخل غرفتي... اخرج من هنا"
ابتسم بثقة عاقدا ذراعيه ليقول:"لقد اخبرتك البارحة انني سأكون اول ما تراه عيناك صباحا..."
توقفت تفكر حتى تذكرت كلامه البارحة لتنظر اليه مصدومة:" كيف استطعت الهرب؟...
نفخ ريشه ليقول متفاخرا: سر المهنة
- نظرت اليه متفحصا لتقول: علمت ما جرى... انت توأم الدخيل...
فنجر عينيه مصدوما ليقول بحزن: لو كان لي اخ لمات في مدينتي على يد الوحوش
اطرقت الاخرى بحزن لتنظر اليه بحماس:" بما ان لا مكان لك تذهب اليه، ما رأيك ان تعيش هنا معنا وتساعدنا في التخلص من الثغرات الامنية في مدينتنا... وهذا نكون قد كلانا مستفادين
ابتسم الدخيل بمكر ليقول: تريدين ان ادلكم على الثغرات... ليس الامر بذلك الامر الهين...
تلألئت عيناه السماوية عند تفكيره بتلفكرة ليصرح عنها قائلا: ذلك سيكلفكم الكثير من الذهب والمجوهرات...
- نظرت اليه الغبية بانزعاج لتقول: الا يكفي انني اقدم لك مسكنا بيننا وانت غريب بل متهم بالسرقة عبي ان اقنع الجميع بفكرة مكوثك بيننا
- انت الملكة ولديك كنوز لا تفنى
- وهي ليست لي بل لسكان عالمي
- لكني سأصبح منهم
- حسنا حسنا... سأعطيك البعض منهم
- البعض؟... مدينتكم مبتدئة، ليس فيها شيء من التطور، علي ان اقلبها رأسا على عقب
تأففت باستسلام قائلة: حسنا سأعطيك ما تريد بشرط ان لا تتخطى ميزانية الدولة
ابتسم الدخيل متفائلا قائلا: هذا رائع (فرقع اصابعه قائلا) اذا... متى تنوين ان تبدئي العمل
اشارت الى نفسها بصدمة: ابدأ العمل؟ الست انت من سيتكفل بذلك؟...
- الحماية تعتمد على الخيال، ولا يمكن لاحد استعمال الخيال في مدينتك غيرك انت...
- تنهدت بانزعاج ثم قالت: اذا علام تطلب الذهب ان كانت انا من سافعل كل شيء
- قال مشيرا الى رأسه: الطاقة الذهنية... كما تعلمين اغلى من الطاقة الجسدية، والا لعلا راتب العتالين على رانب المفكرين...
نظرت اليه بغضب لتقول: اتقول عني عتالة...
- انحنى باحترام ليقول: حشاك انت ملكة المدينة الفاضلة
ازاحت وجهها بعدم رضا ليضحك من دلالها المفرط، حمحم برسمية ليكمل بجد: اذا... متى تنوين بدء العمل؟...
طلبت صديقتها لتحضر اليها جدول اعمالها لليوم فتطلق تصفيرة مثقلة ثم تنظر اليه كأن مصيبة اصابتها قائلة: يومي ممتلئ بالكامل... لا يمكنني ان اعمل اليوم
حك رأسه مفكرا ليقول: وماذا عن غدا
ارتها صديقتها جدول اعمالها في الغد لتشهد عاى شفتاها وهي تهز نفيا
- قال: حسنا ... بعد غد
- الامر نفسه...
- بعد اسبوع؟
- نظرت اليه بحرج لتقول: الامر نفسه
- فنجر عينيه ليقول بقلة صبر: وبعد شهر
- اضافت الى نظرات الحرج ابتسامة بريئة ليقول: ماذا؟... هل جهزت جدول اعمالك لمدة سنة؟...
اخذ جدول اعمال اليوم من صديقتها ليرى ان كان بامكانه ان يستخرح ولو ثانية بين اعمالها المكثفة لكن فجأة فرغ فاهه ليمزق الجدول ثم يدوس عليه قائلا: ستأتين اليوم معي، لا يمكنك ان تذهبي لتبضع وان ترقصي في الحفلات وتقيمي السهرات بسنما اي عدو يمكن ان يتسلل لمدينتك
اخذ يسترجع انفاسه ليرى الغبية وصديقتها ينظران اليه بصدمة
اخذ نفسا عميقا ثم اطلقه ليقول بهدوء: اسف على ما بدر مني... لكن تعلمين ما حدث لمدينتي... لذا لا ارغب بمشاهدة تلك المشاهد مرة اخرى
اخفضت كلا الفتاتين نظرهما بحزن لتقول الغبية: اظن انك محق... لا يجب ان اضيع الوقت، فهناك وحوش تمحي عوالم بلا رافة، لذا يجب ان نستعد
هز رأسه موافقا الاميرة لتنطلق معه لخارج الغرفة فيوقفها مستعجلا: مهلا مهلا
نظرت اليه مستفسرة ليقول له: هل ستذهبين بقميص النوم
نظرت لنفسها لتضع يدها امام فمها بحرج، التفت حول نفسها لستحول ثوبها الى ثوب فاخر وراق، نظر اليها الدخيل بذهول ليقول:" لست اظري لما تخططين للتسوق وتملكين ذلك الخيال"
ابتسمت بغنج لتقول: للتسوق لذة خاصة لا اجدها في الخيال، هلا ذهبنا الان؟...
هز برأسه نفسا ليقول لها: كذلك هذ الثوب لن يليق بالعمل، ارتدي ملابس عادية
تنهدت بملل لتمزق فستانها فتظر السترة الجلدية مع سروال الجينز الممزق عند الركبتين، استغربت لما ظهرت هذه الملابس بالضبط بينما صرخ الدخيل، غيري ملابسك غيريها، لا تطيق رؤية التمزيق عند الركبتين... نظرت اليه مستغربة لحالته المفاجئة فتذكرت المعاناة التي مر بهم مع فارس الاحلام، وبالتأكيد تمزيق الركبتين في السروال ذكره به، غيرت ملابسها الى فستان زهري بسيط عادي لتقول: "هل هذا افضل؟... هل انت راض الان؟..."
اجابها وهو يغطي وجهه بكفه: اي شيء افضل من ذلك السروال...
الغبية: اذا هيا بنا... الى العمل...
انطلقت لتفتح الباب وتخرج من الغرفة الا انه ناداها، مهلا مهلا... الى اين تذهبين؟
- بالتأكيد الى العمل...
- ومن اين ستبدأين؟
- من حيث انت تقرر
- وعلى اي اساس انا سأقرر
- وما ادراني؟!... هذا عملك وليس عملي
- تأفف منها ليطلب من صديقتها ان تحضر له خريطة المدينة، احضرتها ليراها منطقة دائرية تحدوها المحيط من كل صوب، في الواقع ليس ان المنطقة في الواقع كانت كذلك فعلا، لكن خيالها المتمرد اوحى اليها بتلك الفكرة بكذلك ظهرت، نظر الدخيل للخريطة باعجاب ليقول:" اظن ان الامر سيكون اسهل مما ظننت" مؤشرا للخريطة بدأ يشرح لها الخطوات التي سيتبعونها، وبدأ:
- المدينة دائرية، سنقسمها الى ثلاث اقسام وسط المدينة وهي المركز وسيعيش فيه الاشراف مثلك وامثال صديقتك، اما القسم الثاني سيكون عبارة عن حزام يلف المركز وسيمكث فيه الناس الاقل نفعا كسكان الاحلام مثلا، حيث لا يستطيعون العيش بدون سكان الواقع لانهم مضطرين لامتصاص طاقتهم
قاطعته الغبية بصدمة: اتعلم بذلك الامر؟!...
نظر اليها بحيرة ليقول بعد تفكير: كانت زلة لسان... اخبرني صديق بذلك لكنه طلب مني الا اخبر احد عن الامر لانه سيشكل خطرا على سكان الاحلام
ظلت الغبية تفكر بالامر حتى قاطع تفكيرها: "ارى انك تعلمين ايضا بالامر... كيف عرفتي؟..."
نظرت اليه وهي تتذكر "لقد... لقد اخبرني احدهم..."
- من سكان الاحلام ام الواقع...
- الاحلام
ويبدو انه حذرك ايضا من اخبار احد حتى انك لم تخبريني مسبقا
- لقد اخبرني ان الامر سر لا يجب لاهل الواقع ان يعلموا به، لكنه لم يخبرني عن سبب الخطورة
- بعد حديثي معك، اظن ان الكثير من اهل الواقع يعرفون بهذا الامر لكن لا يتحدثون به" وجه نظره الى صديقتها ليسألها: هل كنتي تعرفين بالامر؟
هزت رأسها تنفي علمها بالامر ليقول: حسنا، اتركينا الان من هذا الموضوع ودعينا نعود للعمل
اومئت رأسها بحزن لينظر اليها مستفسرا: هل ضايقتك بكلامي بشيء نظرت اليه لتصطنع ابتسامة مزيفة فتقول: لا... لا شيء
صار الدخيل يشرح التقسيم بينما هي شاردة تفكر بالشاب وكيف تكون حالته الان،
الروائية الصغيرة
الروائية الصغيرة
Admin

عدد المساهمات : 14
تاريخ التسجيل : 18/03/2016

https://kawadr.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى